عشاق الله

مقلوبة رأسا على عقب!

أتت الأشهر القليلة الماضية بتغييرات جذرية، غير متوقعة في حياتي، كل شيء انقلب رأساً على عقب ... حرفياً رأساً على عقب، يا له من عالم غريب! فلقد ساهمت الأزمة الاقتصادية التي ولّدهافيروس الكوفيد-19في تسارع انهيار الوضع الاقتصاديالمتأزم في بلادي منذ العقد الماضي –فكانت الضربة القاضية!

الأيام القادمة ستكون صعبة، صعبة للغاية ... فمن الآن فصاعدا علينا التخلي عن نمط الحياة المريح الذي قد سبق واعتدنا عليه، من رفاهية وأناقةوسفرليكن تركيزنا على العمل جاهدا من أجل تأمين خبزنا اليومي. . تتلاشى المنتجات في السوق يومًا بعد يوم، وتغلق المتاجر والشركات، ويفقد الناس وظائفهم. نحن خائفون جدا. الأمور لن تبق على حالها بعد الآن.

وفي منتصف هذه العاصفة، أرى حولي الناس يعودون إلى زراعة بساتينهم،وها هي ارضنا تنتج ثمارا من جديد حتى ان بعضهم يدعو الرعاة للتجول في مراعيهم وإطعام قطعانهم. أشهد على مجتمعنايتخلى تدريجيا عن عادات المجتمع الاستهلاكي السامة لكي يعود الى نمط بسيط يقيم كل ممتلكاته. تولد جمعيات الدعم كل يوم، ويساعد الناس بعضهم البعض بالقليل الذي يملكونه، والأيدي تمتد لإطعام الجياع، لم أر قط مثل هذه اللفتات الانسانيةالحارة، والدعوات الىالتضامن والرحمة والتعاطف. تذكرني طريقة الاتصال ببعضنا البعض كثيرًا بالصلة التي تربطنابالله تعالى. نحن الآن نركز على فرح الحياة البسيطة للغاية. أشياء نسيناها. أشياء مثل حلاوة التجمع حول فنجان قهوة، أو لقاء بعد شهور طويلة من الابتعاد الاجتماعي. نعم، نحن نتواصل مع جيراننا وأصدقائنا وأفراد أسرنا، وليس هذا فقط... نحن نتواصل مع أنفسنا الداخلية، وأرواحنا، ومع الله تعالى، نطلب منه الرحمة ولكن هل سيستجيب لتضرعاتنا؟ هل سيعطينا القوة لنواصل؟ هل سنبقى متأملين بمستقبل أفضل؟ أجد إجابتي في هذه الآية من روما5 «وبِهِ (سلامُهُ علينا) أدخَلَنا اللهُ إلى رِحابِ فَضْلِهِ حَيثُ نُقيمُ، وفَرِحنا لأنّنا مُتَيَقِّنونَ أنّ اللهَ سيَرفَعُنا إلى مَقامٍ مَجيدٍ.بل إنّنا لفَرِحونَ في الشَّدائِدِ، الّتي تُعَلِّمُنا الصبر وبالصبر يُمتَحَنُ مَعْدِنُنا، والفَوزُ في الامتِحانِ يَبعَثُ فينا اليقين وهذا اليَقينُ لا يَجعَلُنا خائبينَ، فقد أفاضَ اللهُ رُوحَهُ تَقَدَّسَ وتَعالى على قُلوبِنا، فنُدرِكُ بِها مَدى مَحبَّتِهِ لنا».

نرجو أن نجد الأمل في وسط المعاناة، نرجو أن نجد السلام في وسط هذه الأزمة. وإذا كنت أيضًا تمر بأو قات عصيبة، وحياتك انقلبت رأساً على عقب، أنصحك بالسعي أولا روحيا إلى السلام من خلال بناء صلة صحيحة مع الله ومع نفسك والأشخاص من حولك... وعمليا على التركيز أيضًا على الأنشطة البسيطة والمنتجة. لقد ركزت شخصيا على تحسين مهاراتي بالطبخ، ومشاركة الأطباق التي أعدها مع أحبائي، الأشخاص المحتاجين قدر المستطاع. وأنا أدعوكم لتجربة «مقلوبة الباذنجان» في الرابط أدناه، طبق تقليدي شهي مكون من الأرز واللحم والباذنجان، وتسمى المقلوبة لأنها تقلب بعد الطهي تماما كما تقلب حياتنا في بعض الأحيان... رأسا على عقب!