سمكة أم الفقير
لقمة محبة، مبادرة رائعة من قبل مجموعة من ربات المنازل تهدف الى زيادة مقادير الطبق اليومي العائلي ومشاركته مع عائلة مستورة تناضل من أجل الحصول على خبزها اليومي. وهي مبادرة أسبوعية تختار فيها المرأة يوم وطبق ثم تتصل بفريق من المتطوعين يقومون بتغليف الطعام بالطريقة المناسبة المطابقة لمعايير السلامة الغذائية ثم ينقلونها عبر سيارات مبردة الى العائلات المحتاجة.
سمعت عن هذه المبادرة من خلال منصات التواصل الاجتماعي وجذبتني الفكرة لأنها تتطلب مجهود فردي صغير يقتصر على زيادة مقادير الطبخة نفسها وبعض الوقت الإضافي للتحضير لكن النتيجة الجماعية مذهلة اذ انها توصلت لإطعام 20 عائلة محتاجة. فقررت المشاركة وكانت أول تجربة لي بطبق السمكة الحرة على الطريقة الطرابلسية، وطرابلس اللبنانية معروفة كعاصمة الشمال وأم الفقير. والطبق هذا سهل وسريع مصنوع من أي نوع من السمك المشوي وصلصة الطحينة الحارة المميزة والتوابل الأخرى، يتناول عادة مع الخبز، فقمت بشراء ربطتين لإرسالهم الى جانب السمك المطهو مما ذكرني بمعجزتي اطعام الجموع، عندما قام السيد عيسى المسيح بإطعام الاف من الحشود الجائعة بالقليل من الخبز والسمك.
المرة الأولى من خلال مباركة وتكثير خمسة أرغفة من خبز الشعير وسمكتين «وعِندَما أتوهُ بها تَوَجَّهَ (سلامُهُ علينا) إلى الجُموعِ وأمَرَهُم بالجُلوسِ على العُشبِ ثُمّ تَناوَلَ أرغِفةَ الخُبزِ الخَمسةَ والسَّمَكتينِ ورَفَعَ بَصَرَهُ إلى السَّماءِ، حامِدًا اللهَ على فَضلِهِ وكَرَمِهِ، ثُمّ قَسَّمَ الخُبزَ وأعطاهُ لأتباعِهِ الّذينَ وَزَّعوهُ على الناس فأكل الجَميعُ وشَبِعوا. ثُمّ رَفَعَ أتباعُهُ ما تَبَقّى مِن كِسَرِ الخُبزِ الّتي مَلأتِ اثنَتَي عَشَرَة قُفّة. وكانَ عَدَدُ الآكلينَ حَوالي خَمسةِ آلافِ رَجُلٍ، إضافةً إلى عَدَدٍ مِن النِّساءِ والأطفالِ.» متى 19:14-21
والمرة الثانية عندما بارك في الخمس خبزات والسمكتين عندما قال له تلاميذه «كَيفَ لنا أن نُشبِعَ هذا الجُمهورَ الغَفيرَ؟ أينَ نَجِدُ في هذا القَفرِ ما يَكفيهِم مِن طَعامٍ ؟!وسألَهُم عيسى (سلامُهُ علينا) عن كَميّةِ الخُبزِ الّتي لَدَيهِم فعَرَفَ أنّهُم لا يَملِكونَ سِوى سَبعةِ أرغِفة وبِضَعِ سَمَكاتٍ صِغار. فأمَرَ النّاسَ بالجُلوسِ على الأرضِ، وأخَذَ الأرغِفةَ السَّبعةَ والسَّمَكَ، وحَمِدَ اللهَ وشَكَرَهُ على نِعَمِهِ، وقَسَّمَها وأعطاها لأتباعِهِ الّذينَ وَزَّعوها بِدَورِهِم على النّاسِ. فأكَلَ الجَميعُ حتّى شَبِعوا. وبَقيَتْ سَبعةُ سِلالٍ مَملوءةٍ رَغمَ أنّ عَدَدَ الآكلينَ قارَبَ الأربَعةَ آلافِ شَخصٍ، ما عَدا النِّساءَ والأطفالَ.» متى 33:15-38
يعلمنا السيد المسيح من خلال معجزات انجيله ان الشبع لا يتعلق فقط بالشبع الجسدي بل الروحي الذي نشعر به عند المشاركة و فعل الخير وبذل النفس من أجل الأخر، فحين علّق المسيح على الصليب قدم جسده من أجل الجميع وفتح أبواب السماء وأشبع حياتنا بمحبته الغنية وفاض علينا بينابيع الخلاص فارتوت قلوبنا وشبعت، وهو حاضر دائما معنا، ننتظر مجيئه الثاني بمجده ديانا للعالمين، عندها «يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ. وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ، فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الْخِرَافَ مِنَ الْجِدَاءِ. فَيُقِيمُ الْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَالْجِدَاءَ عَنِ الْيَسَارِ. ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ. لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي.» متى25:31-35
ولم أكن أتوقع ان مساهمتي الأسبوعية الصغيرة هذه ستتملأني فرحا وسلاما، غير انني فعليا أصبحت جزء من مشروع أوسع ينبثق من حب العطاء ويصب في بحر معجزات المشاركة المباركة من الله تعالى التي ترفعنا، الى جانب الاعمال الصالحة الأخرى، الى يمين السيد المسيح حين يأتي بمجده ليدين العالمين.
وأخيرا، اليكم في الرابط ادناه وصفة شهية للسمكة الحرة اذ اخترتم صنعها، تذكروا ان المشاركة مع الضعفاء تشبعنا روحيا وتمللأ أنفسنا بفرح كبير.