عشاق الله

الإعجاز الحقيقي للقرآن

  الإعجاز الحقيقي للقرآن

د. عمرو إسماعيل

يدعي البعض ممن يتخذون الدين بضاعة للتكسب من خلال مخاطبة عواطف العامة من الناس الذين يحبون الله ورسوله ان القرآن كتاب أعجاز علمي وليس فقط كتاب هداية ودين وأخلاق كما فهمه المسلمون طوال اربعة عشر قرنا .. ألا يكفينا أطنان الكتب في الفقه والتفسير التي حولت الاسلام من دين عظمته في بساطته الي دين معقد يحوي الكثير من المتناقضات والاختلافات الفكرية والفقهية .. ألا يكفينا المعتزلة والاشاعرة والحنابلة .. ألا يكفينا الغزالي و ابن رشد وابن حزم .. الايكفينا ابن تيمبة وابن عبد الوهاب الي تلميذهما النجيب ابن لادن رائد مفهوم الرعب في الاسلام من قتل وتفجير الي أتباعه الذين فاقوه في الرعب ووصلوا به الي مراحل أعلي من التعذيب والخطف وقطع الرقاب والتمثيل بالجثث.
ألا يكفينا كل ذلك ليأتينا البعض بفكرة الاعجاز العلمي للقرآن تلك الصرعة التي بدأها في العصر الحديث الدكتور مصطفي محمود رائد القص واللزق .. يقص جزء من فيلم علمي أنتجه الغرب الكافر ويلزق عليه جملة من القرآن ثم يصيح أنظروا الاعجاز العلمي فيفرح البسطاء من المسلمين بدينهم وقرآنهم الذي كان يعرف مقدما ما اكتشفه الغرب قبل قرون ولا يسألون أنفسهم أبدا السؤال المنطقي .. أذا كان القرآن يحوي كل هذا العلم فلماذا لم يكتشف المسلمون الذين يقرأون القرآن ويتعبدون به شيئا؟.. ووصل الغرب الكافر الذي لم يقرأ شيئا من القرآن الي كل هذا التقدم العلمي!!!! ثم اوصل الدكتور زغلول النجار حكاية الاعجاز العلمي الي مراحل أعلي من الخداع عبر مخاطبة البسطاء بما ليس لهم به علما .. ونجح أن يحول نفسه من رجل علم مغمور لم يحقق اي انجاز او نجاح سوي الحصول علي قصاصة ورق اسمها الدكتوراه في العلوم الي نجم تليفزيوني و صحفي ..تفرح به الحكومة وتفتح له الابواب المغلقةلأنه يبيع الوهم للناس ويجعلهم ينسون واقعهم المزري من تخلف وفقر وقهر .. أنه فعلا الافيون الديني الذي يجعل الناس تتوقف عن المطالبة بحقوقهم البسيطة الي الحلم ان ما نحن فيه من تخلف سببه الموساد والغرب الكافر الذي سرق منا العلم الذي يحوي قرآننا كل أسراره. ألا يكفينا فقهاء السلطة الذين اقنعونا طوال قرون ان طاعة الحاكم من طاعة الله مهما كان فاشلا أو فاجرا.
والادهي ان يجيء لنا البعض مدافعا عن الاعجاز العلمي للقرآن ويقول:
فهناك الإعجاز بالأرقام والأعداد وهو ما سأفصّل شيئاً منه فيما بعد ، وهناك الإعجاز اللغوي والطبي والتاريخي والجغرافي والفلكي والجيولوجي والاجتماعي والتشريعي وإعجاز الحروف البنائي وإعجازات أخرى كثيرة لم توضع لها أسماء بعد ، مثل إعادة ترتيب حروف القرآن الكريم وفق حساب يخضع للتباديل والتوافيق
وهناك إعجاز في عدد مرات ذكر كلمة البحر وكلمة البر حيث النسبة بين عدد مرات تكرارهما في القرآن كله كالنسبة بين مساحة البحار الى اليابسة على الكرة الأرضية .
منتهي الاستخفاف بالعقول وهو يقول ذلك بجرأة يحسد عليها لأنه يعرف أن الملايين من البسطاء يأخذون كلامه كحقيقة لا تقبل النقاش لأنه يجعلهم يستطيعون بكلامه التغلب علي عقد النقص الكامنة بسبب التخلف الذي يعيشون فيه رغم أن السبب الحقيقي لتخلفهم هم حكامهم وحلفاءهم من فقهاء السلطة وفقهاء الافيون من أمثال زغلول النجار.
لم يقل لنا اذا كان القرآن يحتوي كل هذا الاعجاز ( الطبي والتاريخي والجغرافي والفلكي والجيولوجي والاجتماعي والتشريعي) لماذا يموت المسلم من امراض يسهل علاجها؟ ولماذا يذهب رؤسائنا وحكامنا و الاغنياء منا الي الغرب الكافر للعلاج؟ .. ولماذا لا يقول لنا لماذا اكتشف كولومبوس امريكا واكتشف الغرب النفط داخل أرضنا اذا كان يحتوي القرآن كل هذا الاعجاز الجغرافي والجيولوجي ولماذا كان يصر ابن باز الي وقت وفاته ان الاض مسطحة ويكفر من يقول العكس ولماذا يصر البعض الي الآن ان الشمس هي التي تتحرك والارض هي الثابته.... أنا طبيب وأقول له انا لم أتعلم في كلية الطب ولم أدرس بعد ذلك اثناء الدراسات العليا ألا ما اكتشفه الغرب الكافر في كل العلوم الطبية .. وما قاله زغلول النجار عن جناحي الذبابة لا يمكن وصفه الا بالمسخرة العلمية .. نستطيع ان نفهم هذا الحديث أذا كان قد قاله الرسول صلي الله عليه وسلم بطريقة دينية اما ان يجيء من يقول ان رسولنا قال هذا الحديث لأنه كان يعلم ان جناح الذبابة يحمل ميكروبا والجناح الآخر يحمل مضادا للميكروب فهو يستحق مكانا واحدا وهو مستشفي الامراض العقلية.
طبعا صديقنا لكي لا يجاوب عن السؤال المنطقي لماذا كنا و مازلنا متخلفين فقد استبقنا وقال:
أما من ينتقد المشتغلين بالبحث في إعجاز القرآن الكريم فأقول له إن التحقيق في الإعجاز وإخراج القوانين القرآنية الى أرض الواقع وتحويلها الى صناعات واختراعات واكتشافات هو مسئولية الأمة جمعاء لأن هذا الأمر يلزمه جيش من العلماء المتخصصين في شتى ألوان العلوم ابتداء من النحويين وعلماء اللغة الى علماء الذرة والطاقة النووية ولا أقول انتهاءً بهم
أما الباحث فمهمّته الإشارة الى المعجزة ولفت نظر العلماء اليها ودعوة الناس الى الإيمان بمن أنزل هذا القرآن العظيم
وانا يجب ان أحييه علي ذكائه في كيفية الخروج من المطب ولذا اشاركه في المطالبة ان يدرس القرآن ككتاب علمي في كليات الطب والهندسة والعلوم وأن يتقدم هو و زغلول النجار و زعيمهم مصطفي محمود الي رؤساء دولهم ووزراء التربية والتعليم و رؤساء الجامعات في بلادهم يهذا المطلب (تدريس الاعجاز العلمي للقرآن كمادة اساسية في الكليات العلمية) حتي يتخرج هذا الجيش الذي يطالب به .. وأنا أنبهم لوجه الله مقدما ان مصيرهم في هذه الحالة هو حرمانهم من الظهور في التليفزيون والكتابة في الصحف .. أن لم تكن مستشفي الامراض العقلية هي المصير الاكثر احتمالا.

ياسادة حرام عليكم ,,أن القرآن هو كتاب هداية و أخلاق .. و يكفيه انه أعجاز لغوي

وكم كان علي بن أبي طالب صادقا عندما قال في قضية التحكيم ان القرآن حمال أوجه .. هذا هو الاعجاز الحقيقي للقرآن ,, فأذا فهمناه علي حقيقته نصبح أكثر الامم أخلاقا وعملا وأنتاجا وبالتالي أكثرها تقدمأ ..
أما أذا فهمناه كما يفهمه أصحابنا بتوع الاعجاز العلمي أو كما يفهمه اصحابنا بتوع القتل والخطف والتفجير وقطع الرقاب أو كما يفهمه حكامنا محبي الديكتاتورية والحكم مدي الحياة وتوريث السلطة للأبناء و الاحفاد أو بتوع الدروشة من الطرق الصوفية .. فلا أمل سنزداد تخلفا وفقرا وسنصبح مسخرة العالم أكثر مما نحن الآن .
------------------------


عمرو اسماعيل جاكوش

زميل كلية الجراحين الملكية البريطانية واستشاري جراحة المسالك البولية
مصري الجنسية ومقيم حاليا في القاهرة
كاتب هاوي مهموم بمصر والعالم العربي.. اكتب و أدافع عن الديمقراطية و التعددية كأمل وحيد لمصر والعالم العربي في مستقبل أفضل

------------------------