عشاق الله

ما العشق؟

ما العشق؟
يقول الأستاذ عيسى سابا " إن العشق الحقيقي لم يكن في البداوة وبعض الحضر إلا عشقا روحانيا وحبا عذريا " (ص7) ونموذجه عشق جميل وبثينة. ويذهب ابن فارس إلى أن العشق هو الغرام بالنساء، (9) وقال غيره : أن العشق لا يعرض لغليظ الطبع ولا لفاسد المزاج ووضيع الهمة".

وعرف صاحب مجمع السلوك العشق فقال : "إن بداءة المحبة الموافقة ، ثم الميل ثم المؤانسة ، ثم المودة ، ثم الهوى ، ثم المحبة ، ثم الشغف، ثم التتيم ،ثم الوله،ثم العشق (ص10). كما أن العرب أوصوا بالعشق.فقد قبل: أن سليمان بن عمر قال لأدباء كانوا معه :انتم أدباء ،وقد سمعتم الحكمة،ولكم حداء ونغم ،فهل فيكم عاشق ؟ قالوا: لا.قال: "اعشقوا فان العشق يطلق اللسان ويفتح جبلة البليد والبخيل ، ويبعث على التلطف،وتحسين اللباس،وتطييب المطعم،ويدعو إلى الحركة والذكاء وتشريف الهمة " (ص14).وأخيرا عرف "معجم مصطلحات الصوفية" العاشق بأنه الذي "لا يسمع إلا لمحبوبة، ولا يبصر إلا به، ولا يدرك إلا به وله".

إن العشق الإلهي فموضوعه الله عز وجل.الذي اعتبره العشاق الكبار الكائن الأوحد الذي يستحق كل الحب ويتملك كل الجوارح والذي فيه نظموا أروع قصائدهم وارق أنغامهم. يقول فاروق شوشة : " بتلك القصائد تطهروا وبها فاضت عيونهم بدموع الندم والخشية والتوبة وعمرت قلوبهم باليقين والمحبة والإيمان. (5)

والى هذا الحب الإلهي أشار القران الكريم في سورة المائدة (54) : "فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه"، أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين. كما وفي سورة الـ عمران: " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر ذنوبكم والله غفور رحيم " (31). وفي سورة البقرة "والذين آمنوا اشد حبا لله (165). كما جاء على لسان الرسول الكريم قوله " اللهم إني أسألك حبك ، حب من يحبك ، العمل الذي يبلغني حبك واللهم اجعل حبك أحب إلي من نفسي أهلي ومن الماء البارد". ومن مأثور كلامه أيضا : "من أحب الله فليحبني، ومن أحبني فليحب أصحابي ومن أحب أصحابي فليحب القران ، ومن أحب القران فليحب المساجد……

وقبل ذلك ، قد جاء الأمر الإلهي في التوراة قائلا: "أحبب الرب إلهك بكل قلبك وكل نفسك وكل قدرتك " (تثنية 5:6).أما عيسى بن مريم فقد أضاف إليها "وتحب قريبك كنفسك" (لوفا 27:10) وتابع يقول : "إن كنتم تحبوني فاحفظوا وصاياي " (يوحنا 15:14)، وبهذا يعرف العالم أنكم تلاميذي إن بكون لكم حب بعضكم لبعض (يوحنا 35:13) وأعظم الحب هو أن يقدم الإنسان نفسه فداء عن أحبائه (يوحنا 13:15).

فتعال معي يا قارئي الكريم في رحلة العشق نفتش عن هذا العشق الإلهي في الإسلام والمسيحية وغيرهما من المذاهب والأديان السماوية والأرضية مؤكدين إيماننا بما قاله ابن عربي ، المتصوف الأكبر.

لقد صار قلبي قابلا كل صورة ### فمرعى لغزلان ودير لرهبان
وبيت لأوثان وكعبة طائف ### وألواح توراة، ومصحف قران
أدين بدين الحب أنى توجهت ### ركائبه، فالحب ديني وإيماني.


-------------