عشاق الله

إننا نبدو نحن البشر حاذقين في إنتاج القمامة!

كنت مؤخرا في لبنان. ووقفت على مشكلة هذا البلد مع القمامة. إنها مشكلة عويصة لم يتوصلوا حقا إلى حلها هناك بعد. وكنت  زرت منطقة المقطم نواحي القاهرة منذ سنوات، وهو المكان الذي يتم فيه إفراغ جميع نفايات المدينة التي يعيش على فرزها ربع مليون شخص يقطنون هناك. إننا نبدو نحن البشر حاذقين في إنتاج القمامة

هناك العديد من الأماكن الجميلة في لبنان - شلالات أدونيس ، أرز جبل الباروك، كهوف جعيتا أو وادي قاديشا. وادي نطرون أو أسوان في مصر. في كل تلك الأماكن نرى يد الله الخلاقة.

فلماذا يلطخ الإنسان هذا الجمال بمطارح النفايات البشعة؟

لا ينبغي التعميم مع ذلك، إذ لا يشوه الجميع وجه الجمال. انظر مثلا إلى المباني الرائعة في دبي وإلى الجزر الصناعية، أو شاهد أحدث أفلام نادين لبكي «كفر ناحوم» أو جمال الخط العربي.

إن لدى الإنسان القدرة حقا على الإبداع ولكن لديه القدرة في ذات الوقت على التدمير. من جهة أخرى، يبقى الله وحده المبدع الخلاق، بينما يضطلع الشيطان بمهمة التدمير. لقد خلق الله الإنسان في أحسن تقويم. ونحن نجد علماء ومتصوفين كبارا مثل الشيخ ابن عربي يتحدثون عن خلق آدم على صورة الله. وهو ما يعتقده كذلك أتباع السيد المسيح الذين يشيرون إلى آدم بنفس الوصف.

وَقَالَ اللهُ: «نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا، فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ».
(سفر التكوين 1: 26)

ماذا تعني عبارة أن آدم مخلوق على صورة الله. فلا أحد يضاهي الله تعالى. وإلى أي مدى يمكن اعتبار أنفسنا أبناء آدم الذين خلقنا أيضا على صورة الله؟ إذا طالعنا كتابات الشيخ محيي الدين بن عربي نلمس هذا الصراع داخله وبالتالي داخلنا.

القرآن والكتاب المقدس يعلنوننا خلفاء الله على الأرض.

«وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ.» سورة الأنعام، الآية 165.

وبينما يشير القرآن إلى الإنسان كخليفة على الأرض، يشير الكتاب المقدس إلى سلطة الإنسان وسيادته على الأرض،  ولكن الناس شوهوا كلمة «السلطة على الأرض» لتعني أن الخليقة وجدت لأجلهم بحيث يكون لديهم الحق في السيطرة المطلقة على المخلوقات واستغلالها كما نريدون لاحتياجاتهم الخاصة. ولقد أدى هذا التفكير إلى الكوارث البيئية التي نشهدها اليوم.

لكن كلمةالسلطة أو السيادة لم تكن تعني ذلك في الأصل، بل هي تعني في النص الأصلي تحمل المسؤولية التي لا تختلف عن مسؤولية الحاكم في سهره على  أمن و سعادة ورفاهية رعيته.

لذلك عندما نفكر في الله كصانع مبدع رائع للكون، وخالق لكل واحد منا نحن البشر، علينا التفكير أكثر في كيفية اهتمامنا ورعايتنا لهذا العالم الذي نعيش فيه. هناك حولنا مجموعات واعية كجمعية الأرض – لبنان  TERRE Liban، لكن ما أنذر مثل تلك الجمعيات في وطننا العربي.

نحن الذين نحب الله بقوة نحتاج إلى النظر لخليقته كأمانة نعتني بها ونصونها.