عشاق الله

صوت الله في قلب زلزال إندونيسيا

عندما تأتيني أخبار زلازل مثل التي تلك حدثت الأسبوع الماضي في إندونيسيا، فإن ردة فعلي الأولى عادة تكون على شكل سؤال "لم هذا يا رب؟ لم تترك كل هؤلاء الناس يموتون؟ نعم، أعرف أن الله هو الملك صاحب الحكم المطلق، هو يقرر أمر حياتنا وموتنا، لكن السؤال يبقى صعبا ومحرجا رغم ذلك. يقولون أن 1400 شخص ماتوا في غضون خمسة أيام من الزلزال، وقد يكون العدد أكثر من ذلك بكثير. ومما زاد الطين بلة أن بركانا انفجر وسط إندونيسيا في نفس الفترة، مما عقد الأمر بالنسبة لعمال الإنقاذ الذين كانوا يحاولون مساعدة الناجين من الزلزال.

 

أين الله وسط مثل هذه المعاناة؟

يصف أحد الطيارين هذه المعاناة من وجهة نظره وهو يحاول الإقلاع بالطائرة وسط الزلزال. اسمه الكابتن ريكوزيتا مافيلا، ويعمل في شركة باتيك إير. طار هذا الكابتن من أوجونغ باندانغ إلى مدينة بالو. وكان طوال الوقت يشعر بعدم الارتياح. هو عادة يتغنى بترانيم عن سيدنا عيسى المسيح أثناء رحلاته وهو على متن الطائرة، مما جعل مساعده يطلب منه مرارا مازحا أن ينتج قرصا مدمجا يتضمن ترانيمه.

يقول هذا الطيار: "عادة أهمهم ترانيمي، لكنني في ذلك اليوم رغبت في التسبيح للرب بأقصى ما أستطيع من قوة".

يقول أحد مزامير داود "أيضا إذا سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شرا، لأنك أنت معي. عصاك وعكازك هما يعزيانني." ساورت هذه الكلمات عقل الكابتن ريكوزيتا مافيلا أثناء هبوطه. ذلك أن مطار بالو محاط بسلسلتين جبليتين كبيرتين، وهو ما جعل الطيارين يطلقون عليه اسم "وادي الموت". في ذلك اليوم سمع الكابتن ريكوزيتا صوتا يطلب منه أن يكون أكثر حذرا، لذلك قام بدورة تحليق إضافية قبل الهبوط.

بعد هبوطه بسلام ، ظل الصوت الهادئ يهمس في قلبه موحيا له بالمغادرة في أسرع وقت ممكن. لذلك قطع فترة استراحة الطاقم وطلب المغادرة 3 دقائق قبل الموعد المحدد لرحلة العودة إلى جاكارتا عبر أوجونغ باندانغ مرة أخرى.

كان أنطونيوس جوناوان أجونغ ، البالغ من العمر 21 عاماً ، في الخدمة في برج مراقبة الحركة الجوية في مطار موتيارا سيس الجفري في بالو. وكان قد منح الإذن للكابتن بالمغادرة في وقت مبكر عبر المدرج 33.

عادة يكون الشعور بالزلزال أسرع كلما كان المرء موجودا في مكان أعلى. ولهذا السبب عندما بدأ برج المراقبة يهتز، فر الجميع من حول السيد أجونغ الذي بقي في البرج وحده للتأكد من أن الطائرة كانت تحلق بأمان.

يعترف الكابتن مافيلا بأنه خرق إجراءات الطيران عند الإقلاع عندما قرر التحكم بدل مساعده في دواسات المخنق لزيادة السرعة عند الإقلاع. فقد شعر كأن الله يمسك دواسة المخنق بواسطة يده فيما بقي مساعده خائفا لأن الطائرة كانت تتمايل بشكل غريب ذات اليمين وذات اليسار وهي تقلع. لكن الكابتن مافيلا لم يكن هو السبب. كان السبب الحقيقي هو زلزال بدرجة 7.5 كان يضرب مدينة بالو!

بينما كانت طائرة الرحلة 6231 تحلق بأمان في الجو، كانت حدة الزلزال تزداد، حتى بلغت ذروتها عند درجة 7.5 درجة متسببة في كارثة تسونامي. قفز السيد أجونغ من برج المراقبة المتداعي المكون من أربعة طوابق كاسرا ساقه وذراعه.

حاول الكابتن التواصل مع برج المراقبة مباشرة بعد الإقلاع، لكن أحدا لم يجبه إذ لم يعد برج المراقبة موجودًا أصلا! حمل زملاء أجونغ زميلهم الى المستشفى، وهناك اكتشفوا أنه مصاب بجروح داخلية خطيرة أيضا.

بعدها أعطي الأمر لطائرة مروحية بنقله إلى مستشفى آخر لتلقي الرعاية المتخصصة، وهكذا تم نقله في صباح اليوم التالي إلى مطار موتيارا سيس الجفري حيث ستحط الطائرة المروحية التي ستقله. لكنه توفي قبل وصول المروحية.

كان الكابتن ريكوزيتا مافيلا يصف أجونغ بأنه "الملاك الحارس في بالو". وهو ما قصده سيدنا عيسى المسيح عندما قال: "ولَيسَ مِن مَحَبّةٍ يَهَبُها المُحِبُّ أعظَمَ مِن تَضحِيتِهِ بنَفسِهِ في سَبيلِ مَن يُحِبُّ" (يوحنا 15: 13).

يؤكد الكابتن مافيلا على أهمية أن يكون المرء حساسًا لسماع صوت الله. فلو لم يقلع ثلاث دقائق قبل وقته المحدد، لما استطاع إنقاذ 140 راكباً، لأن سطح المدرج كان يتماوج تحت أثر الزلزال مثل ستارة في الريح! ويضيف الكابتن قائلا "مهما حدث، علينا أن نحافظ على هدوئنا وأن نتجنب الذعر حتى نتمكن من سماع صوت الله وإرشاداته المنبعثة من روحه بوضوح".

ما زلت لم أفهم لم يسلط الله الزلازل والبراكين، ولم يسمح للبعض بالعيش وللبعض الآخر بالموت. لكنني أريد أن أتعلم التصرف مثل الكابتن مافيلا وأصغي لصوت الله الهادئ عندما يتحدث إلي.

ها هي القصة كما قال الكابتن مافيلا نفسه،
إذا كنت تفهم اللغة الإندونيسية يمكنك سماعها في كلماته الخاصة:
https://youtu.be/jHfLXqeCtEc