عشاق الله

خواطر ما بعد 4 أغسطس

(خواطر امرأة عاشت الحدث عن قرب)

بيروت يا بيروت كسرت قلوبنا يا بيروت. كل من عرفك أحبك...وأحب عطرك وسحرك، وأحب جميع ما قدمته منذ آلاف السنين من أديان وثقافة وعلوم وتجارة وفنون وتنوع وحب للحياة والسهر والجمال والعيش المشترك...

يا بيروت يا ست الدنيا، يا ملكة جميلة تشهد لجمالها الشعوب، يا ملهمة الشعراء، يا حلم الأجيال...ويا طمع الحكام ...كم مرة دمرتك اياد مجرمة، حمقاء وكم مرة قمت من تحت الأنقاض كطائر فنيق يهب من تحت الرماد كي يخلق من جديد...

هل ستنهضين من جديد هذه المرة بعد كارثة 4 أغسطس؟ أم تعبت من المؤامرات والصفقات والغباء والإجرام؟

هل من قيامة بعد الموت كما تعلمنا الكتب المقدسة؟ هل ستنتصر المحبة فنلملم جراحنا ونسامح ونمضي قدما في إعمارك من جديد؟

خلق الله العالم من فيض محبته، وخلق الانسان على صورته ومثاله وأحبه لدرجة أنه أعطاه الحرية، والحكمة للاختيار بين الخير والشر. وباركه وأفاض عليه بنعمة المحبة، التي وحدها تبلسم الجراح، وتروي النفوس المرهقة وترطب القلوب المحروقة من كثرة الحزن. المحبة، نعمْ المحبة التي عبر عنها الرسول بولس قائلا «ولو كانَ لأحَدِكُم كَرامةُ النُّبُوءَةِ وكانَ عالِمًا بكُلِّ الأسرارِ، وفاهِمًا لكُلِّ الأشياءِ، وإن بَلَغَ بإيمانِهِ قوَّةً يَنقُلُ بها الجِبالَ، ولكنَّهُ خالٍ مِن مَحبّةِ الآخَرينَ، فإنّهُ لا مَكانةَ لهُ عِندَ اللهِ. ولو تَصَدَّقَ أحَدٌ بكُلِّ أملاكِهِ للفُقَراءِ، أو ضَحَّى بحَياتِهِ في حَريقٍ في سَبيلِ اللهِ حتّى يَفتَخِرَ بتَقواهُ، ولكنَّهُ بِلا مَحبَّةٍ للآخَرينَ، فإنّهُ لا أملَ لهُ في الجَزاءِ. المَحبَّةُ تَدفَعُ الإنسانَ ليَكونَ صَبورًا مُشفِقًا، لا يَعرِفُ الحَسَدَ ولا التَّباهي ولا التَّكَبُّرَ. ومَحبَّةُ الآخَرينَ لا تَجعَلُهُ وَقِحًا أنانيًّا، ولا أهوَجَ ولا مُتَتَبِّعًا أخطاءَ النّاسِ في حَقِّهِ، لا يُفرِحُهُ ظُلمُ الظّالِمينَ، بل يُسعِدُهُ الحَقُّ. إنّ مَحبَّةَ الآخَرينَ تَجعَلُ المُحِبَّ آيةً في الصَّفحِ عن العالَمينَ، وهو دائمًا في الإيمانِ راسِخٌ، وبالخَيرِ الّذي سيُنزِلُهُ اللهُ على أحبابِهِ واثِقٌ، ومُتَحَمِّلٌ لكُلِّ المَصاعبِ في سَبيلِهِم.» (الرسالة الأولى إلى أهل كورنتوس 13: 2ـ 7)

فلنحلم أن يحل الروح القدس يوما على جميع حكام شعوبنا المكسورة المنكوبة فيتذكرون أن الله خالق الاكوان خلقنا على صورته ومثاله ووهبنا هبة المحبة كي نؤمن لبعضنا البعض حياة كريمة وسعيدة؟ ولنحلم أن يُخلق فينا هذا الإنسان من جديد، وتنهض من رمادها هذه المدينة العظيمة من جديد.