عشاق الله

«لماذا؟» «لماذا؟» «لماذا؟»

العم عبد العزيز

كنت موجودا على بعد 200 كيلومتر من بيروت، مع ذلك سمعت دوي الانفجار الهائل الذي دمر جزءًا كبيرا من الميناء هناك، وتسبب في مقتل العشرات وجُرح الآلاف. لبنان - البلد الذي ما فتئ يكافح للتعافي من آثار الحرب الأهلية التي انتهت قبل 30 عامًا وأودت بحياة أكثر من 100 ألف شخص. لبنان - البلد الذي يعاني مشاكل اقتصادية حيث العملة تفقد قيمتها كل يوم. لبنان - البلد الذي ترهقه مشاكل البنية التحتية مثل الكهرباء التي تنقطع بشكل يومي.
ثم فجأة هذا الانفجار الهائل الذي قتل وجرح وشوه آلاف الأشخاص, كان الأمر بالفعل شبيها بركل شخصٍ واقعٍ سلفاً على ركبتيه.

آه لبنان - بلد الناس الطيبين المضيافين. لي فيه معارف وأصدقاء خلصاء، معرفة بعضهم تمتد لسنوات عديدة، وبينهم من اكتوى بنار هذا الانفجار.

لكن السؤال الذي يطفو على شفاه الكثيرين هو... «لماذا؟» «لماذا؟» «لماذا؟»

لماذا يحدث هذا في لبنان في الوقت الذي يخوض فيه البلد صراع بقاء شرس؟ يجيب البعض على هذا السؤال بطرق لا هي نافعة ولا منسجمة مع رسالة السيد المسيح. إن الله ليس إلهًا يقيّم الخير والشر ويصدر العقوبة بشكل اعتباطي. لو كان الأمر كذلك، لأشرنا إلى بلدان أحق بالعقاب من لبنان.

التقى السيد المسيح رجلا أعمى فسأله حواريوه «يَا مُعَلِّمُ، مَنْ أَخْطَأَ: هذَا أَمْ أَبَوَاهُ حَتَّى وُلِدَ أَعْمَى؟»

هذا هو أسلوب التفكير الذي من خلاله نؤمن أن الله يعاقب الناس بل والأمم على آثامهم. فنحن نميل جميعًا إلى مثل هذا التفكير في الأوقات التي نبتلى فيها أو نجد أنفسنا مع أشخاص ابتلوا بمصيبة ما. لكن السيد المسيح غير أسلوب التفكير هذا عندما قال «لا هذَا أَخْطَأَ وَلاَ أَبَوَاهُ، لكِنْ لِتَظْهَرَ أَعْمَالُ اللهِ فِيهِ» (يوحنا 9: 1ـ 3)

مع ذلك لا تزال المسألة تبدو لي غير عادلة، لكنها تدفعنا جميعا لعمل شيء ما. كيف نظهر مجد الله للبنان المصدوم والمتأذي مما حدث؟ لا أعرف الجواب، لكنه سؤال يدفعني لأسأل الله عما يريده مني في مثل هذه الظروف.

الله يحب لبنان. إنه لا يعاقب لبنان ولا يؤدبه. فليس هذا الانفجار انعكاسا لرغبة الله في تأديب لبنان كما اعتقد الكثيرون من المندفعين الجهلة، لكنه انعكاس محزن لعالم فقد صلته بالله - عالم لم يعد يعنيه حب الإنسان لأخيه الإنسان. لذلك في هذه الظروف الصعبة التي يجتازها لبنان، دعونا نبحث عن طرائق التعبير عن الحب والمساندة للبنانيين الذين يعيشون اليوم آلام عظيمةا.