عشاق الله

كفى كفى

هنالك أيام أقضيها في صراع ما. وهناك أيام أحاول فيها مجرد البقاء على قيد الحياة. وهناك أيام أنظر حولي فيها للعالم وأقول "كفى كفى". مثلما الحال عندما أرى الأطفال يُعتقلون لأنهم حاولوا حماية وطنهم. أو عندما أنظر إلى سوريا وأرى الناس يقتلون بعضهم البعض. أو عندما أسمع عن صديق مصاب بالسرطان ومحكوم عليه بالموت. أحيانا أشعر كأن الجحيم هو الآن هنا على الأرض.

هل تعتقد أنك سوف تذهب إلى جهنم عندما تموت؟ أم أنك، مثلي، تنتظر الذهاب إلى الجنة؟ كثيرا ما يثار موضوع الجنة والنار عندما ألتقي مسلمين ويهودا أو مسيحيين. هذا لأن الكثير من المسلمين واليهود والمسيحيين يعتقدون أن أصحاب الملل الأخرى ذاهبون إلى النار بينما هم الجنة مأواهم! هذا ما يحب الجميع تصديقه ...كوني أنا على صواب وأنت على خطأ!

لكن سيأتي الوقت الذي نعرف فيه كل شيء. عندما يتوقف الزمن ويقول الله "كفى كفى..."عندما ينتهي الزمن كما نعرفه، والأرض كما نعرفها، وكل شيء كما نعرفه. حينئذ تتم محاكمة الجميع. فيذهب البعض إلى الجنة والبعض الآخر إلى النار.

لكن كيف هي الجنة يا ترى؟ وكيف هي جهنم؟ هناك قول مأثور "اتفقوا ألا يتفقوا" ولقد وجدت هذا القول صحيحا عند مناقشة مسألة الجنة والنار. فعندما أتحدث في الموضوع مع أصدقائي أجد الاختلافات بين المسيحيين والمسيحيين أو المسلمين والمسلمين أكثر مما هي بين المسيحيين والمسلمين!

الله عظيم! لا أحد يجادل في ذلك. المسلمون والمسيحيون واليهود يتفقون جميعا أن الله عظيم. لذلك عندما يقول الله "كفى كفى..." ماذا تراه سيفعل؟ كيف سيحاكم خلقه؟ إذا تخلفت كمسلم عن صلاة واحدة هل سأذهب إلى النار؟ هذا لا يبدو عادلا إذا قارنا ما فعلته بشخص قتل العديد من الناس. سورة الحديد، الآية 29 من القرآن الكريم تقول "إن الفضل بيد الله. يؤتيه من يشاء". هل يعني هذا أن مسألة الفوز بفضل الله هي مسألة حظ فقط أم ماذا؟.

إن فضل الله هو فعلا طريق البشر إلى الخلاص، هو تعالى القائل في سورة المائدة، الآية 18: "يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ". وبهذا المعنى يبقى أهم شيء في آخر المطاف هو نيل رضا الله.

لذلك أجببنا خلال هذا الموسم التأمل في اليوم الآخِر. يوم يقول تعالى: "كفى كفى..."، يوم الحساب عندما يحكم على البعض بالذهاب إلى الجنة ويحكم على البعض الآخر بالذهاب إلى النار. لكن سورة البقرة الآية 62 من القرآن الكريم تقول: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ"

من هنا ينبغي ألا نخاف بل أن نكثر التأمل والنظر في مجد الله. والسؤال هو كيف نستعد لذلك اليوم الآخِر؟ نعرف أن الله عظيم، لكنه أيضا ودود يحب خلقه. ولا أحد إلى يومنا استطاع التعبير عن محبة الله هذه أكثر من سيدنا عيسى المسيح. فقد ظل طوال حياته يشفي ويتعهد الناس بالرعاية. ثم قال لنا "اتبعوني" حتى نشفي نحن كذلك الناس ونتعهدهم بالرعاية. وأتباع سيدنا عيسى المسيح يقولون أنه سيعود في نفس اليوم الذي سيقول الله فيه "كفى كفى..." كما هو مكتوب في الإنجيل الشريف.

ومِن عُيونِهِم يُكَفكِفُ تَعالى كُلّ دَمعةٍ. فلا مَوتَ يَتَسَلَّطُ عليهِم بَعدَ الآنَ، ولا بُكاءَ ولا ألمَ يُصيبُهُم ولا هُم يَحزَنونَ، فكُلُّ ما مَضى، قدِ انتَهى وانقَضى". وأوحى إليّ رَبُّ العَرشِ: ""إنّي خالِقٌ الآنَ كُلَّ شَيءٍ مِن جَديدٍ". ثُمّ أوحى إليّ ثانيةً: "أُكتُبْ ما يَلي: إنّ هذا كَلامُ صِدقٍ وحقٍّ مُبينٍ".(رؤيا 21: 4)

إذا كان هذا ما يعنيه مجيء الله في مجده، فلأناد بأعلى صوتي:"تعال سريعا يا الرب".