عشاق الله

التعفف

التعفف ثمرة عظيمة من ثمار الروح تجمع روح الإنسان بالروح القدس وتتحرك تحت قيادته "وكُلُّ الّذينَ يَقتَدونَ برُوحِ اللهِ هُم مِن أهلِ بَيتِهِ تَعالى" (الرسالة إلى أهل روما 8: 14). إن التعفف هو الذي يجعل الحرب ضد إبليس سهلة حسب أحد القديسين بحيث يدرب العين لكى تنظر باستقامة ونقاء، والأذن لكي تشتاق لسماح كلمات الفرح والتشجع ولا تميل إلى كلام السوء والفحشاء، والعقل ليصبح قادرا على التمييز، فيتجدد الجسد كله ويتغير ويصبح تحت سلطان الروح .

ويتميز التعفف بسمات تتعلق بمجالات انغراسه. فالتعفف يظهر على مستوى عفة الجسد من حواس وملبس ومأكل ومشرب ..الخ كما التعفف عن شهوات الجسد "يا أحِبّائي، إنّكُم في هذِهِ الدُّنيا مُغتَرِبونَ عابِرونَ، فأرجو مِنكُم أن تَبتَعِدوا عن أهواءِ النَّفسِ الّتي تُدَمِّرُ حَياتَكُم". (رسالة صخر (بطرس) الأولى 2 : 11). كما يظهر التعفف على مستوى عفة النفس من دوافع وميول وشعور ..الخ ويتجلى في ضبط شهوات النفس وتحقيق الشبع بذكر الله "النفس الشبعانة (بالله) تدوس العسل" (كتاب الأمثال 27: 7). ويظهر التعفف أيضا على مستوى عفة القلب من صفاء للقلب والروح والفكر..الخ لأن عفة الباطن تنبني عليها عفة الظاهر "فوق كل تحفظ أحفظ قلبك لان منه مخارج الحياة" (كتاب الأمثال 4: 23) 

وتزداد العفة عمقا وتجدرا في النفس بقدر ما يزداد المرء أمانة لروح الله وطاعة لمشيئته ووصاياه قولا وفعلا، كما أنها ترتبط بصفات أخرى كالطهارة وطول الأناة والتقوى "وتَتَحَلَّوْا بالعَفافِ والصَّبرِ والتَّقوى" (رسالة صخر (بطرس) الثانية1: 6) لأن الله يهب العفة للإنسان الذى يطلبها "كُلُّ رياضيٍّ يَلتَزِمُ تَدريباتٍ كَثيرةً شاقةً يَتَهَيَّأُ بها ليَفوزَ بإكليلٍ مِن الغارِ سيَذبُلُ بَعد حينٍ. أمّا نَحنُ فَلْنَجتَهِد كي نَفوزَ بإكليلٍ يَبقى إلى الأبدِ!" (كورنثوس الأولى9: 25) فالله تعالى يسبغ نعمته على طاهري القلوب "من أحب طهارة القلب فلنعمة شفتيه (من الله) .."(كتاب الأمثال 22 :11) لذلك نقرأ في الكتاب هذا القول الرائع الموجه للنساء المؤمنات ولكن أيضا لكافة المؤمنين "وذلِكَ حينَ يُبصِرونَ أنّ سِيرتَكُنَّ تَتّصِفُ بالتَّقوى والوَقار والعِفَّةِ."( رسالة صخر (بطرس) الأولى 3 : 2)