عشاق الله

الصلاح

الصلاح هو الثمرة السادسة للروح القدس، وهو المحبة العاملة في الإنسان. فالإنسان الصالح هو الذي يحس بهموم الآخرين، فيقدم الدواء للمريض، والطعام للجائع، والثوب للعاري، والعزاءً للمحزون. إنه يعتني بالآخرين، ليس فقط من الناحية المادية، بل من الناحية الروحية أيضاً لأنه يسير على هدي السيد المسيح صاحب القول الكريم: "'إليّ يا مَن أنعَمَ عليهِم اللهُ أبي الصَّمَدُ، خُذوا نَصيبَكُم في المَملكةِ الرَّبّانيّةِ المُعَدّةِ لكُم مُنذُ خَلَقَ اللهُ العالَمينَ، وذلِكَ لأنّني كُنتُ جائعًا فأطعَمتُموني، وعَطِشًا فسَقَيتُموني، وغَريبًا فآويتُموني، وعارِيًا فكَسَوتُموني، ومَريضًا فعُدتُموني، وسَجينًا فزُرتُموني'.  ويُسَلِّمُ عليهِ الأتقياءُ قائلينَ: 'يا سَيِّدَنا، كَيفَ ذلِكَ؟! مَتى رأيناكَ جائعًا فأطعَمناكَ، وعَطِشًا فسَقيناكَ، وغَريبًا فآويناكَ، وعاريًا فكَسوناكَ، ومَريضًا فعُدناكَ، وسَجينًا فزُرناكَ؟' فيُجيبُهُم المَسيحُ المَلِكُ قائلاً: 'الحَقَّ أقولُ لكُم، عِندَما فَعَلتُم ذلِكَ كُلِّهِ مَعَ أتباعي، حتّى مَن كانَ مِنهُم مُحتَقَرًا، فكأنّكُم فَعَلتُم ذلِكَ كُلِّهِ مَعي'." (متى 25: 34-40.) والصلاح يظهر على شكلين:

خدمة الآخرين

الكتاب ملئ بالأمثلة عن مثل هذه الخدمة. فهناك مثل أحد تلاميذ المسيح واسمه يوسف الذي أطلق عليه الرسل اسم برنابا، وعنه يقول الكتاب: «حتّى إنّ يوسِفَ القُبرُصيَّ وهو مِن قَبيلةِ لاوي، كانَ لَدَيهِ حَقلٌ، فباعَهُ وجاءَ بثَمَنِهِ إلى الحَواريِّينَ. وكانَ الحَواريّونَ يُطلِقونَ عليهِ لَقَبَ «بَرنابا»، يَعني الرَّجُلَ المُشجِّعَ الّذي يَشُدُّ عَزيمةَ النّاسِ.» (أعمال 4: 36-37). فهو لم يضع الدراهم بين يدي الرسل، بل عند أرجلهم، لكيلا رى الناس تقدمته! ونقرأ أنهم سموه الرجل المشجع لأنه كان دائم التشجيع للنفوس الخائرة، يشفي القلوب المجروحة، ويساعد النفوس على الخلاص والتغلب على الخطيئة، ومواجهة الاضطهاد.

خدمة المسيح

عندما يملأنا الروح القدس، نقوم بأعمال صلاح للرب، وننذر أنفسنا لخدمته. والإنجيل يقدم لنا مثالاً عن هذا في المرأة التي سكبت قارورة طِيبٍ غالي الثمن على رأس المسيح وهو متكئ. "وعِندَما رأى أتباعُهُ ذلِكَ، استاؤوا وقالوا: «لِمَ يُهدَرُ هذا العِطرُ؟! ألم يَكُن مُمكِنًا بَيعُهُ واستِغلالُ ثَمنِهِ الكَبيرِ لصالِحِ الفُقَراءِ؟!» وعَلِمَ عيسى (سلامُهُ علينا) بذلِكَ فالتَفَتَ إليهِم قائلاً: «لِمَ تَلومونَ هذه المَرأةَ؟ اترُكوها! لقد أقدَمَت على هذا العَمَلِ الصّالِحِ مِن أجلي. إنّ الإحسانَ إلى الفُقَراءِ بإمكانِكُم في كُلِّ حينِ، أمّا أنا فلن يَدومَ مُكوثي بَينَكم . وإنّ ما فَعَلَتْهُ هذه المَرأةُ إذ سَكَبَت العِطرَ عليّ لَيسَ إلاّ تَحضيرًا لدَفني. والحقَّ أقولُ لكُم: إنّ النّاسَ سيَتَذَكّرونَ دائمًا ما عَمَلَتْهُ هذِهِ المَرأةُ تَخليدًا لها، وذلِكَ حَيثُما انتَشَرَت رِسالتي في كُلِّ العالَمِ" (متى 26: 7-13)