عشاق الله

اللطف

اللطف صفة من صفات الله  وثمرة من ثمر الروح القدس كما جاء في الفصل الخامس من غلاطية.  وهو بعض مما ينبغي للمؤمن أن يتحلى به "ألا إنّكُم أنتُم الّذينَ اختارَهُم اللهُ، ونَذَرَهُم وأحَبَّهُم، * فتَحَلّوا بِهذِهِ الأخلاقِ: بالحَنانِ واللُّطْفِ..."(كولوسي 3: 12).  لكن اللطف ليس فقط ابتسامة في الوجه وكلاما جميلا، بل هو جوهر داخلي مرتبط بالعلاقة والصلة الصحيحة مع الله، وامتلاء بالمسيح ينتج عنه مزاج رائق ونفس صافية. ومتى تحققت فينا هذه الصفة نصير نفكر في الآخرين، ونهتم بما هو صالح لهم، ونرغب في خدمتهم، ونفضِّلهم على أنفسنا إلى حد التضحية من أجلهم.

لقد خاطبنا الروح القدس قائلا "كونوا لُطَفاءَ رُحَماءَ على بَعضِكُم" (رسالة أفاسوس 4: 32).  لذلك فالمؤمن الحقيقي لا يتجنب فقط الشر والمعاصي، بل يتجنب أيضا الخشونة والفحش في القول وسوء التعامل وتظهر فيه صفات سيدنا عيسى المسيح في حياته اليومية وكلامه. فالله ذاته يتعامل باللطف مع كل الناس حتى يتوبوا ويؤمنوا مصداقا لقول الكتاب: "أم هل تَستَهينونَ بمَن يَصبِرُ عليكُم كَثيرًا ويُعامِلُكُم بلُطفِهِ وصَبرِهِ تَعالى؟ ألا فاعلَموا أنّهُ كانَ لَطيفًا حَليمًا بكُم مِن أجلِ أن يَدفعَكُم إلى التَّوبةِ!" (روما 2: 4).  

لكن اللطف المسيحي لا يكتسب من التربية أو الحضارة بل من عمل الروح القدس، كما أنه ليس لطفًا ظاهريًا بل جوهريا داخليا، إذ هناك من الناس من يظهر اللطف للآخرين بكلام جميل، لكنه يضمر لهم عكس ذلك. كما أن اللطف ليس هو التساهل مع الشر أو عدم التمسك بالحق، فسيدنا عيسى المسيح كان لطيفًا وديعا مع الخطاة، لكنه كان في نفس الوقت حازمًا بخصوص حقوق الله، وحدث تطهير الهيكل خير دليل على ذلك كما نقرأ في الفصل الثاني من إنجيل يوحنا. فمن جهة علينا أن نكون لطفاء بعضنا مع بعض، لكن من جهة أخرى علينا التمسك بالحق ورفض الشر.

لنصلّ دوما كي يعطينا السيد المسيح أن نتعلّم اللطف الحقيقي منه عندما نستحضره ونتمثّل به، ولتكن يدنا ممدودة نحو الآخرين لمساعدتهم وخدمتهم، وليكن كلامنا لطيفا حانيا، متذكرين دائما القول المبارك: "كونوا لُطَفاءَ رُحَماءَ على بَعضِكُم" (رسالة أفاسوس 4: 32)