عشاق الله

السلام

السلام هو الوضع الناتج عن وجود الشيء في موضعه الطبيعي السليم، بالشكل الذي أراده الله للإنسان حين خلقه وأسكنه جنة عدن. لقد كان في الجنة سلامٌ بين الإنسان والله كما يتَّضح من الحوار الذي كان يجري بينهما (تكوين 3: 8). وكان سلامٌ بين آدم وزوجته مثلما يتَّضح الكلام الذي قاله عن حواء: "هٰذِهِ ٱلآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي. هٰذِهِ تُدْعَى ٱمْرَأَةً لأَنَّهَا مِنِ ٱمْرِءٍ أُخِذَتْ" (سفر التكوين 2: 23). لقد كان آدم وحواء يستمتعان بحياتهما داخل الجنة الرائعة إلى أن دخلت الخطيئة فضاع منهما السلام، واختفى آدم من أمام الله بسبب خجله من عريه ملقيا باللوم على حواء في عصيانه! لذلك لا يمكن أن يعود إلينا السلام مع الله ومع الآخرين إلا بالعودة إلى الوضع الطبيعي السليم الذي أرساه الله لنا أول الأمر، فنعود إلى الجنة الذي فقدناها.

هذا السلام لا يمكننا الحصول عليه كاملا إلا إذا نحن سلَّمنا أنفسنا بشكل كلي للروح القدس حتى يثمر فينا ثمرة السلام كما يقول الحواري يعقوب: "والّذينَ يَبذُرونَ بُذورَ السَّلام ويَسعَونَ إليهِ، يَحصُدونَ مَرضاةَ اللهِ!" (رسالة الحواري يعقوب 3: 18). إن السلام مع الله هو أساس كل نجاح في الحياة، فرغم أن المعصية دمَّرت ذلك السلام عندما أخطأ آدم وأكل من الشجرة الممنوعة إلا أن الله دبَّر للبشر العاصين خلاصهم، بفضل ما فعله المسيح لأجلهم إذ حمل عنهم سيئاتهم على الصليب. لقد دبَّر الله خلاصنا بكفارة المسيح، ليعود سلامنا مع الله ممكناً، ويعاد بناؤنا على أساس سليم. وفي هذا يقول الرسول بولس: "وبِما أنّنا آمَنّا بسَيِّدِنا عيسى المَسيحِ، فقد رَضيَ اللهُ عنّا، ونَحن الآنَ بالمَسيحِ في سَلامٍ مَعَ اللهِ." (روما 5: 1). نفس الشيء تنبَّأ النبي إشعياء قبل ذلك بمئات السنين حين قال عن سيدنا عيسى المسيح: «مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلامِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ (أي جراحه التي لم تلتئم) شُفِينَا. كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَٱلرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا» (إشعياء 53: 5-6). 

فبفضل فداء المسيح وكفارته عنا صارت كل خطايانا مغفورة، وأصبح ممكنا للسلام أن يسود علاقتنا مع الله. فإن رأيت في حياتك خللاً يدمر سلامك، التجئ إليه طالباً رحمته، فيغفر ذنوبك، ويمحو معاصيك، ويملأك سلاما.