عشاق الله

القوة والسلطان

من مدة خلال هذا الموسم وأنا أفكر في كلمتين متميزتين هما القوة والسلطان. نحن غالبا ما نخلط بين هاتين الكلمتين، ولكنهما مختلفتان جدا. فسائق شاحنة ما في الشارع لديه القدرة أو القوة على دهس أي شرطي، ولكن الشرطي يمكنه رفع يده ووقف الشاحنة بفضل سلطته أو سلطانه.
يسيء الناس أحيانا استخدام القوة ويتجاهلون السلطة. لقد رأينا ذلك في العديد من الهجمات الإرهابية في الشرق الأوسط وفي الغرب. فلا يبدو أن أحدا بات محصنا ضد هجمات هؤلاء الأشرار الذين يرغبون في القتل والسرقة والتدمير. وهو ما يسبب لدينا شعورا بالعجز، إذ من منا لم تخطر بباله أفكار مثل هذه، "من يستطيع أن يوقف هؤلاء الناس؟ حكومتنا تبدو عاجزة ... " إلخ... إننا نشعر بفقدان الأمل. لذلك لا نملك سوى أن نحول أنظارنا إلى الله عسى أن يمنحنا القوة لتغيير الأشياء.
أنا أحب قصص السيد المسيح لأنها تلامس جميع شؤون الحياة. فلقد ساعدتني هذه القصص في مسار حياتي. هناك قصة ذكرها المسيح وهي تنطبق على وضعنا تماما. إنها تتحدث عن راع وخرافه. مفاد القصة أن الراعي يحبس أحيانا غنمه في حظيرة قصد حمايتها بعد أن يغلق عليها بابا قويا. لكن السيد المسيح يضيف أن أي شخص لا يدخل من الباب هو لص يأتي فقط للقتل والسرقة والتدمير.
فالراعي يدخل دائما من الباب والحارس يعرفه ويفتح له. والغنم تعرف صوته وتتبعه فيما هو يمشي أمامها لحمايتها. ثم يمضي السيد المسيح في شرح القصة ويقول أنه هو الراعي والباب معا. وقد جاء ليقود ويحمي ... "وما أتى السّارقُ إلاّ ليَسرِقَ ويَذبَحَ ويُهلِكَ، أمّا مُهمَّتي الّتي جِئتُ مِن أجلِها فهي حِفظُ الحَياةِ وهِبَةُ الخُلودِ، خُلودٍ يَفيضُ هَناءً وخَيرًا. "(إنجيل يوحنا 10:10)
هذا رائع، لكن هناك سؤالان يقفزان الآن في ذهني. الأول، لماذا لا نشاهد قوة المسيح اليوم؟ والثاني، ماذا عن هذه المجموعات البشرية الأخرى، هل يتعين علي الانضمام إلى مجموعة معينة للحصول على هذه القوة؟
يجيب السيد المسيح في نفس القصة على السؤال الثاني ... "ولي أتباعٌ آخرونَ مِن غَيرِ هذا الشَّعبِ، عليّ أن أضُمَّهُم إلى رَعيَّتي أيضًا، إنّهُم سيُصغونَ إلى صَوتي كَما أصغى إليّ المؤمِنونَ بي قَبلَهُم، فتُصبِحُ الرَّعيّة رَعيّةً واحدةً ولها راعٍ واحدٌ."(إنجيل يوحنا 10: 16)
لقد أصاب أتباع المسيح إحباط كبير عندما عذب المسيح وصلب، فكانوا يختبئون في المنازل ونادرا ما يخرجون. ولكن فجأة وفي يوم واحد، وبينما كانوا مجتمعين، حلت قوة الله عليهم. وكانت تلك القوة هي قوة الروح القدس. وقد دأب أتباع المسيح منذ ذلك العهد على الاحتفال بتلك الذكرى المسماة "يوم الخمسين".
وأنا أيضا مثل أولئك الحواريين الأوائل أنتظر الآن حلول الروح القدس. حقا هذا هو الموسم الذي علينا فيه انتظار حلول الروح علينا والذي ندعو الله أن يرسله بإذنه. "فاقتَرَبَ مِنهُم وقالَ لهُم: «لقد مَنَحَني اللهُ كُلَّ سُلطانٍ في السَّماءِ والأرضِ، فانطَلِقوا إذن وطُوفوا في الأرضِ على جَميعِ الشُّعوبِ وحَدِّثُوهُم عن رِسالتي حتّى يُؤمنُوا بِها ويَصيروا مِن أتباعي، وكدَليلٍ على إيمانِهِم، طَهِّرُوهُم بالماءِ باسمِ اللهِ الأبِ الصَّمَدِ والابنِ الرُّوحيِّ لهُ ورُوحِهِ تَقدَّسَ وتَعالى "(إنجيل متى 28: 18-19) نحن بحاجة ماسة إلى سلطان السيد المسيح ليمنحنا إرادة الحياة، لأن سلطانه شامل لكل شيء.