عشاق الله

حكاية العم عزيز

قبل أسابيع قليلة كنت في زيارة لبعض الأصدقاء في إحدى دول شمال إفريقيا. لم أزر تلك البلاد منذ مدة طويلة. هناك وجدت الجميع يتحدثون عن الأحداث "قبل الثورة" أو "بعد الثورة". كانوا في كثير من الأحيان غير راضين لأن التغيير المرجوّ لم يحدث. لكنهم كانوا جميعا متفقين على قول واحد هو: "لم يكن حولنا كل هذا الحجم من القمامة المرمية في الشوارع".

القمامة: إنها آفة البلدان التي نعيش فيها. لماذا يرمي الناس القمامة ويلقون بها كيفما اتفق بدلا من وضعها في صناديق القمامة؟ لماذا لا نكاد نبدي اهنماما بالعالم الذي وهبه الله لنا أمانة منه، ولا ندخر جهدا في تدميره واحتقاره؟

أنا واحد من الأشخاص الغريبين الذين يحبون الذهاب إلى المناطق الوعرة في الأرض. أحب قيادة سيارتي عبر صحارى المملكة العربية السعودية أو مصر. أحب الإبحار على أمواج البحر الأبيض المتوسط. فالله تعالي خلق كل هذا ... من الواحة إلى قمة الجبل. لذلك عندما أنظر أحيانا إلى العالم حولي أحب أن أتصور الله وهو يشكل تضاريسه بيديه الجليلتين ... كل واد وتل، كل جزيرة وغابة.

أنظر حولي إلى جميع ما خلق من مخلوقات رائعة من مختلف الأحجام والأشكال. وأرى حسه اللطيف. فعندما زرت أستراليا أحسست برهافة الخلق في شكل حيوان الكنغر. بعد ذلك خلق الرجل والمرأة. واستخلفهما على الأرض. لكن الناس كثيرا ما يسيؤون إلى العطية التي وهبنا الله لهم. والسؤال هو لماذا؟ ربما لأنهم لا يؤمنون حقا به. وهو أمر غريب لأنه مكتوب:

"إنّ النّاسَ كُلُّهُم قادِرونَ مُنذُ بِدايةِ الخَلقِ على رُؤيةِ قُوّتِهِ السَّرمَدِيّةِ وصِفاتِهِ الحَميدةِ بكُلِّ وُضوحٍ. فلا عُذرَ إذَن للّذينَ لا يُؤمنونَ بِهِ سُبحانَهُ وتَعالى."

(الإنجيل، روما 1: 20)

أحب أن أكون صحبة الناس، لذلك عندما يكون علي أن أسافر وحدي في رحلة طويلة أتوقع دائما الشعور بالوحدة. لكن هذا الشعور يفسح المجال عادة للدهشة والسؤال. الدهشة والسؤال بخصوص خلق الله. ثم تتحول الدهشة إلى ثناء وحمد. الثناء والحمد لأنه خلق لنا مكانا مثل هذا نعيش فيه. له التمجيد والإكرام فوق كل شيء. لكن المدهش في الأمر أيضا هو أنه يحبنا. يحب كل واحد منا.