عشاق الله

ماذا لو... قررت أن تغير دينك

مغامرة صحفية: ماذا لو...  قررت أن تغير دينك؟

قام بالتجربة: مصطفى فتحي

كانت مجرد فكرة صحفية تدور برأسي.. لكني أخيراً قررت أن أنفذها

تغيير الدين مسألة ليست سهلة.. قرار صعب.. كنت أدرك ذلك جيداً قبل أن أفكر في هذه التجربة.. كان السؤال يتردد داخلي ولا استطيع ان اوقفه: ماذا لو قرر شاب مسلم ان يغير دينه، ما الذي سيواجهه وما هي الصعوبات التي ستقابله.. وهكذا قررت ان انفذ الفكرة.. سأخبر المقربين مني انني قمت بتغيير ديني.. ولأرى ما سوف يحدث بعدها!

يوم جديد.. بدين جديد!
.........................
استيقظت من نومي وقررت ان أبدأ التجربة.. اقتربت مني زوجتي اخبرتها انني لم اعد مسلماً.. قلت لها انني اصبحت "........" لم تستوعب الصدمة.. فوجئت بها تغيب عن الوعي.. اصابني الرعب.. وقلقت عليها جداً.. حاولت ان اجعلها تفيق.. بعد حوالي عشرة دقائق عادت مرة اخرى الى وعيها ووجدتها تبكي بشدة.. وأصابتها حالة هلع عجيبة وأخذت تصرخ "طلقني" لا اريد ان اظل معك لحظة واحدة.. وأخذت تصرخ بينما احاول ان اجعلها تهدأ..

بينما هي تصرخ كان هناك طرق شديد على باب المنزل.. فتحت الباب.. كانت جارتنا، قالت لي "خير اللهم اجعله خير.. في ايه" دعوتها للدخول وجدت زوجتي في حالة هلع.. اخبرت جارتنا عن السبب قلت لها "اصلها زعلانة علشان هغير ديني وهبقى ".........." نفس حالة الذهول التي كانت عند زوجتي انتقلت إلى جارتنا ووجدتها تصرخ بأعلى صوتها "يا ممدوح.. الحقنا يا ممدوح" وممدوح هو زوجها!

عندما جاء ممدوح وهو بالمناسبة مهندس في شركة عالمية وحاصل على ماجستير من احدى الجامعات الغربية، توقعت انه ربما يتقبل الأمر نظرا لما اعرفه عنه من افكار ليبرالية.. لكني وجدت صدمة على ملامح "ممدوح" ووجدته يصرخ قائلاً :انت اتجننت ازاي تفكر كدة.. بطل جنان.. وتركني قائلاً خمس دقائق وراجعلك تاني!

بعد قليل جاء "ممدوح" ومعه "ابي" الذي يسكن في نفس العماره.. ومعه ايضاً الشيخ "محمد" احد سكان عمارتنا والذي لم يسبق لي ابداً ان تحدثت معه.. دخل ابي مفزوعاً "ايه المصيبة دي عايز الناس تموتك.. اهدا وصلي على النبي" اخبرته "مينفعش اصلي على النبي انا خلاص مش مسلم" فصفعني على وجهي، ربما هي المرة الأولى في حياتي التي يصفعني فيها ابي.. لا اتذكر ابداً انه صفعني قبل ذلك!

شدني الشيخ "محمد" من يدي، واخذني الى غرفة جانبية في شقتي بعيدا عن غضب ابي، قال لي: "انت اكيد ملبوس.. انا اللي بسمعه عنك انك انسان محترم وفي حالك. استعيذ بالله من الشيطان الرجيم".. اخبرته اني لم اعد مقتنعا بالاسلام.. وطلبت منه ان يخبرني لماذا لا اغير ديني بكل حرية الم يكفل الاسلام حرية المعتقد للجميع، رفض كلامي هذا واخبرني انه لو لم اتراجع عن قراري هذا فسأقتل وقال لي مهدداً: انا اول واحد ينول شرف انه يقتلك، عايز تغير دينك وتبقى ".........." دول ناس رايحة جهنم وكفرة عايز تتحشر معاهم؟ احترم نفسك واستعيذ بالله من الشيطان الرجيم!

الضرب بالحزام!
................
دخل أبي الغرفة.. كان يصرخ: "معرفش الواد جرى له ايه.. مكنش كدة.. من ساعة ما عمل كتاب عن "......" (قال والدي اللفظ الشائع لكلمة مثلي في اللغة العامية المصرية) ثم أكمل شاكياً لممدوح و"محمد" ادي أخرتها عايز يغير دينه!!

صعد اخي الكبير، شاب متعلم ومسئول عن كل الحسابات التي تخص أبي، فعل ما لم أتوقعه أبداً، خلع حزام بنطلونه واخذ يضربني به، شعرت بألم بدني ونفسي من تأثير الضرب، ووجدت أبي يقترب ويشاركه ضربي، بينما "ممدوح" يحاول جاهداً أن يخلصني منهم، وزوجتي تصرخ مما يحدث.

طردني أبي من البيت، قال لي: مش عايزك معايا في البيت يا كافر.. بدأت أشعر أن حالته الصحية لن تتحمل ما يحدث فقررت أن أتوقف عن المغامرة، طلبت منه أن يهدأ، أخبرته انني تراجعت عن الفكرة ولن أترك ديني أبداً، بينما "ممدوح" –الذي هو حاصل على ماجستير في الهندسة- يقول: زي ما الشيخ محمد قال.. أكيد مصطفى كان ملبوس والضرب خرج اللي كان لابسه، الحمد لله ان احنا ساعدناه!!
بعد أن هدأ كل شئ.. وبعد أن أخبرت زوجتي أنني فقط كنت أقوم بتجربة صحفية لأعرف كيف يتعامل الأهل مع فرد منهم قرر أن يغير دينه، جلست على جهازي الشخصي أدون السطور السابقة.. وقررت أن أتعرف على ما قاله بعض الأكاديميين المسلمين وهل هم "مع" أم "ضد" حرية الاعتقاد.

الإسلام وحرية المعتقد!
.............................
الدكتور محمد عبد المنعم البري أستاذ التفسير والحديث بجامعة الأزهر بالقاهرة، ورئيس جبهة علماء الأزهر السابق ينظر للموضوع على أن الإسلام أباح حرية الاعتقاد ولكن الذي يختار الإسلام دينا بمحض إرادته لا يجوز له أن يرتد عنه، وأن حكم الإسلام في الردة واضح لا يحتاج إلى تعقيب أو تشكيك، والثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد طبقه في حياته على شخص يدعى عبد الله بن الأخطل وكان قد تعلق بأستار الكعبة حماية لنفسه من عقوبة الردة، فأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بقتله فقتلوه، وقال لهم صلى الله عليه وسلم: "حتى لو تعلق بأستار الكعبة"!

لو تركنا الدكتور "البري" وانتقلنا إلى الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر السابق عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر فسنسمع منه التالي: الإنسان غير المؤمن قبل إيمانه له حرية الإيمان من عدمه، وأنه طالما كان لهذا الإنسان حرية الاختيار بين الإيمان والكفر فسيكون محاسبا على اختياره، فمن كان مؤمنا فانه اختار الإيمان بحريته، وبالتالي فان خرج من الإيمان أو الإسلام فسيعاقب بحد الردة وهو معروف في الإسلام لان الدين ليس ألعوبة.

ولكن الإسلام مع الحرية!
...................................
وعلى العكس من الآراء السابقة يؤكد الدكتور عبد الحي عزب، أستاذ الفقه المقارن عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقم حد الردة على أحد لأنه لم يثبت أن أحدا من الناس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم قد بدل دينه. ويضيف الدكتور عزب قائلا: حكم الإسلام في إنسان غير مسلم أعلن إسلامه ثم ارتد عن الإسلام فلا يعاقب، فالإسلام ليس بحاجة لإنسان أتى من الكفر ودخل في الإسلام ثم عاد للكفر مرة أخرى لان مثل هذا الإنسان المتخبط في قراراته العقائدية من الواضح انه اعتنق الإسلام دون اقتناع ودراسة ومعرفة كافية، فلما ارتد عنه لعدم وعيه وإدراكه الصحيح بالإسلام فلا يعاقب، وعموما فان الإسلام كفل حرية العقيدة للجميع.
ومن جهته يقول الكاتب الإسلامي جمال البنا: "في هذه المرحلة التي يتعرض فيها الإسلام لهجوم شديد يجب علينا أن نقدم الإسلام الصحيح للعالم، الإسلام السمح الذي يبشر ولا ينفر، فضلا عن أن الاختلاف في العقائد بين البشر مما أراده الله تعالى وما يفصل فيه يوم القيامة وبالتالي فلا يوجد حد دنيوي لمن يغير دينه.

وماذا قال الأزهر؟!
..........................
لو تركنا آراء العلماء وانتقلنا لكيان علمي هو "الأزهر الشريف" سنجد أن "الأزهر" على موقعه الرسمي على الإنترنت اتفق على إجابة رائعة لهذا السؤال: هل صحيح أن الإسلام ضد حرية الاعتقاد ؟ وإجابة الأزهر كانت كالتالي: 1 ـ لقد كفل الإسلام للإنسان حرية الاعتقاد. وجاء ذلك فى وضوح تام فى القرآن الكريم: "لا إكراه فى الدين" فلا يجوز إرغام أحد على ترك دينه واعتناق دين آخر. فحرية الإنسان فى اختيار دينه هى أساس الاعتقاد. ومن هنا كان تأكيد القرآن على ذلك تأكيدًا لا يقبل التأويل فى قوله: "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"، وقد أقر النبى "محمد" الحرية الدينية فى أول دستور للمدينة حينما اعترف لليهود بأنهم يشكلون مع المسلمين أمة واحدة.
..................................
في مجتمعاتنا المسلمة الدين ليس علاقة بين العبد وربه مثلما مفترض أن يكون، فالمجتمع يتدخل في تلك العلاقة بشكل مبالغ فيه، وبالتأكيد لو قرر شاب مسلم أن يغير دينه فسيتعرض لصعوبات شديدة من المجتمع ليس أقلها الضرب بالحزام.. وهكذا أترك الكيبورد وأعود إلى عملي!