عشاق الله

شخصيات إسلامية (عبد الله بن عباس)

  شخصيات إسلامية

عبد الله بن عباس

ترجمته:
هو أبو العباس عبد الله بن العباس بن عبد المطلب, من هاشم بن عبد المناف, ابن عم رسول الله , توفي رسول الله و له ثلاث عشرة سنة. ولد و النبي و أهل بيته بالشعب من مكة , فأتي به النبي , فحنكه بريقه , وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين, و قيل غير ذلك. توفي بالطائف, وقد كف بصره سنة ثمان و ستين, يقول ميمون بن مهران, شهدت جنازة عبد الله بن عباس بالطائف, فلما وضع ليصلى عليه , جاء طائر أبيض حتى دخل في أكفانه, فالتمس فلم يوجد, فلما سوي عليه, سمعنا صوتا نسمع صوتا و لا نرى شخصا:"يا أيتها النفس المطمئنة, ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي و ادخلي في جنتي.
و كان جميلا, أبيض طويلا, مبشرا بالصفرة , جسيما وسيما, صبيح الوجه فصيحا. ووصفه مسلم من أهل البصرة , و كان ابن عباس قد عمل واليا عليها, للإمام علي بن أبي طالب, فقال: إنه آخذ بثلاث, تارك لثلاث. آخذ بقلوب الرجال إذا حَدَّث, و يحسن الاستماع إذا حُدث, و بأيسر الأمرين إذا خولف. و تارك المراء, ومصادقة اللئام, وما يعتذر منه!!.
مبلغه من العلم:
أما بالنسبة لمكانته العلمية, فقد كان ابن عباس يلقب بالحبر و البحر لكثرة علمه, وكان على درجة عظيمة من الاجتهاد, و المعرفة بكتاب الله, و لذا انتهت إليه الرياسة في الفتوى و التفسير, و كانت له مدرسة يعتبر أستاذها الأكبر "و هي مدرسة مكة" لها سماتها و خصائصها, و أصحاب يقومون بعلمه, و يقولون بقوله, و نشروا علمه على أوسع ما يكون النشر, و كان الفاروق عمر, رضي الله عنه, يجلسه على حداثة سنه في مجلسه, و يعرف قدره حتى كان يدخله مجلسه مع الأشياخ من الصحابة , قال في شأنه:"ذاكم فتى الكهول, إن له لسانا سؤولا, وقلبا عقولا, و قال أيضا:"أشهد أنك تنطق عن بيت النبوة" , و من ظن أنه يرد بحركم فيغوص فيها معكم حتى بلغ قعرها, فقد ظن عجزا".
كما قال ابن عتبة :"كان ابن عباس قد فات الناس بخصال: بعلم ما سبقه, و فقه فيما احتيج إليه من رأيه, و حلم و نسيب, وما رأيت أحدا كان أعلم بما سبقه من حديث رسول الله منه, ولا أعلم بقضاء أبي بكر و عمر و عثمان منه, ولا أفقه في رأيي منه, ولا أعلم بشعر و لا عربية و لا بتفسير القرآن ولا بحساب و لا بفريضة منه, ولا أعلم بما مضى ولا أثقف رأيا فيما احتيج إليه منه, ولقد كان يجلس يوما ما يذكر فيه إلا الفقه, و يوما التأويل, و يوما المغازي, و يوما الشعر , ويوما أيام العرب, و ما رأيت عالما قط جلس إليه إلا خضع له, و ما رأيت سائلا قط سأله إلا وجد عنده علما.
إذن, فقد كان سعيد بن جبير صادقا عندما قال:"إن كان ابن عباس ليحدثني الحديث فلو يأذن لي أن أقبل رأسه لفعلت".
على العموم, فقد كانت حياته, حياة علمية, يَتَعَلَّمُ و يُعَلِّمُ, ولم يشتغل بالإمارة إلا قليلا لما استعمله علي على البصرة. و الحق, أن ابن عباس قد ظهر فيه النبوغ العربي بأكمل معانيه, علما و فصاحة, و سعة اطلاع في نواح علمية مختلفة, لا سيما فهمه لكتاب الله تعالى, و خير ما يقال فيه, ما قاله ابن عمر" ابن عباس أعلم أمة محمد بما نزل على محمد".
*******