عشاق الله

من وحي الثورة (8) بلطجة

ولما جاء داود ورجاله إلى صقلغ في اليوم الثالث، كان العمالقة قد غزوا الجنوب وسقلغ، وضربوا صقلغ وأحرقوها بالنار. وسبوا النساء اللواتي فيها. لم يقتلوا أحدا لا صغيرا ولا كبيرا. بل ساقوهم ومضوا في طريقهم. فدخل داود ورجاله المدينة وإذا هي محرقة بالنار، ونساؤهم وبنوهم وبناتهم قد سبوا. فرفع داود والشعب الذين معه أصواتهم وبكوا حتى لم تبق لهم قوة على البكاء. وسبيت امرأتا داود... فتضايق داود جدا لأن الشعب قالوا برجمه. لأن أنفس جميع الشعب كانت مرة كل واحد على بنيه وبناته، أما داود فتشدد بالرب الهه. (1صموئيل 1: 6)

بصورة مفاجئة  كثيرا ما تقتحم حياتنا أزمة صعبة  لا نكون مستعدين لها أو داخل تخطيط حياتنا ... وقد تكون هذه المشكلة من العنف بحيث تغير من مسار حياتنا بالكامل... وقد تنتهي المشكلة وتغادر حياتنا مثلما دخلت

وفي ثورتنا هذه قام (المجهول) بفتح أبواب السجن للمساجين، وبعض هؤلاء المساجين (غلابة) رجعوا الى السجن من جديد، ولكن هناك من المساجين الذين كانوا (عماليق) وهؤلاء كلفوا بأعمال البلطجة. وهذا الترويع كان بمثابة أسلوب ضغط لكي تتخلى عن الرغبة في تغيير، فأنت سوف تواجه الموت والتدمير، فيكفي هذا ، وإرجع الى رشدك وتوقف عن عمل تلك الثورة.

هذا ما حدث في ثورتنا هذه، فما هي ردود أفعالنا تجاه مشاكل من هذاالنوع؟

لنرجع ولنقرأ مشهد مماثل في الكتاب المقدس.

لقد واجه نبي الله داود هذا النوع من الأزمات ...  والتى كانت (لاع البال ولا ع الخاطر) فعند عودته الى تلك البلدة التي كان يعيش فيها قبل أن يتولى حكم اسرائيل، فيجد  جماعة أسماهم الكتاب المقدس بالعمالقة قد غزوا بلدته وسرقوها ونهبوها وأخزوا.

 

تأثير المشكلة على داود ورجاله

 

تأثير مبدأي : رفع داود والشعب الذين معه أصواته وبكوا حتى لم تبق لهم قوة للبكاء.

من حق الانسان أن يخرج مكنونات قلبه ومشاعره تجاه أي مشكلة.  ولكن هذه المشاعر لا يجب أن توقف الرجل عن التفكير في مخارج لهذه المشكلة. وهناك نوعان من المشاكل يواجهها الانسان. نوع يريد أن نجد له حلا. ونوع لا حل له ولكن علينا أن نتكيف معه حتى يحل بتلقاء ذاته.  ولذلك نجد أن النبي داود لم يخجل من أن يظهر مشاعرة ليبكي هو ورجاله على النساء والأطفال وايضا الخسارة المالية. لقد كانت النفوس مرة جدا... لقد تساوى النبي داود ورجاله في إظهار تلك المشاعر. وولكن عندما جاء وقت البحث عن حل للمشكلة نجد أن سلوك النبي داود اختلف عن رجاله. وقد أوضح الكتاب المقدس رد فعل رجال النبي داود قبل  أن يوضح رد فعل النبي نفسه.  لنرى ماذا فعل رجال نبي الله 

 

رد فعل رجال داود على المشكلة

 

  • نفوسهم كانت مرة جدا

وهذا سلوك طبيعي جدا... فمن منا يرى تلك المصائب  وينشرح صدره ويفرح... لابد أن النفس تشعر بالمرار. اننا عندما نرى اخوتنا في العراق يعانون تلك المعاناة النفسية الفظيعة بالاضافة لمواجهة الاخطار الشديدة الفتك نشعر بالمرار, فما بالك بالذين تحت الحصار والمعاناة  فعلا... ولكن هل يبق الوضع على هذا فقط. أم يعقبه سلوك آخر ... لنر سلوك رجال النبي داود

 

  • حملوا داود المسؤولية وطالبوا برجمه

نجد أن رجال لنبي داود بسهولة وببساطة بحثوا عن مسؤول لمصابهم... وطالبوا برجم هذا المسؤول ... والسؤال الآن... هل كانوا على حق في أن يحملوا داود المسؤولية؟ ... وهل في عقابهم لداود يسترجعون الغنائم المسلوبة منهم؟.

وفي ثورتنا كثيرا ما ارتفعت أيدي الادانة للثورة التي كانت مقبله على تغيير عاصف في حياتنا لمشكلة البلطجة هذه، في الواقع اننا كثيرا ما نواجه مصائبنا ومشاكلنا بهذه الطريقة. نبحث عن الشماعة التي نرمي عليها هذه المشكلة. ونتفرغ للبكاء.  لا نبحث عن حل جدي لتلك المشكلة. ولكن نبحث عن كيفيه القاءها بعيدا عنا... لتتعالى وترتفع الكثير من الاصوات واضعة المشكلة في مسؤولية كثيرين (وبالتأكيد نحن لسنا من هؤلاء الكثيرين)  هذا يريحنا نحن, ولكنه لا يساهم في نزع المرارة من القلوب... ولا يعيد فرحة أو بسمة.

 

ولكن النبي داود سلك بطريقة مختلفة 

 

رد فعل داود نفسه

 

  • اما داود فتشدد بالرب الهه

لقد نظر داود الى العلاء, واول ما فعل هو أنه لجأ الى الله... وطلب القوة من الله.  فأعطاه الله أن يتشدد في مواجهة المصيبة. 

أننا في البداية قد نفاجأ بذلك الوضع  المفاجئ الذي وجدنا فيه. ولكن لنسرع ونرفع قلوبنا الى العلاء لنطلب من اله السموات والارض ان يعطينا الشدة والقوة في مواجهة المشكلة التي نعاني منها أشد معاناة. وسنجد راحة من خلال وضع ثقتنا بالرب الهنا. هو الوحيد الذي فيه النصرة والغلبة. حياة الهزيمة قبل أن تكون بسبب أمور خارجية نحن نصنعها في دواخلنا. ولذلك لنطلب من الله أن يعطينا حياة الراحة والطمأنينة. لأنه وحده فيه الراحة. يقول السيد المسيح " تعالوا الي ياجميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم" . والراحة لن تجدها الا في الله وحده. ثبت نظرك الى العلاء وضع ثقتك فيك... عندها سيتشدد قلبك بالله

 

  • طلب مشيئة الله

الأمر الثاني الذي فعله داود هو طلب مشيئة الله ... انه أراد أن يعرف ماذا يريد الله منه. ولا أقول أن الله سيعطينا نفس الرد الذي سيعطيه لنبي الله داود. لقد عرف داود أنه عليه أن يذهب ويطارد المغتصبين ويسترد حقوقه. ولكن كان هناك رجال لا يملكون القوة للحرب فبقوا في بلدتهم. ليس كل شخص مثل الآخر والله يوزع الواجبات على الجميع. فإذا طلبت مشورة الله سيحدد لك الله واجبك الذي عليك أن تفعل لتواجه محنتك... ستتخذ قرارا وستشعر بالراحة وأنت تنفزه لأنك طلبت توجيه من الله, وسيرشدك

 

إذا في البداية تضع ثقتك في الله

والثانية تطلبة مشيئة ومشورة الله

 

وسيأتي الوقت الذي فيه ستشعر بالانتصار... سواء كان مكانك أرض المعركة أو مكانك البيت ... أو أيا كان دورك ستشعر  بالانتصار وستحصل على غنيمة هذا الانتصار

 

  • حول المشكلة الى غنيمة ووزعها على الاخرين فكان الفرح

نبي الله داود واجه بعد الانتصار رجال وصفهم كتاب الله المقدس بأنهم اشرار. أشاروا على داود أن من حارب فقط هو الذي يستمتع بغنيمة الحرب. فكانت كلمة داود الشهيرة "فقال داود: لا تفعلوا هكذا يا إخوتي، لأن الرب قد أعطانا وحفظنا ودفع ليدنا الغزاة الذين جاءوا علينا، ومن يسمع لكم في هذا الأمر؟ لأنه كنصيب النازل الى الحرب ، نصيب الذي يقيم عند الامتعة " عدد 24، 25

 

كل شخص وضع ثقته في الله و صنع مشيئة الله في حياته سيحصل على بركة خاصة ومتعة خاصة ويعوض عن تلك الايام العصيبة التي واجهها .

هذه هي ثلاثية داود الخاصة بالمشاكل الفجائية التي يمكن أن نواجهها

1-أن  تتشدد بالرب

2- أن تطلب مشيئة الرب

3- ان تشارك الجميع ببركات حل هذه المشكلة... ليفرح الجميع معك

 

في عمق مشكلة البلطجة التي يمكن ان تعاني منها ..  ماذا تفعل تجاه تلك المشكلة

...  هل تواجهها بالصلاة وطلب مشيئة الرب فتنتهي المشكلة بالنصرة والفرح... أم تعيش المشكلة والنفس تصير مرة وتظل تتباكى وتبحث عمن تحمله هذه المشكلة وتحاول رجمه داخلك... حان الوقت لكي تجيب أنت.