عشاق الله

من وحي الثورة (7) الورد اللي فتح في جناين مصر

تَتَعَجَّبُوا يَا إِخْوَتِي إِنْ كَانَ الْعَالَمُ يُبْغِضُكُمْ.  نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّنَا قَدِ انْتَقَلْنَا مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ، لأَنَّنَا نُحِبُّ الإِخْوَةَ. مَنْ لاَ يُحِبَّ أَخَاهُ يَبْقَ فِي الْمَوْتِ.  كُلُّ مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ كُلَّ قَاتِلِ نَفْسٍ لَيْسَ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ ثَابِتَةٌ فِيهِ.  بِهذَا قَدْ عَرَفْنَا الْمَحَبَّةَ : أَنَّ ذَاكَ وَضَعَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، فَنَحْنُ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَضَعَ نُفُوسَنَا لأَجْلِ الإِخْوَةِ. وَأَمَّا مَنْ كَانَ لَهُ مَعِيشَةُ الْعَالَمِ، وَنَظَرَ أَخَاهُ مُحْتَاجًا، وَأَغْلَقَ أَحْشَاءَهُ عَنْهُ، فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَحَبَّةُ اللهِ فِيهِ؟   يَا أَوْلاَدِي، لاَ نُحِبَّ بِالْكَلاَمِ وَلاَ بِاللِّسَانِ، بَلْ بِالْعَمَلِ وَالْحَقِّ!   وَبِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا مِنَ الْحَقِّ وَنُسَكِّنُ قُلُوبَنَا قُدَّامَهُ.  لأَنَّهُ إِنْ لاَمَتْنَا قُلُوبُنَا فَاللهُ أَعْظَمُ مِنْ قُلُوبِنَا، وَيَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ 1يو3: 13-20

 

والآن اصبحت الثورة حقيقة واقعة، بدأ الناس يعلنون عن رفضهم لأشياء كثيرة، لقد بدأت الثورة فمن يقف أمامها؟!! هناك وسيلة تنجح كثيرا، وهي التشكيك في دوافع الثورة نفسها، والتشكيك في الهدف منها، فيبدأ الناس العاديون يبغضون الثائرون، وبعد أن يكتسب الثائرون بعض التعاطف، سرعان ما يفقدونه، بسبب ذلك الشك في الدوافع. وفي ثورتنا المصرية حدث هذا الشيء بعد أيام قليلة من الثورة، بالذات بعد أن بدأ رئيس جمهوريتنا السابق في اللعب على العواطف من خلال خطاب بليغ يريد فيه أن يموت في مصر مذكرا أيانا بذلك الرئيس التونسي الذي ترك بلاده وفر بحياته، وبعدها بدأت الناس تغير نغمتها، ورفض الثائرون ترك مقرهم، فبدأت الأشاعات لتسخف من الثورة، فقيل عن هؤلاء الذين وقفوا في ميدان التحرير هذه الأشياء :-

1-  يوجد من يدفع لهم. فهم ليسوا قادرون على البقاء كل هذه الأيام بلا عمل إلا إذا كانت هناك جهة تدفع لهم، وقد حددوا 50 جنيها لليوم الواحد يأخذونه هؤلاء المتظاهرون !!

2-  وجبة كنتاكي لكل شخص في الثورة يظل مكانه ولا يبارحه، ولست أدري لماذا الكنتاكي بالذات، هل هو دعاية لهذه الوجبة، ولكن هذا ما قيل .  

3-  يوجد أجانب في المكان. فالأمر ليس ثورة داخلية محلية، ولكن هناك خفية تريد أن تلعب بأمن الممواطن المصري، وأعلن الاعلام المصري عن وجود أثيوبيين وأندونيسيين ... الخ  

4-  شباب وبنات اخلاقيا غير منضبطين: بل لقد قيل أن المكان اصبح وكر للرزيلة، كل هذا لكي يسفهون من الثورة، وأهدافها .

5-  الأعلام العربي هو من صنع تلك الثورة، الجزيرة والحرة والمستقلة وجعل من شبابها ابطال لغاية في نفوسهم .

كل هذه  الأشياء كتبها الأعلام المصري المنقاد بأعداء الثورة، لتشكك في دوافع الثورة النقية، ودوافع أفرادها، حتى تفقد مصداقيتها، وتفقد مؤازرة الناس لها. وفي الواقع كثيرون انخدعوا بهذا الأمر، وكثيرون بدأوا يتخاذلون أمام مطالب الثورة بسبب تلك الاشاعات، كثيرون بدأوا يكتفون كلما حدث انتصار ما، فيقولون يكفي هذا، لن يحدث أفضل من هذا، أم أنك تفضلون البقاء في المكان أكثر، ويبدأ الاعلام في تزكية هذا الأمر، ويقولون، ها نحن نستجيب ... ما الذي يبقيهم أكثر، الأمر ليس مجرد مطالب ولكن هناك يد خفية تجاه هذا الأمر .

وفي هذا الأمر علمتني أيام الثورة الكثير. الخصها في سطور قليلة

-  لابد لكي تحصل عل كل ما تريد من سياسة النفس الطويل .

-  لا تبالي بآراء الآخرين وركز نظرك على مطالبك – طالما مشروعة - و لا تتنازل عن أي منها .

-  لاتدع مبدأ الاكتفاء بمنتصف الطريق يجعلك تتخازل .

    كنت قد كتبت مقال منذ أكثر من عام يحتوي على قصة مشهورة هي قصة الضفدع الذي يعاني من الصمم الجزئي، ويقع في حفرة عميقة، فيحاول الخروج من الحفرة، وسط كلمات الاحباط من زملاءه الضفادع، ولكنه لأنه مصاب بالصمم الجزئي كان يظن صرخات التيأييس هذه هي صرخات مؤازرة وتشجيع، مما حفزه على بلوغ هدفه .

وهذا هو المطلوب وأنت تثور على شيء ما سواء بداخلك أو من المتغيرات المحيطة بك، لا تلتفت لآراء الناس المحبطة، أو التي تستنكر نبل قضيتك، أو محاولة تلفيق أهداف أخرى أنت لا تقصدها مطلقاً بل ركز هدفك على ما تريد بدقة، ولا تتنازل عنه مطلقاً، لا تدع آراء الناس تحبط من عزيمتك، مهما كانت تلك الآراء سلبية في حقك. هذا مهم لكي تنجح في ثورتك  

في النص الذي ذكرته في أول هذا الفصل ذكرت عن تلك العداوة بين أولاد الله، وبين العالم، لذلك دائما يترجم أولاد العالم ما يفعله أولاد الله ترجمة غير حقيقية، ولكننا لا نسلك طكعا في إرضاء أحد، ولكن القضية دائما هي الله، والله أعطانا قواعد للحياة، لابد أن نسير فيها، وإذا كنا لا نسير فيها، ينبغي علينا أن نثور على أنفسنا لنطيع الله في هذا الموضوع، مهما كانت انطباعات الناس، لكن علينا أن نثور على أنفسنا ونحقق مقاصد الله في حياتنا . الأمر أصعب من ثورة 25 يناير، لأن المباديء الالهية أقوى وأصعب. وأيضا المفشلين أقوى وأشد من هؤلاء الذين حاولوا تعطيل الثورة، ولكن الله وعد بروح الحق المعزي الذي يؤازرنا ويعطينا القوة والقدرة لكي نسير وفق مشيئة الله، فهل نستغل هذا العامل المساعد؟

حينئذ، بالتأكيد ثورتنا ستنجح .