عشاق الله

من وحي الثورة (3) كيف تمنع طلب التغيير؟ اصرف اذهانهم بمشاكل اخرى

 

  عماد حنا

قالَ لَهَا يَسُوعُ:«اذْهَبِي وَادْعِي زَوْجَكِ وَتَعَالَيْ إِلَى ههُنَا» أَجَابَتِ الْمَرْأَةُ وَقَالتْ:«لَيْسَ لِي زَوْجٌ». قَالَ لَهَا يَسُوعُ:«حَسَنًا قُلْتِ: لَيْسَ لِي زَوْجٌ، لأَنَّهُ كَانَ لَكِ خَمْسَةُ أَزْوَاجٍ، وَالَّذِي لَكِ الآنَ لَيْسَ هُوَ زَوْجَكِ. هذَا قُلْتِ بِالصِّدْقِ» قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ:«يَا سَيِّدُ، أَرَى أَنَّكَ نَبِيٌّ! آبَاؤُنَا سَجَدُوا فِي هذَا الْجَبَلِ، وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّ فِي أُورُشَلِيمَ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُسْجَدَ فِيهِ» (يوحنا 4: 16- 20)

 

لنرجع إلى أعداء التغيير الذين يريدون منع هذا الاعتصام بشتى الطرق. والفكرة القديمة الجديدة هي صرف الذهن عن تلك الأخطاء التي تحتاج إلى تغيير، وذلك بوضع مشكلة شخصية في شكلها أكبر بكثير من الموضوع المطلوب تغييره، فيحدث إلهاء للموضوع الأصلي ويكثر النقاش حول الموضوع الآخر. 

  بعدها تبدأ التصريحات الخاصة بالموضوع الآخر تملأ الصحف، ويُنسى الموضوع الأصلي.

لنشرح الفكرة عملياً ..

في مصر كان هناك الكثير من الفاسدين ومن الفساد الواضح الذي لابد من تغييره، بدءاً من هيئة المرور وحجز تذاكر القطار إلى أعلى الطبقات حتى نصل إلى رئيس الجمهورية، كما اتضح ذلك فيما بعد. ولكن لكي يبتعد ذهن الشعب عن هذا نبدأ في تفجير مشاكل بين المسلمين والمسيحيين، وإلهائهم في فكرة من هو الكافر ومن هو الملحد، ومن هو الذي يرضى عنه الله.

إذا أراد محامي مسيحي أن يرشح نفسه للإنتخابات، يفبركون قضية في دائرته يهيجون فيها المسيحيين والمسلمين فتحدث كارثة، تجعل الشعب لا يرى بسببها أي كارثة أخرى، حيث يُشغل تفكيرهم تلك الكارثة التي تكاد تودي بحياتهم وتهدد أمنهم، مما يمنع أي تفكير في تغيير آخر.

تأتي المشاكل الطائفية على قمة هذه المشاكل التي يستخدمها أعداء التغيير لإلهاء الشعب عن التغيير، لتنتهي أخيراً بحادثة القديسين الشهيرة، والتي أودت بحياة الكثيرين في سبيل أن ينشغل الشعب بكل هذا ويبتعدوا عنهم وعن أخطائهم.

أيضاً سمعنا عن مشاكل السيدات التي انتشرت إشاعات أنهن أسلمن، وفي الواقع هن لم يسلمن، وانشغل الشعب – أسلمت أم لم تسلم – وهذا أدى إلى مشاكل داخل الكنائس، وعداء على مآذن الجوامع، وابتعد الناس عن المشاكل الحقيقية، ابتعدوا عن السعي وراء الفساد الحقيقي الذي يتغلغل داخل المجتمع. هذا ما حدث قبل الثورة.

وهذا ما يحدث تماماً على المستوى الشخصي يحدث نفس الشيء، فقبل أن تبدأ لتثور على نفسك وتسعى وراء التغيير يشغلك الشيطان بالكثير والكثير من الأفكار الصعبة.

لنأخذ مثل في هذا الأمر، المرأة السامرية التي التقت بالسيد المسيح، تقابلت معه، وهو كان يهدف لعلاج الفساد الذي داخلها، وهي تحاول أن تهرب من ذلك الإصلاح، لقد كانت ممتلئة من الفساد والخطايا، وحاورها السيد المسيح، لنقرأ هذا الحوار ولنتعلم.

-  لَهَا يَسُوعُ:«اذْهَبِي وَادْعِي زَوْجَكِ وَتَعَالَيْ إِلَى ههُنَا»

  أَجَابَتِ الْمَرْأَةُ وَقَالتْ:

-  «لَيْسَ لِي زَوْجٌ».

قَالَ لَهَا يَسُوعُ:

-  «حَسَنًا قُلْتِ: لَيْسَ لِي زَوْجٌ، لأَنَّهُ كَانَ لَكِ خَمْسَةُ أَزْوَاجٍ، وَالَّذِي لَكِ الآنَ لَيْسَ هُوَ زَوْجَكِ. هذَا قُلْتِ بِالصِّدْقِ»

قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ:

-  «يَا سَيِّدُ، أَرَى أَنَّكَ نَبِيٌّ! آبَاؤُنَا سَجَدُوا فِي هذَا الْجَبَلِ، وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّ فِي أُورُشَلِيمَ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُسْجَدَ فِيهِ».

فكر معي في الذي حدث، هل ترى أسلوب الحوار؟ .. المسيح يضع يده على الداء، ولكن السيدة هربت من هذه المشكلة، بأنها أوجدت مشكلة لاهوتية، أيهما أصح؟ هل نعبد في أورشليم أم على الجبل؟!! ... هل هذه هي المشكلة؟!، وهل أنتِ أيتها السامرية تعبدين بالفعل؟ هل هذه المشكلة تؤرقك؟ أم أنه من الصح أن نعالج الخطأ الداخلي الكامن فيك، ثم  بعد ذلك ندخل على المرحلة الأخرى. لابد أن نتصالح مع الله، ثم نبدأ في البحث عن طرق العبادة الصحيحة. أليس هذا هو المنطقي؟

ولكن لكي يحرمنا الشيطان من الثورة على الذات واللجوء إلى الله لينظف ما بداخلنا من أوساخ يبدأ في طرح قضايا ثانوية، تخص العبادة الشكلية والمشاكل الطائفية، فننسى العلاقة الحقيقية مع الله.

صديقي ..

هل تود أن تنجح ثورتك الداخلية؟، ركز على الفساد الحقيقي داخل النفس، وثق أن الله يستطيع أن يغيرك بالكامل، فإذا حدث هذا سوف تعلن أمام الجميع عن التطهير الذي حدث بداخلك، فلا تبالي بالمشاكل الجانبية.

في ثورتنا المصرية عندما التفتوا إلى الفساد والمشكلة الحقيقية، لم تعد المشكلة هي مشكلة مسلم ومسيحي، لقد أصبح الكلام عن المواطن المصري، ومعالجة المواطن المصري، وتدمير الفساد الذي يؤذي المواطن المصري، وهي خطوة حقيقية تجاه الإصلاح.

لنبتعد عن إلهاء أنفسنا بتفاصيل ليس لها نفس الأهمية، لنركع إلى الله ولنطلب منه إصلاح الفساد الموجود في حياتنا، وهذا لن يتم إلا من خلال روح الله الذي يسيطر على الإنسان بالكامل. فيغير ما به. هل نجرب؟

صلاة

إلهي .. أضع نفسي الآن بين يديك

معترفاً بفسادي وخطاياي

لن أدع أي شيء يلهيني عن حقيقة كوني فاسداً

أحتاج إلى أن تأتي وتصلح ما بي من فساد

أنت تريد أن تعالج ما بي من فساد

وها أنا أسلم نفسي بين يديك

استلم قلبي وحياتي

وصالحني معك ومع نفسي،

فأكون لك بالكامل، كي تغير وتصلح ما قد فسد

يارب