عشاق الله

ركن الإيمان الثالث: الكتب/ محمد فادي الحفار

  ركن الإيمان الثالث: الكتب *

محمد فادي الخفار


بما أننا متفقون حول شرحي لمعنى الإيمان - في الجزء الأول من سلسلتي - من أنه هو ( الأمن والأمان والإطمئنان بالدرجة الأولى ) فإنني أقول بأنني ولكي أطمئن للكتاب الذي بين يدي من أنه كتاب حق فلابد لي أن أراه منطقيا ولايحمل معه أفكارا متناقضة وتضاربة تجعل الأمر يلتبس على فهمي وعقلي الذي منحني إياه المولى سبحانه وتعالى لكي أعمله في كل شيء حولي.

  .
ومعنى الإيمان بكتبه سبحانه وتعالى يكمن في إيماننا بكل ما نعتقد من أنه كتاب صادر عنه تبارك اسمه مع يقيني بأن كل صادر عن إنسان مرده إلى الله سبحانه وتعالى كون الروح واحدة وهذا ما سنتطرق له لاحقا في باب المشيئة بإذن الله سبحانه وتعالى .


وعليه :
فإن موضوع الإيمان بكتب الله سبحانه وتعالى هوا من أخطر المواضيع التي تتطرق لها جميع العقائد بما فيها عقيدة الموحدين – أتباع المصطفى (ص) أو من يظنون نفسهم كذلك – أي الذين ينكرون على الله سبحانه وتعالى حفظه لكلامه من التحريف – لعدم فهمهم شمولية قوله مع ضيق فكرهم - بقولهم أن التوراة والإنجيل قد حرفتا مع وجود الآية التي تقول :

(( إنا نحن أنزلنا الذكر وإنا له لحافظون ))

والذكر يا صاحبي ليس اسما من أسماء القرآن الكريم وحده فحسب كما يعتقد البعض منا، وإنما هوا اسم لكل ما أنزل لله من كلامه القدسي على البشرية جمعاء ليخرجها من الظلمات إلى النور وهذا واضح في الآية الكريمة التي تقول :

(( وأتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا ))

وكما ترى فإن كلمة ذكر ليست صفة للفرقان كما يدعي مفسرون هذه الأية الكريمة , والسبب هو وجود حرف الواو الذي يفصل بين الفرقان و الضياء مما يجعلها كتب ثلاثة منفصلة وهم الفرقان والضياء والذكر , وإلآ جائت الآية الكريمة على النحو التالي موضحة أنه كتاب واحد هوا الفرقان وصفته أنه ضياء وذكر (( الفرقان ضياء وذكرا )) من غير وجود لحرف الواو الذي حددته باللون الأزرق والواقع بين الفرقان والضياء والذي يؤكد على التعدد والاختلاف بين الكتب الثلاث .

لذلك فإن كل من يشكك بأن كتب الله السماوية قد حرفت فإنما هوا يشكك بالقرآن الكريم ذاته لأن الذكر من أسمائه ولورود الآية التي تقول (( إنا نحن أنزلنا الذكرى وإنا له لحافظون )) وبما أن الذكر واحد من كتب موسى عليه السلام فإنني أقول بأن كل موحد يقول بهذا القول من أن الكتب السماوية التي سبقت القرآن الكريم قد طالتها يد التحريف فكأنما يقول أن كلام الله الذي يؤمن به لا يمكن أن يحمل على محمل الجد كونه لم يستطع أن يحمى كتبه من التحريف وعبث العابثين بها كما عاهد هو نفسه .
إن موضوع التحريف هذا بحاجة لتدقيق لا تشوبه شائبة، ذلك أن كتب الله جميعها سليمة ولا تحريف فيها، وهو تدقيق مطلوب كي يتحقق بذلك إيماننا بأحد الأسس الستة الهامة في موضوع الإيمان وهوا الإيمان بكتبه .
وقد يعترض أحدهم قائلا قد كانت هناك توراة صحيحة وإنجيل صحيح غير أنهما قد حرفتا مما يجعل الكتب الموجودة الآن محرفة لا يؤخذ بها وفقا للأية الكريمة التي تقول :

((( افتطمعون ان يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون ))) البقرة 75

ولهذا المعترض أقول: تريث ياسيدي الفاضل واعقل كلامك قبل أن تصف كتابا كريما من كتبه تبارك وتعالى بالتحريف فتصبح من النادمين.   فنحن نؤمن بأن التحريف يكون بالشرح والتفسير فقط ولا يكون بتغيير كلمات الكتاب لأن الله سبحانه وتعالى قد أخذ على نفسه عهدا كما سبق وذكرنا وهو الحافظ لعهده .
ودليلي من القرأن الكريم بأن التحريف يكون بالتفسير فقط فهو الآية الكريمة التالية :

((( يا ايها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا امنا بافواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم اخرين لم ياتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون ان اوتيتم هذا فخذوه وان لم تؤتوه فاحذروا ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا اولئك الذين لم يرد الله ان يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الاخرة عذاب عظيم ))) المائدة 41

هذه الأية تؤكد بأن التحريف هو الشرح وليس التغيير أو التعديل بالكلمات المكتوبة في الكتاب .
ثم إن آيات القرآن الكريم والتي جاءت على ذكر التحريف هي أربع آيات كريمات في القرآن الكريم كله ولا يوجد سواها وهي الآيتان السابق ذكرهما والآيتان الكريمتان التاليتان :

((( من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بالسنتهم وطعنا في الدين ولو انهم قالوا سمعنا واطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم واقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون الا قليلا ))) النساء 46

((( فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم الا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح ان الله يحب المحسنين ))) المائدة 13

وعليه :
فهذه هي كل الآيات في القرأن الكريم التي جاءت على ذكر التحريف ولك أن تقارنها مع الآية الوحيدة التي شرحتها والتي تؤكد أن التحريف يكون بالشرح والتفسير فقط وليس بتغير كلمات كتب الله السماوية .......
فمن أين أتوا بمثل هذا الافتراء العظيم على الله وقرآنه العظيم ولا توجد أية كريمة واحدة تؤكد قولهم الباطل شكلا وموضعا من تحريف كتبه السماوية !!!!!!!!!

فاحذر ثم احذر ثم احذر أيها الدارس المتعمق في كتاب الله الكريم وأنت تفسر آياته الحكيمة من أن تكون من الضالين المضلين لأنه هناك كثير من المثقفين وغير المثقفين و أشباه المثقفين الذين يعبدون الله على حرف ولا يتفكرون في روح الرسالة ورؤيتها البعيدة للأمور :

((( ومن الناس من يعبد الله على حرف فان اصابه خير اطمأن به وان اصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والاخرة ذلك هو الخسران المبين ))) الحج 11

*هذا البحث هو جزء من دراسة طويلة في أركان الإيمان يمكن الاطلاع عليها مفصلة في منتدى القرآنيين بالموقع.