عشاق الله

إطلاق مصطلح *غير المُسلمين* على اليهود والنصارى ... باطل شرعا

 

إطلاق مصطلح *غير المُسلمين* على اليهود والنصارى ... باطل شرعا

أنيس محمد صالح

بسم الله الرحمن الرحيم

إن المتتبع للكثير من الكتابات للمفكرين والكُتاب والكاتبات العرب المرموقين اليوم يهودا كانوا أو نصارى أو مسلمين , يجد العديد من المصطلحات بمفهومها غير الدقيق تُطلق جُزافا دونما علم أو معرفة لإشتقاقات ولمفهوم هذه المصطلحات !!! والتي هي ( إنعكاس ) تعكس بالأساس مفهوم الفكر العربي – الإسلامي التراثي المذهبي السلفي السائد , دونما أن يُكلف الإنسان نفسه في التشخيص والتحري الدقيق وما تمثله إطلاق مثل تلك العبارات والمصطلحات جُزافا !!! ودون علم وتقصي وتشخيص وتمحيص وتدقيق !!! وما تحمله تلك المصطلحات غير الدقيقة من تأثير سلبي مجتمعي , يساهم أساسا في إدكاء الجهل أحيانا ... وإدكاء نار الفُرقة والفتنة بين الشعوب والمجتمعات أحيانا أخرى !!!

كما ولايزال يتردد كثيرا وعلى أيدي كثير من المفكرين والكُتاب والكاتبات المرموقين المُعاصرين العرب حتى يومنا هذا , حينما يطلقون عبارات مثل ( الأُمي ) , ليدللوا في مفهومهم للآخرين للدلالة , إن الأُمَي هو كناية ووصف للشخص الجاهل الذي لا يفقه القراءة والكتابة !!! وهم في هذا لا يختلفون في خطابهم عن علماء التراث والسلف في القرون الوسطى !! عندما يُكرر ما كرره آباؤه وأجداده أصحاب التُراث والسلف الصالح دون علم !!! ويتحول كالببغاء التي تكرر وتُردد المُكرر والمُردد !!! دونما أن يكلفوا أنفسهم بعكس صورة مصطلحية بلاغية مُعاصرة , تتجدد من خلالها الرؤى والمفاهيم , وتليق بمستوى ما يكتبونه من قضايا جوهرية مُعاصرة جادة تستحق التقدير والإحترام.
وكنت قد نشرت ( كواحد ممن كتبوا ) , في الحوار المتمدن والعديد من المدونات والمواقع الألكترونية , نشرت دراسة مُفصلة حول هذا الموضوع بعنوان *الرسول الأُمَي لا تعني الجاهل للقراءة والكتابة* على الرابط :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=89142

وبينت فيها بالدليل والحجة والإثبات والقرينة من القرآن الكريم , ما يؤكد إن الرسول محمد ( عليه الصلاة والسلام ) قد كتب القرآن الكريم بيمينه , وما يؤكد كل ما أقول من خلال موضوع البحث , وبينت فيها كذلك ماذا تعني كلمة الأُمَي والمشتقة أصلا من ( الأُمَة ) ولا علاقة لها بالجهل والقراءة والكتابة لا من قريب ولا من بعيد , وتم تحريف مفهوم ومصطلح هذه الكلمة ( أُمَي ) عمدا ومع سبق الإصرار والترصُد !!! من خلال أئمة الملوك والسلاطين والمذاهب وأثرت سلبا في حال الأمة العربية والإسلامية اليوم , حينما جعلوا لنا القدوة والأسوة الحسنة رسول جاهل للقراءة والكتابة ظلما وعدوانا !!!.
وتجد الكثير من مفكرينا وكُتابنا وكاتباتنا المحترمين اليوم , لازالوا يرددون هذا المصطلح بمفهومها التراثي التحريفي السلفي المذهبي العدواني القديم !!! وكأنهم لم يقرأوا ما كتبه العديد من الكُتاب والمفكرين المُعاصرين في هذا الشأن ؟؟؟

ويتداول ويتردد هذه الأيام كثيرا , ومن خلال العديد من المفكرين والكُتاب والكاتبات المرموقين والمحترمين العرب , في الحوار المتمدن والعديد من المواقع الألكترونية ... والعديد من المفكرين العرب وعلى شاشات القنوات الفضائية والصحف اليومية والمجلات , مصطلح *غير المُسلمين* في دلالة وللإشارة بهذا المصطلح ليصف به *اليهود والنصارى* وغيرهم من الأُميين !!! في إشارة واضحة تبين إن كاتب هذا المُصطلح والناطق به وبهذا المعنى , هو في الحقيقة يبيَن للآخرين بوضوح , إنه لا يعلم ماذا يعني الإسلام ؟؟؟
وقد نشرت في موقع الحوار المتمدن أيضا , والعديد من المواقع الألكترونية , العديد من البحوث والدراسات , ومنها الدراسة بعنوان ( ماذا يعني الإسلام في القرآن الكريم ) , على الرابط :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=88410

وبينت من خلال هذه الدراسة مفهوم مصطلح *الإسلام* والذي يقوم أساسا على التوحيد ( العبادة والإستعانة والتوكُل على الله وحده لا شريك له ) , وبينت فيها من خلال البراهين والحُجج والدلائل والقرائن من القرآن الكريم , لمفهوم الإسلام الذي هو دين السموات والأرض.
لقوله تعالى... على لسان سيدنا أبو الأنبياء إبراهيم (عليه الصلاة والسلام):
وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {127}
رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {128}
رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ {129}
وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ {130}
إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ {131}
وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ {132} أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ {133} البقرة
وقوله تعالى:
أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ {83} آل عمران

ودراسة أخرى بعنوان ( الفرق بين الإسلام والإيمان في كتاب الله جل جلاله ) على الرابط:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=89670‏

فالإسلام هو دين السموات والأرض , وجميع أهل الرسالات السماوية ( التوراة والإنجيل والقرآن ) هم جميعهم مُسلمين موحدين على ملة أبينا إبراهيم , ولا يوجد فقهيا وقرآنيا , ما يمكن أن يُطلق عليهم *غير المسلمين* أو *غير الموحدين* ومن كان من أهل الرسالات السماوية جميعهم دونما إستثناء غير موحد !!! فهذا بعلم الله وحده لا شريك له وبالعلاقة المباشرة بين العبد وخالقه , ونحن لسنا طرفا فيها. وإطلاق هذه العبارات عشوائيا ... وهذا المُصطلح جُزافا هو نتيجة طبيعية , لما يمكن أن تكون بسبب الجهل فقهيا لمفهوم هذا المُصطلح تحديدا والجهل بمفهوم الإسلام عموما , وبالنتيجة هذا المُصطلح *غير المُسلمين* يعني فقهيا وقرآنيا *غير الموحدين* ويعني بالنتيجة فقهيا *الكُفار* !!!

وإطلاقنا لهكذا عبارات ومصطلحات غير شرعية , تؤكد بالضرورة إنه لا يحق لنا إطلاق مثل هذه العبارات والمصطلحات جُزافا !!! على كائن من كان , والتي نُكفر فيها الآخرين جهلا ودون علم منا لما نطلقه من مصطلحات.

دراسة أخرى نشرتها في الحوار المتمدن والعديد من المواقع الألكترونية بعنوان : ( اليهودية , النصرانية , الإسلام ) ثلاث مرادفات لمعنى التوحيد . وبمعنى آخر عندما نشرت هذه الدراسة بينت بالدليل والبرهان والقرينة والحجة من القرآن الكريم , بأن اليهودية تعني التوحيد وتعني النصرانية وتعني الإسلام , ونفس الوضع ينطبق على النصرانية والتي تعني التوحيد وتعني اليهودية وتعني الإسلام , ونفس الوضع ينطبق على الإسلام الذي يعني التوحيد ويعني اليهودية ويعني النصرانية.... وبينت بوضوح أن ( اليهودية والنصرانية والإسلام ) ثلاث رسالات سماوية ( دين الله ) ومن إله ورب واحد , نزلت جميعها لتوحيد الله وحده لا شريك له والإستعانة والتوكُل على الله وحده.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=89740

فكيف يكون الوضع بإطلاق هكذا مصطلحات دينية فقهية عشوائية جُزافية !!! تُكفر الآخرين , ونؤكد من خلالها جهلا بأنهم غير مُسلمين ( غير موحدين ) أو *كُفارا* ؟؟؟

بإمكان الفرد فينا لو كان أصله من اليمن ويحمل الجنسية والهوية اليمنية مثلا , أن يقول *غير اليمنيين* في دلالة وإشارة للمصري والعراقي والهندي وغيرهم من باقي الجنسيات والشعوب , ممن لا يحملون الجنسية أو الهوية اليمنية , ولكن لا يحق لليمني أو لغيره أن يصف الآخرين من باقي الجنسيات والشعوب والهويات بأن يصفهم فقهيا ودينيا بأنهم *غير المُسلمين* !!!.

ورأيي الشخصي , إن على العديد من المفكرين والكُتاب والكاتبات العرب غير المُدركين لمفهوم هذا المُصطلح الفقهي *غير المُسلمين*, أن يفرقوا بين تقسيم الناس على أساس ديني للهوية !!! أو على أساس التقسيم الجُغرافي للهوية ؟؟؟ وشتان بين الأول والآخر.

ولماذا لا يُطلق عليهم المصطلح الفقهي الشرعي القرآني *أهل الكتاب * مثلا , أو أن يطلق عليهم المصطلح الفقهي الشرعي القرآني *اليهود والنصارى* مثلا ... بدلا من إقصاؤهم وتكفيرهم وإلغاء وحدانيتهم كلهم ودونما تمييز , ووصفهم باطلا بالمصطلح *غير المُسلمين* !!!؟؟؟