عشاق الله

نساء في زاوية الرفض

رحاب الهندي

تقدم مبتسما متسائلا: هل أجد عندك عروسا يا شهرزاد؟ شاركته الابتسامة والتساؤل هل أنت من أصحاب التعدد. ألست متزوجا؟ أجابني: اتفقنا على الانفصال!
لم أحاول أن أدخل في صلب الموضوع حرصا على مشاعره حتى لا يضطر للبوح بسر يسكن بين أضلاعه، لكنه ببساطة قال: بصراحة...

أنا متزوج منذ خمسة أعوام وزوجتي لا تنجب وأتمنى ان يولد لي طفل، لذا منذ فترة أفكر بأن أتزوج ثانية ولكني كنت أتمهل لعل الله يرزقنا بطفل، لكن التقرير الطبي الأخير أكد عقم زوجتي وأنها لن تنجب أبدا. فحقي ان أتزوج وقد شرحت الموضوع لزوجتي، وتفهمته ولم تمانع لكنها طلبت الانفصال!

نظرت إليه بتمعن وأجبته: تعتقد لو ان زوجتك رفضت هل كنت ستلغي قرارك بالزواج، بالطبع لا فأنت يحق لك الزواج وقت ما تريد. ولكن تصرفك حضاري في أنّك أخبرتها وخيرتها وهي حرة في أن تنفصل عنك او تستمر معك بوجود الزوجة الثانية.

هز رأسه وأجاب الآن كل شيء انتهى، وقد انفصلنا وأبحث عن عروس هل تعرفين عروسا. قلت له العرائس كثيرات هناك أم أسامة امرأة شابة وجميلة أرملة ولديها طفل واحد. لا شك أنّك تعرفها. وأيضا توجد نبأ وهي مطلقة وجميلة وليس لديها أطفال.

وقبل ان أتابع هز رأسه معترضا، لا يا سيدتي ماذا تقولين ليسامحك الله، وما هذه الاختيارات أرملة، ومطلقة، وأنا أريد امرأة لم يسبق لها الزواج!

ولا أعرف كيف أجبته بشيء من الغضب الرقيق لكنك مطلق وسبق لك الزواج، ما الضير في ان تتزوج أرملة او مطلقة.

لا لا وتمازجت اللاءات التي كررها بإصرار شديد على رفض الفكرة برمتها متسائلا لا يمكن ان أتزوج أرملة او مطلقة.

قلت له حسنا: هناك فتاة رائعة الجمال والأخلاق عمرها تجاوز الثلاثين بقليل، ما رأيك.. ولم يسبق لها الزواج. فكر قليلا ثم هز رأسه وأجاب أعتقد أنها كبيرة بعض الشيء. بصراحة أريد ان يكون عمرها أقل من الثلاثين. وحين سألته كم عمرك أنت أجاب أربع وثلاثون سنة!!

وبدلا من ان أشير عليه بأسماء بعض الفتيات سألته: ما الذي يجعلك ترفض الزواج في المطلقة أو الأرملة او الفتاة التي تجاوزت الثلاثين وأنت كما تقول تحترم المرأة وتناصرها وتؤيد أحقيتها بالحرية. لكنه فورا أجاب إسمعي يا شهرزاد النظريات شيء والواقع شيء آخر نحن كعرب وشرقيين هذه نظرتنا للزواج نبحث عن عروس لم يسبق لها الزواج ونفضلها. أنا شخصيا لا أتحمل فكرة ان أتزوج إمرأة سبق لها الزواج، صدقيني لا أتحمل هذه الفكرة ولأكن صريحاً معك أكثر. لست وحدي الذي يحمل هذا التفكير بل أغلبية أفراد المجتمع!

تركني وأنا أقول له: ألا ترى مشاكل المجتمع المتراكمة وبدأت أتساءل، لماذا يكتب على المرأة في مجتمعاتنا ان تكون مرفوضة تماما من قبل طالبي الزواج في حالة ترملها او طلاقها او تجاوزها الثلاثين!

أية مشكلة هذه وأي سخف نتعلق به والغريب ان الذين يرفضون هكذا زيجات هم رجال سبق لهم الزواج!!

ما الذي يعنيه للرجل ان يكون الأول في حياة المرأة، رغم أنها ستكون الثالثة او الرابعة او... الله أعلم كم رقمها في حياته!!

المرأة امرأة أما تكون مميزة ورائعة او لا تكون سواء كانت قد عاشت حياة زوجية او لم تعش. ما الذي يدور في ذهن الرجل ويستنكف ان يكرر تجربة الزواج مع امرأة كانت متزوجة وانفصلت او ترملت او حتى تجاوزت الثلاثين! هل هي عقد نفسية متراكمة. أم عادات وتقاليد هيمنت على الرؤوس والمشاعر. وهل نحكم على المرأة في هذه الحالات بقسوة الوحدة وان تعيش من أجل ان ترى أولادها فقط وان تحشر في زاوية العيب من تكرار التجربة.

صحيح ان هناك بعض الحالات التي تزوجت فيها المرأة مرة ثانية لكن بعد ان حارب الزوج الجديد من أجلها أهله والمجتمع!

قد يكون الموقف مقبولا نوعا ما لو رفض شاب أعزب الزواج من إمرأة سبق لها الزواج. لكن ان يكون موقف المطلق والأرمل يوازي موقف الأعزب فهنا الاحتجاج والغرابة!

والموقف الذي يثير الاستياء والغضب ان بعض الرجال قد يقيمون علاقات مع هؤلاء النساء رغم أنهم متزوجون وحين تطالب المرأة أحدهم بإنهاء العلاقة بالزواج يرفض بحجة أنها مطلقة وأرملة.

ذن هو يقبل إقامة علاقة معها لكنه يرفض الزواج منها ويعتبرها إمرأة عابرة من أجل التسلية والمتعة الوقتية ليس إلا.

أحدهم قال لي: أحبها جدا يا شهرزاد، ولا أستطيع نسيانها. قلت له: لم لا تتزوجها. تنهد بحسرة وقال: أنها مطلقة، أجبته: لكنك تحبها. أجاب: نعم ولكنني متزوج ولدي أطفال.

وحين سألته: لو لم تكن متزوجا هل كنت تتزوجها، ومن دون ان يشعر أجاب: لا طبعا قلت لك أنها مطلقة.

وحين نظرت إليه بابتسامة باهتة، هز رأسه محرجا وهو يتابع حديثه: يا شهرزاد الحب شي والزواج شي آخر. ونحن في مجتمع لا يتقبل هذه الامور صدقيني مجتمعنا يرفض وبإصرار... وقبل ان يتابع جملته قلت له يجب ان لا نضع أخطاءنا وعيوبنا وخوفنا على شماعة المجتمع أرجوك نحن قد نصلح المجتمع ولا نتركه يفرض علينا الأخطاء ونفعلها سرا... تصحيح الآراء الخاطئة يبدأ بخطوة...

والكل يجبن عن اتخاذها... وحسرة على النساء اللاتي يعتبرهن المجتمع وقودا لنار الأخطاء المتراكمة رغم أنهن وكما قالوا نصف هذا المجتمع.