عشاق الله

المرأة في الكتب المقدسة

 

المرأة في الكتب المقدسة

الدكتور صادق إطيمش

 

مدخل

يأخذ موضوع المرأة حيزآ واسعآ من النقاشات والكتابات التي تتناول موقف ألأديان ألإبراهيمية الثلاثة ألإسلام والمسيحية واليهودية منها وتجري المقارنة في كثير من المناسبات بين هذه الأديان على أساس معاملتها للمرأة, للخروج بالنتائج السلبية أو ألإيجابية لهذا الدين أو ذاك إستنادآ إلى تقييم وضع المرأة إجتماعيآ وسياسيآ واقتصاديآ في المجتمعات التي تتواجد فيها هذه الأديان أو إستنادآ إلى ما تطرحه هذه المؤسسة الدينية أو تلك أو هذا المسؤول الديني أو ذاك عن علاقة الدين بالمرأة وتقييمه لها . نحاول في هذه الدراسة إلقاء بعض الأضواء على هذا الموضوع ومناقشته من زاوية ألأسس التي تناولته في الكتب المقدسة للإسلام والمسيحية واليهودية ومدى التشابه والإختلاف في هذه الأسس والخروج بالتالي بدراسة العلاقة بين هذه ألأسس العامة في كل دين من ألأديان الثلاثة ومدى علاقتها بالواقع المُعاش حاليآ .

إن ألتاثير الذي تمارسه ألأديان على المجتمعات يجب أن ينُظر إليه ويجري تحليله من خلال البيئة التي نشأت فيها هذه الأديان بكل ما تضمنته من عادات وتقاليد كانت سائدة في الوقت الذي جرى فيه التبشيربالرسالة الدينية المعنية . وإن أي تحليل للنص الديني يشذ عن هذه القاعدة وعن تاريخية النص الذي جاء به الدين سيتبلور عن فهم خاطئ للنص يجرده عن واقعه ويخضعه للواقع ألآني الذي يعيش فيه المُفسر أو المُحلل لهذا النص . فإذا حاولنا اليوم إبتكار بعض المفاهيم فإن هذه المفاهيم ستكون حتمآ خاضعة بهذا الشكل أو ذاك للواقع ألإجتماعي والسياسي والثقافي والإقتصادي الذي نعيشه اليوم وينبغي أن تكون منسجمة معه قدر الإمكان وبذلك نتجاوز القفز على المعطيات التاريخية والعلمية التي يتميز بها المجتمع في هذه الحقبة التاريخية من وجوده . إن موضوع هذه الدراسة , ألمرأة في الكتب المقدسة , يمكن أن يقدم لنا مثالآ واضحآ على هذا النوع من التحليل .

بالرغم من التشابه الكبيرفي العادات والتقاليد , وليس في أنظمة ألحكم , الذي ساد المجتمعات التي جرى بها التبشيرللأديان الإبراهيمية الثلاثة , فإن التغيير الذي نشأ بعدئذ في كل من هذه المجتمعات منفردة وعلى مرور القرون العديدة من الزمن قد ترك بصماته على ما نراه اليوم سائدآ في مناطق تواجدها . لقد جرى هذا التغيير كإنعكاس للتطور الجديد الذي طرأ على المجتمعات والذي إختلف جذريآ عن مرحلة التبشير ألأولى . وحينما ندرس بعض الظواهر الإجتماعية السائدة آنذاك فإننا سنرى بأن ظاهرة تقسيم العمل ألإجتماعي كانت تشكل إحدى السمات المميزة للمجتمعات آنذاك . لقد كان النظام ألإجتماعي السائد في المجتمعات التي نشأت فيها ألأديان ألإبراهيمية يعتمد بشكل أساسي على سيادة الرجل , المجتمع الأبوي , الذي جرى على أساسه تقسيم العمل في المجتمع . فقد كانت ألأعمال الشاقة المتعلقة بقوة الجسم كالحروب والغزوات التي كانت تشكل مصدرآ أساسيآ للحياة , والدفاع عن القبيلة أو العائلة , والسفر مع القوافل التجارية لحمايتها من ألسلب والنهب , والصيد وغيرها من ألأعمال الشاقة ألأخرى من نصيب الرجل الذي أوكلها المجتمع له وكان ينتظر منه القيام بها دون تردد . أما المرأة فلم تمنحها مجتمعات ألأديان الثلاثة آنذاك سوى ألعمل الثانوي , واستنادآ إلى ذلك فقد كان دورها في هذه المجتمعات ثانويآ أيضآ.

وبمرور الوقت واستنادآ إلى التطورات المختلفة التي تعرضت لها هذه المجتمعات كل على إنفراد , جرى تغيير على تقسيم العمل الإجتماعي كانعكاس للواقع الجديد , بحيث يمكننا القول بأن التطور الذي جرى في بعض هذه المجتمعات يكاد يكون قد إنقطع كليآ عن ألأصل الذي نشأ عليه أثناء حقبة التبشير.

لقد بدأت بعض هذه المجتمعات بتغيير الطابع الأبوي الذي كان سائدآ آنذاك بعد ان تداخلت فيه علاقات إجتماعية واقتصادية وثقافية وسياسية متعددة , وتباينت فيه التقاليد والأعراف التي أدت إلى توزيع جديد للأدوار. فإذا درسنا المجتمع الغربي مثلآ والذي ينتمي بأغلبيته إلى الديانة المسيحية , فإننا سوف لا نجد هنا ما يشير إلى أرتباط هذا المجتمع وما يرافقه من توزيع للأدوار فيه , بالمجتمع الذي برزت فيه المسيحية إلى الوجود لأول مرة. إن التطور الذي جرى على المجتمع المسيحي الغربي لا يمكن فهمه إذا لم يجر ربطه بالثقافات الإغريقية والرومانية التي إختلطت فيه , وإذا لم يؤخذ تأثير الحركة الدينية ألإصلاحية البروتستانتية فيه , أو تأثير الثورة الفرنسية أو الثورة الصناعية على هذا المجتمع . وانطلاقآ من هذه الحقيقة فإنه من الخطأ ألإنطلاق مما يدعو له بعض المحللين الذين يوجهون دراساتهم وأبحاثهم على المقارنة , في موضوع هذه الدراسة مثلآ , بين الغرب والإسلام . إنهم يسعون إلى المقارنة بين مفهومين مختلفين , بين مجتمع ساهم في تكوينه ليس الدين المسيحي فقط, بل معطيات كثيرة أخرى مختلفة وبين دين ظل في كثير من مفاصله بعيدآ عن التأثر بمثل هذه العوامل الخارجية ومحتفظآ بمعطياته الخاصة. إن المقارنه هنا يجب أن تكون بين حدين متشابهين , كأن تجري مثلآ بين المسيحية والإسلام أو بين الغرب والشرق .

موضوع البحث

لدراسة موضوع المرأة في الكتب المقدسة للأديان ألإبراهيمية الثلاثة دراسة علمية بعيدة عن العواطف , يجب علينا الإنطلاق من المعطيات الثقافية والإجتماعية والإقتصادية التي كانت سائدة في مجتمعات هذه الأديان أثناء تثبيت نصوص كتبها المقدسة . أي اننا يجب أن نتعامل ومقتضيات ذلك العصر حين تفسير مثل هذه النصوص وليس من مقتضيات العصر الذي نتواجد فيه الآن .إن مقتضيات وضعنا الآني يجب توظيفها لمحاولة جعل هذه النصوص تتناغم وحاجات المجتمع الذي نعيش فيه اليوم .

ومن خلال هذا التوجه العلمي في التحليل سنجد هناك تشابهآ ملفتآ للنظر بين نصوص الكتب المقدسة للأديان الثلاثة رغم البعد الزمني بين تثبيت هذه النصوص ووجودها بين أيدينا بالشكل الذي هي عليه اليوم , ورغم إختلاف أللغات التي جاءت بها هذه النصوص . لقد حاولنا إختيار بعض المواضيع التي أخضعناها لبحث المقارنة بغية التوصل إلى إختبار الفرضية التي إنطلق منها البحث والتي تتمحور حول التشابه الذي يمكن أن تتضمنه نصوص الكتب المقدسة الثلاثة في هذا المجال . وبذلك يمكن ألإستنتاج بتشابه المنطلق النظري لللأديان الثلاثة رغم ألإختلاف الواضح في التطبيق العملي . ولتسهيل موضوع المقارنة حاولنا حصرها في محاور معينة تتناول موضوع البحث من جوانب مختلفة .

إن هذه المحاور هي : 1

. خلق ألمرأة , 2. الخطيئة , 3. المرأة كغنيمة , 4. الموقع ألإجتماعي للمرأة , 5. تصرفات المرأة في المجتمع, 6. أللباس , 7. ألإرث , 8. الزواج , 9. الطلاق , 10. ألمساواة . 1

.خلق ألمرأة

  جميع الكتب السماوية المقدسة , القرآن والإنجيل والتوراة تتحدث عن ألله خالق السماوات والأرض وكل ما عليهما وما بينهما . وفي جميع هذه الكتب المقدسة نجد نصوصآ متشابهة عن خلق المرأة بالذات:

ألإنجيل ـ ألتوراة

ألتكوين 2

/21ـ 22

فأوقع ألرب الإله آدم في نوم عميق, ثم تناول ضلعآ من أضلاعه وسدَّ مكانها باللحم . وعمل من هذه الضلع إمرأة أحضرها إلى آدم .

ألرسالة ألأولى إلى مؤمني كورنثوس 11

/8ـ9

فإن الرجل لم يؤخَذ من المرأة , بل المرأة أُخذَت من الرجل . والرجل لم يوجد لأجل المرأة , بل المرأة وُجِدت لأجل الرجل . 11

/12

فكما أن المرأة أُخِذَت من الرجل , فإن الرجل يكتمل بالمرأة .

ألقرآن

ألسورة 4 / ألآية 1

"يا أيها الناس إتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالآ كثيرآ ونساءً " 16

/ 72

"والله جعل لكم من أنفسكم أزواجآ"

فبالرغم من أن القرآن لم ينوه صراحة بخلق المرأة من ضلع الرجل كما نصت على ذلك التوراة والإنجيل إلا أن مضمون ألآيتين القرآنيتين أعلاه يوحي بتشابه المعنى حول خلق ألمرأة . ومن المعلوم أن التراث ألإسلامي الشعبي يتحدث عن خلق المرأة بنفس المعنى الوارد في التوراة والإنجيل . 2

. ألخطيئة

  في الوقت الذي تتحدث فيه التوراة والإنجيل عن دور المرأة , حواء , ومسؤليتها المباشرة عن خطيئة الخروج من الجنة , يتحدث القرآن عن خطيئة ألإثنين , آدم وحواء , التي أدت إلى خروجهما من الجنة .

ألإنجيل / التوراة

التكوين 3

/6ـ24 هذه ألآيات من التوراة تبين خطيئة المرأة في الخروج من الجنة . وبالنظر لطول النصوص فسنحاول ألإكتفاء بالإشارة إلى بعض المقاطع الدالة على هذه الخطيئة : وعندما شاهدت المرأة أن الشجرة لذيذة......قطفت من ثمرها وأكلت ثم أعطت زوجها أيضآ......فأجاب آدم إنها ألمرأة التي جعلتها رفيقة لي....... وهكذا طرد ألله الإنسان من جنة عدن .

الرسالة ألأولى إلى تيموثاوس 2/14 ولم يكن آدم هو الذي إنخدع بمكر الشيطان , بل المرأة انخدعت , فوقعت في المعصية . ألقرآن 2/35ـ36 وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجُك الجنة وكُلا منها رغدآ حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين . فأزَلّهُما الشيطان عنها فاخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضُكم لبعض عدوٌ ولكم في الأرض مستقرٌ ومَتاعٌ لإلى حين . 3

. ألمرأة كغنيمة

كما جاء في المقدمة أعلاه , كانت المرأة ذات منزلة إجتماعية واطئة , حيث كان يُنظر إليها من قبل المجتمع ألأبوي كمستهلكة فقط لا تساهم في العملية ألإنتاجية . وعلى هذا ألأساس كان إختطاف النساء وأخذهن سبايا من ضمن الغنائم التي تغنمها القبيلة المنتصرة أثناء النزاعات المستمرة التي كانت تدور بين القبائل آنذاك , حيث يُشير هذا النوع من الغنيمة إلى قوة المنتصر وضعف المغلوب إضافة إلى ألإخلال بسمعته ألإجتماعية بين القبائل ألأخرى . الكتب المقدسة للأديان ألإبراهيمية الثلاثة تتحدث أيضآ عن هذه الظاهرة في المجتمعات التي وُجدت فيها .

التكوين 34/29 وسَبَوا ونهبوا جميع ثروتهم وكل أطفالهم ونسائهم وكل ما في البيوت . إرميا 6/12 وتتحول بيوتُهم وحقولُهم لآخرين , وكذلك نساؤهم..... ألقرآن لا يذكر مصطلح الغنيمة بالنص , إلا انه يشرح في بعض الآيات ما يشير إلى ذلك بشكل غير مباشر , كما جاء في : 81/8ـ9 وإذا الموؤدة سُئلت . بأي ذنب قتلت . إذ أنه لم يكن الخوف من الفقر فقط الذي جعل بعض العوائل في المجتمع العربي قبل ألإسلام تتخلص من البنات الحديثة الولادة بقتلهن أحياء , بل أن الخوف من أخذهن سبايا من ضمن الغنائم كان يشكل أح ألأسباب المهمة لمثل هذه التصرفات التي منعها ألإسلام منعآ باتآ." أنظر أيضآ في هذا المجال ألآية 16/59 في الفقرة التالية " 4

.الموقع ألإجتماعي للمرأة

ألتكوين 3/16 ثم قال للمرأة : أُكثر تكثيرآ أوجاع مخاضك فتنجبين بالآلام أولادآ , وإلى زوجك يكون اشتياقُك وهو يتسلط عليك . ألرسالة ألأولى إلى مؤمني كورنثوس 11/3 ولكني أريد أن تعلموا أن المسيح هو الرأس لكل رجل, أما رأس المرأة فهو الرجل.... ألرسالة إلى مؤمني أفسس 5/22 ـ25 أيتها الزوجات , إخضعن لأزواجكن , كما للرب .فإن الزوج هو رأس الزوجة ......فكما أن الكنيسة قد أُخضعَت للمسيح , فكذلك الزوجات أيضآ لأزواجهن , في كل شيئ . أيها ألأزواج , أحبوا زوجاتكم مثلما أحب المسيح ألكنيسة وبذل نفسه لأجلها........ 16/58ـ59 وإذا بُشر أحدهم بالأُنثى ظلّ وجهُه مسوَدّآ وهو كظيم . يتوارى من القوم من سوء ما بُشرَ به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون . 2/228 ....ولهن مثل ألذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم . 4/34 ألرجال قوامون على النساء بما فضل ألله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم..... 5

. تصرفات المرأة في المجتمع

ألرسالة ألأولى لإلى مؤمني كورنثوس 14/34ـ35 لتصمت النساء في الكنائس , فليس مسموحآ لهن أن يتكلمن , بل عليهن أن يكن خاضعات , على حد ما توصي به ألشريعة أيضآ . ولكن إذا رغبن في تعلم شيئ ما , فليسألن أزواجهن في البيت , لأنه عار على المرأة أن تتكلم في الجماعة . ألرسالة ألأولى إلى مؤمني تيموثاوس 2/11ـ12 على المرأة أن تتلقى التعليم بسكوت وبكل خضوع . ولست أسمح للمراة أن تُعَلِّم ولا تتسلط على الرجل , بل عليها أن تلزم السكوت . رسالة بطرس ألأولى 3/1 كذلك , أيتها الزوجات , إخضعن لأزواجكن 3/3 وعلى المرأة أن لا تعتمد ألزينة الخارجية لإظهار جمالها , بظفر الشعر والتحلي بالذهب ولبس الثياب الفاخرة, وإنما لتعتمد الزينة الداخلية ....... 4/34 .....فالصالحات قاتنات حافظات للغيب بما حفِظ ألله والتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلآ إن ألله كان عليآ كبيرآ .

أنظر أيضآ 24/31 في هذا المجال في الفقرة التالية .

فيما يتعلق بمصطلح " واضربوهن " الوارد في القرآن والمشتق من المصدر " ضَرَبَ " فقد تباينت ألآراء حول تفسيره , بالنظر لما يتضمنه هذا المصدر من معان كثيرة مختلفة المضمون وردت في القرآن أيضآ . فالفعل ضرب قد يعني ألضرب " أي الترحال " في ألأرض , وقد يعني ضرب النقود , كما أنه يعني التدابير والإجراءات الصارمة من جهة ضد جهة أخرى , ويعني أيضآ إستعمال اليد أو العصى أو أي شيئ آخر من قبل شخص ما ضد شخص آخر او ضد حيوان أو نبات . وهنا لابد لنا من التعليق على هذه الآراء بالقول أن خلق التبريرات والتفسيرات التي توحي بغير المعنى الذي أراده النص فعلآ والذي يأتي في سياق إجراءات عقابية ضد المرأة التي تُتهم من قبل زوجها بالنشوز , إن هذه التفسيرات والتبريرات لا حاجة لها بغية أللف والدوران على المعنى المراد بهذا المصطلح الوارد في القرآن والذي يُراد به العقاب .

إنه لمن ألأفضل هنا أن يُصار إلى تفسير هذا النص بالمعنى العقابي المراد له فعلآ في هذا السياق وإلى شرح ذلك على إعتبار أن مثل هذه العقوبات التي كانت تتعرض لها المرأة في المجتمع القديم تقع ضمن السياق الإجتماعي الطبيعي المعمول به آنذاك والذي تغير اليوم إستنادآ إلى تطور المجتمعات التي أصبحت تنظر إلى نصوص كهذه نظرة مقدسة لكنها لا تعمل بها لأسباب عدة تفرضها الحالة ألتي بلغها المجتمع في تطوره .

ويمكن مقارنة هذا النص بنصوص أخرى أصبحت في عداد النصوص المقدسة الغير معمول بها في الوقت الحاضر , كأداء فريضة الحج مشيآ على ألأقدام أو على ألجٍمال , كما جاء في النص القرآني , او رفض الخليفة عمر بن ألخطاب تطبيق نص المؤلفة قلوبهم الوارد في القرآن وذلك لقناعته بعدم الحاجة إلى ذلك بعد أن قويت شوكة ألإسلام , واستمرار عدم العمل بهذا النص حتى يومنا هذا .

أللباس

في الشرق القديم , موطن ألأديان ألإبراهيمية الثلاثة , فرضت العوامل المناخية نوعآ من أللباس على
سكنة هذه المناطق , حيث خضع نوع أللباس وطريقة إرتداءه إلى محاكاة الظروف المناخية والتعامل معها من هذا المنطلق في هذا المجال . فمثلآ غطاء الرأس كان يشكل جزءً ضروريآ من أللباس الإعتيادي العام للرجال والنساء على حد سواء . وبالرغم من إختلاف طريقة وضع الغطاء على ألرأس بين الرجل والمرأة , وبالنظر لإختلاف ألون أغطية ألرأس بين ألرجال والنساء , فقد كان غطاء الرأس هذا يشكل إحدى قطع الملابس التي لا يستغني عنها أي فرد في ذلك المجتمع . وإن نظرة بسيطة على التحف ألأثرية لأشخاص تلك المجتمعات , سواءً أللوحات الفنية أو التماثيل تظهر لنا هذه الحقيقة . وبعد ان دخل ألإسلام أرض شبه الجزيرة العربية سعى إلى إستعمال غطاء رأس النساء, الذي كن يرتدينه مسبقآ, لحماية النساء المسلمات من تعرض الرجال ومشاكستهم لهن , هذه العادة التي كانت شائعة بين الشباب من الرجال في ذلك الوقت . وحتى اليوم يمكننا ملاحظة الكثير من المجتمعات الشرقية التي يرتدي فيها الرجال والنساء غطاء الرأس كامتداد للتقليد القديم واستمرارآ للتجاوب مع الخصائص البيئية المناخية للشرق كحرارة الشمس والرياح الرملية العاصفة . وفيما يتعلق بالمرأة فمن الملاحظ في كثير من المجتمعات التي يعيش فيها المسلمون سواءً في الشرق القديم أوخارجه أن هذا النوع من أللباس قد تنوع بأشكال وألوان وطرق مختلفة لا علاقة لها بالنص القرآني في هذا المجال . ففي بعض المجتمعات ألإسلامية تحول غطاء الرأس هذا إلى غطاء لكامل الجسم أو لمعظمه . وأصبحت ألألوان المختلفة أشبه ما تكون بالإلزام لدى هذا المجتمع أو ذاك , أو لدى هذه الفئة ألإسلامية أو تلك . كما سعت بعض منظمات ألإسلام السياسي إلى جعل إرتداء غطاء الرأس من قبل النساء وطريقة إرتداءه كمؤشر للتدين ليس فقط من قبل المرأة التي ترتديه وإنما ينعكس ذلك على عائلتها جميعآ , حسب تأويل منظري ألإسلام السياسي لذلك . من المهم هنا أن لا يجري عزل هذا التغيير في إستعمال غطاء الرأس بالطرق التي لم يأت بها القرآن عن دخول ألإسلام مجتمعات مختلفة بتراثها وتقاليدها المختلفة والتي صبغت كثيرآ من ألظواهر التي نراها اليوم في كثير من المجتمعات ألإسلامية بصبغتها . في المجتمعات التي لم تعش هذه الظاهرة ولم تتعامل معها, يجري تفسير غطاء الرأس على إعتباره إضطهادآ للمرأة واغتصابآ لحقوقها . من المكن طبعآ أن يكون ذلك حقآ خاصة إذا جرى تطبيقه من جهة المتسلطين على شؤون المرأة وضد رغبتها الشخصية في إستعمال هذا النوع من أللباس , ومثل هذه الحالات منتشرة في كثير من المجتمعات ألإسلامية ولها أسبابها ألثقافية والإقتصادية والإجتماعية وحتى السياسية. وعلى الجانب ألآخر هناك الوجه الآخر من هذه الظاهرة الذي تتجلى فيه القناعة التامة من قبل الكثير من النساء أللواتي يرتدين غطاء ألرأس أو الحجاب أو النقاب والمرتبطة بالتربية العائلية والعلاقات ألإجتماعية . لذلك فإن التعامل مع هذا الموضوع يجب أن ينطلق من المعطيات التي تقرر هذا النوع من التصرف أو ذاك وعدم القفز على الواقع الموجود فعلآ حين التطرق إلى هذه الظاهرة التي يمكن تسميتها بالظاهرة ألإجتماعية الثقافية ألإقتصادية السياسية وليس الدينية فقط . ومن الملاحظ أيضآ في هذا المجال وجود هذه الظاهرة في المجتمعات الشرقية الحالية ليس بين المسلمين فقط , بل وبين المسيحيين أيضآ من الرجال والنساء الذين يفضلون إستعمال غطاء الرأس , خاصة إذا بلغوا عمرآ متقدمآ بعض الشيئ .
الرسالة ألأولى إلى مؤمني كورنثوس 11/ 5ـ 6 وكل إمرأة تصلي أو تَتَنَبأ وليس على رأسها غطاء, تجلب العار على رأسها , لأن كشف الغطاء كحلق الشعر تمامآ . فإذا كانت المرأة لا تغطي رأسها , فلْيُقَصَّ شعرُها , ولكن ما دام من العار على المرأة أن يُقَصَّ شعرها أو يُحْلَق , فلتُغطِ رأسها . ألرسالة ألأولى إلى تيموثاوس 2/9ـ11 كما أريد أيضآ , أن تظهر النساء بمظهر لائق محشوم أللباس , متزينات بالحياء والرزانة , غير متحليات بالجدائل والذهب واللآلئ والحلل الغالية الثمن . بل بما يليق بنساء يعترفن علنآ بأنهن يعشن في تقوى ألله , بالأعمال الصالحة . التكوين 24/64ـ65 ورفعت رفقة كذلك عينيها ورات إسحق فترجلت عن الجمل . وسألت العبد : مَن هذا الرجل الماشي في الحقل للقائنا؟ فقال العبد : هو سيدي , فتناولت الحجاب وتغطت . تثنية 22/5 يُحظر على المرأة إرتداء ثياب الرجال , كما يُحظر على الرجال إرتداء ثياب النساء , لأن كل مَن يفعل ذلك يُصبح مكروهآ لدى الرب إلهكم . 24/31 .....وليضربن بخمارهن على جيوبهن...... 33/59 يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يُعرفنَ فلا يُؤذَينَ وكان ألله غفورآ رحيما .

إذا ما حاولنا ألإستئناس بعلم أسباب النزول ألذي يتوخى المُفَسرون للآيات القرآنية ألإستفادة منه في تفسير ألآيات فإننا سنجد أن ألآية 33/59 من ألآيات القرآنية التي نزلت وهي تتضمن أسباب نزولها ....ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يؤذَين .


ألإرث

بالنظر للدور الثانوي الذي كانت تلعبه المرأة في مجتمعات الشرق القديم ,كما شرحنا ذلك أعلاه, فقد كان تفضيل الذكور على ألإناث في ألإرث يشكل ظاهرة سائدة في تلك المجتمعات . فالذَكَر هو ألذي يضمن المحافظة على إسم العائلة أو العشيرة , والذكر هو الذي يتحمل أعباء إطعام وحماية العائلة , والذكر هو الوحيد الذي يرث , إذ لم تعرف المجتمعات الشرقية القديمة نصيبآ للمرأة من ألإرث في حالة وجود وريث ذكر. بالنسبة للدين ألإسلامي فإنه عمل على تغيير نظام ألإرث الذي كان سائدآ قبل ألإسلام والذي خص به الرجل فقط . وللإطلاع على تفاصيل أكثر حول نظام ألإرث في الإسلام ينبغي مراجعة , بالإضافة إلى ما مذكور أدناه , مواقع مختلفة في القرآن , خاصة آيات ألإرث الواردة في سورة النساء .

ألعدد يتحدث ألإصحاح 27 في التوراة عن بنات جئن إلى موسى وسألنه : 27/4 : فلماذا يسقط إسم أبينا من بين عشيرته لأنه لم يخلف إبنآ ؟ أعطنا ملكآ بين أعمامنا . 27/5 فرفع موسى قضيتهن أمام الرب . 27/6 فقال الرب لموسى : إن بنات صلفحاد قد نطقن بحق , فاعطهن نصيبآ ملكآ بين أعمامهن . إنقل إليهن نصيب أبيهن ......... 4/7 ..... وللنساء نصيب مما ترك الوالدان . 4/11 يوصيكم ألله في أولادكم للذكر مثل حظ ألأنثيين فإن كن نساءً فوق إثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ...... أنظر كذلك 4/12 حول إرث المرأة في الإسلام

ألزواج

لقد أصبح عقد الزواج حسب القوانين المدنية يشكل ظاهرة تكاد تكون عامة وأساسية بالنسبة لكثير من الزيجات في المجتمعات الحديثة , ومع ذلك ظل عقد الزواج الديني يشكل أساس قاعدة ألإلتزام الشرعي الذي لابد أن يتحقق لإعطاء الزواج صفته الدينية . وتكاد تكون هذه الظاهرة مشتركة في مجتمعات ألأديان الثلاثة في الوقت الحاضر أيضآ , بالرغم من إختلاف تقييم عقدي الزواج المدني والديني في كل مجتمع من هذه المجتمعات. ففي الوقت الذي نجد فيه نوعآ من التراجع عن الزواج الديني في المجتمعات المسيحية , أي انه لم يعد شرطآ للإعتراف الرسمي بالزواج وأصبح يمثل تحقيق رغبة خاصة تتعلق بمدى علاقة الزوجين كلاهما أو أحدهما بالدين , نجد أن ألأغلبية في المجتمعات ألإسلامية واليهودية تجعل من عقد الزواج الديني كشرط أساسي لتحقيق الزواج المدني . أما في المجتمعات القديمة فقد كان ألأمر يقتصر على الزواج الديني فقط لدى المجتمعات أليهودية والمسيحية التي سبقت ألإسلام , باعتبار ان ألزواج يشكل رباط عقد بين إثنين يتم بمباركة الرب . وعلى هذا ألأساس واستنادآ إلى الموقع ألإجتماعي والإقتصادي الذي كان يتمتع به الرجل قديمآ , كان لابد من ضمان حقوق الزوجة في حالة فشل الزواج وعدم إمكانية إستمراره . وعلى هذا ألأساس يتضمن عقد الزواج على فقرة تحدد المهر في ألإسلام , والموهر في اليهودية , والذي يعني ضمن ما يعني أيضآ توفير الضمانة ألإقتصادية لحياة المرأة في حالة عدم إمكانية إستمرار الزواج . يجري تفسير هذا النوع من الضمانة ألإقتصادية للمرأة من قبل بعض مَن ليس لديهم دراية كافية حول هذا الموضوع على إعتبار المهر أو ألموهر سعرآ للمرأة , فيصورون المرأة على هذا ألأساس وكأنها سلعة تُباع وتُشترى . ربما قد يجري بعض التصرف الخاطئ بحق المرأة هذا من قبل أحد افراد عائلتها , إلا ان ذلك لا يجب أن يقود إلى تفسير المهر على أساس هذا التصرف المخالف للتعاليم الدينية التي جاءت به . ومن المنظور الديني أيضآ ينبغي أن يتم الزواج برضى وموافقة ألزوجين الطوعية , ويقود إلى تحقيق الثقة المتبادلة والإلفة بين الزوجين .
رسالة بطرس ألأولى 3/7 وأنتم أيها ألأزواج, إذ تساكنون زوجاتكم عالمين بانهن أضعف منكم , أكرموهن باعتبارهن شريكات لكم في وراثة نعمة الحياة , لكي لا يعوق صلواتكم شيئ . ألرسالة لإولى مؤمني أفسس 5/25 أيها ألأزواج , احبوا زوجاتكم مثلما احب المسيح الكنيسة وبذل نفسه لأجلها . 30/21 ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجآ لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون . 4/4 وآتوا ألنساء صداقتهن نِحلة فإن طِبن لكم عن شيئ منه نفسآ فكلوه هنيئآ مريئآ .

وفي موضوع الزواج لابد من التطرق إلى ظاهرة تعدد الزوجات في مجتمعات الشرق القديم وعلاقة هذه
الظاهرة بالأديان التي وُجدت في هذه المجتمعات . فمن خلال الدراسات المتوفرة عن مجتمعات الشرق القديمة يتضح لنا أن ظاهرة تعدد الزوجات كانت ظاهرة طبيعية آنذاك , وزيجات النبي إبراهيم وكل من يعقوب وداوود وغيرهم أمثلة واضحة على ذلك ,كما تشير كثير من المواقع في الكتب المقدسة على ذلك , مثلآ التكوين 4/23 و 29/25ـ29 و صموئيل الثاني 5/13 و تثنية 21/ 15ـ17 وغيرها . في الوقت الحاضر جرى التعامل مع هذه الظاهرة بطرق مختلفة , إذ حددتها أو منعتها بعض المجتمعات , في حين إستمرت بعض المجتمعات ألأخرى على ممارستها , وخاصة في بعض المجتمعات ألإسلامية التي تمارسها خلافآ حتى للتعاليم الدينية التي يفسرها بعض مفسرو هذه المجتمعات لشرعنة التعدد دينيآ , بالرغم من الخلاف القائم حول ذلك . وينصب الخلاف هنا حول تفسير وتطبيق ألآية 3 من سورة النساء والتي تنص على ما يلي : " وإن خِفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاثآ ورباعآ فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى أن لا تَعُولوا" . وحينما يُصار إلى تفسير هذا النص تفسيرآ علميآ ينسجم ومضمونه فيجب علينا والحالة هذه مراعاة ما يلي : 1. إن مَن يُبرر من المسلمين , وخاصة ألأثرياء منهم , تعميم ألزواج بأربعة نساء واعتبار ذلك من صلب الشريعة ألإسلامية يحاول تجريد هذا النص من محتواه الكلي والإستشهاد بالمحتوى الجزئي الذي ينص على : " وانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاثآ ورباعآ " وبذلك يجري تناسي او التغافل عن عاملين هامين جعلهما النص كشرطين لازمين لتحقيق هذا النوع من الزواج . العامل أو الشرط ألأول هو الخوف من العدل بحق اليتامى. والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هنا حالآ هو : ما دخل اليتامى في أمر كهذا ؟ وللإجابة على هذا السؤال يجب علينا التطرق إلى نص ألآية التي سبقت هذه الآية أي ألآية 2 من سورة النساء والتي تنص على ما يلي : " وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبآ كبيرآ "
يتطرق هذا النص إلى حالة وجود يتامى يتطلب ألأمر رعايتهم ومعاملتهم بعدل . وحسب ألقواميس العربية المختلفة فإن اليتيم إستنادآ إلى ذلك هو فاقد ألأب والذي يعيش تحت رعاية ألأم . وحينما يجري ربط هذه الآية بالآية التي تليها أي 4/3 بواسطة حرف العطف و ألذي تبدأ به لتتناول موضوع اليتامى الذي سبق ذكره في الآية 4/2 " وإن خفتم إلا تقسطوا في اليتامى......." يتضح أمامنا الموقف التالي : هناك يتامى يعيشون في كنف أمهم , وهناك رجل يريد ألإهتمام بهؤلاء اليتامى ورعايتهم , إذ أن وجود ألأب أو من يحل محله كان من ضروريات إستمرار وجود العائلة في ذلك الوقت , وبما أن هذا الرجل متزوج وله أطفال , لذلك فإنه قد يعامِل ألأطفال اليتامى معاملة غير عادلة . في هذه الحالة سمح له الدين بالزواج من أم اليتامى كزوجة ثانية وبذلك يكون قد ضم هؤلاء اليتامى إلى عائلته واعتبارهم كأطفاله , وأجاز ألإسلام تكرار هذه الحالة لثلاث مرات بالنسبة للرجل المتزوج الذي يستطيع في مثل هذه الحالات ألإحتفاظ بأربعة زوجات في آن واحد . وهنا يجب أن يجري التأكيد على العامل أللغوي بعطف الآية الثالثة على الآية الثانية كي يُصار إلى فهم النص كاملآ في الآية الثالثة من سورة النساء وعدم تقطيعه إستنادآ إلى رغبة هذا أو تفسير ذاك . وبعكسه يجب تكرار السؤال الذي طرحناه أعلاه وهو : ما علاقة وجود اليتامي في هذه ألآية وذكره مباشرة وبدون أي فاصلة بموضوع تعدد الزوجات . أما العامل او الشرط الثاني فهو العدل بين الزوجات " فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة " . وهنا لا يتطرق ألنص القرآني إلى تعريف هذا العدل الذي نص عليه . واستنادآ إلى ذلك يصبح مفهوم العدل هنا المفهوم العام الذي يشمل كل شيئ بدءً بالحب , كما تنص على ذلك الآية 30/12 مرورآ بالمعاملة الحسنة والمساواة في الإنفاق وانتهاءً بتنظيم العلاقات الجنسية بشكل عادل بين الرجل وزوجاته . أما أن يُفسِر المفسرون هذا العدل على أنه العدل في النفقة فقط , فذلك أمر لم ينص عليه القرآن الذي ترك فهم العدل ضمن المفهوم العام وليس الخاص لهذا المصطلح . إضافة إلى ذلك فإن تفسير العدل على أنه عدلآ ماديآ فقط , فإنه بالرغم من تعارضه مع النص القرآني المتعلق بالمودة والرحمة , فإنه يفسح المجال أمام ألأثرياء فقط لتلبية رغباتهم في مثل هذه الزيجات وهي رغبات جنسية قبل أي شيئ آخر, وهذا ليس من الدين بشيئ . وفي الواقع المُعاش الآن نلاحظ شيوع هذه الظاهرة بين أوساط أمراء البترول أو مَن على شاكلتهم ممن جعلوا تحقيق الرغبات المادية أساسآ لحياتهم . وحينما نعود إلى موضوع العدل فسنجد أن القرآن ينص في ألآية 129 من سورة النساء على ما يلي : " ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن ألله كان غفورآ رحيمآ " . وهنا يؤكد النص القرآني مرة أخرى على عمومية العدل الذي لا يستطيع الرجال تحقيقه بين النساء حتى وإن أرادوا ذلك فعلآ . حين التعامل مع هذه النصوص بتريث وحكمة سنجد أن تصرفات بعض المسلمين في مجال تعدد الزوجات وتوظيف إمكانياتهم المادية لإنتزاع الفتاوى التي تجيز لهم مثل هذه التصرفات لا يمكن أن تنسجم والنصوص القرآنية التي يدعي هؤلاء إحترامها والعمل بموجبها . 2. يحاول الكثير من المسلمين ألذين يلجأون إلى تبرير تعدد الزوجات في الوقت الحاضر إلى ما قام به نبي الإسلام نفسه , حيث كان النبي محمد قد إرتبط بعدد من الزيجات في حياته . ولمناقشة هذا ألأمر لابد لنا من ملاحظة ما يلي : أولآ : بصورة عامة ينبغي ألإقرار بأن مسألة تعدد الزوجات بالنسبة لكثير من المسلمين في الوقت الحاضرلم تعد ترتبط بالتعليمات الدينية أكثر من إرتباطها بالرغبات الشخصية للرجل الذي يسعى لتحقيق رغباته الجنسية قبل كل شيئ . ولا غرابة في ألأمر إذا ما وجدنا أن معظم الذين يتوجهون هذا التوجه هم من ذوي القابليات المادية التي يستطيعون من خلالها تحقيق ما أفتى به فقهاؤهم حول تحقيق العدالة بين الزوجات بضمان الحاجة المادية غير آبهين بالعلاقات الزوجية الأخرى التي ينص عليها القرآن والمتعلقة بالمودة والرحمة بين الزوجين . ثانيآ : إن النبي محمد (ص) إنطلق في زيجاته من مبدأ الحرص على الدين والمحافظة على إستمرار وجوده وذلك بخلق علاقات عائلية من خلال الزواج , بحيث تلعب هذه العلاقات , كما كان معمولآ به زمن إنطلاق الرسالة في شبه الجزيرة العربية , دورآ مهمآ في المحافظة على حياة ألنبي وتقديم الدعم والعون له على نشر الرسالة السماوية التي أتى بها , إضافة إلى العوامل ألأخرى . وبما أن تصرفات النبي كانت محكومة بالإرادة ألإلهية , لا ينطق عن الهوى ,إن هو إلا وحي يوحى ,لذلك يمكن إعتبار زيجات النبي حالة خاصة إنفرد بها صاحب الرسالة , كانفراده بتبليغ الرسالة من خلال الوحي والذي لا يمكن لأي مسلم , مهما إرتفع شأنه , أن يضع نفسه في هذا الموقع ألذي إنفرد به النبي . لذلك فإن تبرير تعدد الزوجات بزيجات النبي يتطلب أن يكون طالب الزواج بتلك المكانة وذاك الموقع الذي كان يحتله النبي , ولا أعتقد أن هناك أي مسلم يسمح لنفسه بذلك .

ألطلاق

في هذا المجال نستطيع أن نجد بعض ألإختلافات في طروحات الكتب المقدسة للأديان الثلاثة . ففي الوقت الذي يغلب فيه التحذير من الطلاق في العهدين القديم والجديد , يحاول النص القرآني تنظيم أمر الطلاق , إذا ما تحقق ألإصرار عليه فعلآ .

مرقس 10/2ـ9 وتقدم إليه بعض الفريسيين وسألوه ليجربوه: " هل يحل للرجل أن يُطلق زوجته ؟ " فردَّ عليهم سائلآ : " بماذا أوصاكم موسى ؟ " فقالوأ : " سَمَحَ موسى بأن تُكتب وثيقة طلاق ثم تُطَلق الزوجة " . فأجابهم يسوع : " بسبب قساوة قلوبكم كتب لكم موسى هذه الوصية . ولكن منذ بدء الخليقة جعل ألله ألإنسان ذكرآ وأنثى . لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويتحد بزوجته . فيصير ألإثنان جسدآ واحدآ . فلا يكونان بعدُ إثنين بل جسدآ واحدآ . إذَن, لا يُفَرِقَنَ ألإنسان ما قد قرنه ألله ". قارن أيضآ : مرقس 10/10ـ12 و متي ألإصحاح 19/3ـ11 4/35 وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمآ من أهله وحكمآ من أهلها إن يريد إصلاحآ يوفق ألله بينهما إن ألله كان عليمآ خبيرآ . 2/229 ألطلاق مرتين فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئآ .......... للزيادة في المعلومات حول هذا ألأمر , راجع أيضآ 2/228ـ232

ألمساواة

بالرغم مما ذكرناه أعلاه حول أفضلية الرجل على المرأة في مجتمعات الشرق القديم والتي تبنته
أيضآ ألأديان الثلاثة التي إنطلقت من هذه المنطقة , نلاحظ وجود بعض النصوص التي توحي إلى وجود نوع من
المساواة بين ألإثنين في بعض الحالات .

الرسالة ألأولى إلى مؤمني كورنثوس 11/11ـ12 غير أنه في ألرب ليست المرأة من دون الرجل , ولا الرجل من دون ألمرأة . فكما أن ألمرأة أُخذت من الرجل , فإن الرجل يكتمل بالمرأة , وإنما كل شيئ هو من ألله . 16/97 مَن عمل عملآ صالحآ من ذكرٍ وأنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون . قارن أيضآ 33/35