عشاق الله

الإرهاب قبل أن يصير عبوات متفجرة كان معتقدات متطرفة 2/3

 

الإرهاب قبل أن يصير عبوات متفجرة كان معتقدات متطرفة 2/3

المفكر المغربي سعيد الكحل

إن ما ينبغي الانتباه إليه ، بخصوص ظاهرة الإرهاب باسم الدين ، هو كون الخلايا الإرهابية في تكاثر مريع رغم كل الإجراءات الأمنية المتخذة . إذ رغم فعالية هذه الإجراءات التي بفضلها تم إفشال مخططات الإرهابيين وتفكيك عشرات الخلايا النائمة منها والنشطة ، رغم ذلك تزداد الخلايا انتشارا عبر مجمل التراب الوطني كما تزداد خطورة بتطويرها تقنيات التفجير وأساليب استقطاب الأعضاء وتجنيد الانتحاريين . وهذا ما كشفت عنه الاعتقالات التي شملت عناصر إرهابية تنتمي لمختلف فئات المجتمع . والأمر لا يتعلق بالمغرب وحده ، بل يعم كل المجتمعات العربية والإسلامية على وجه الخصوص . ومن أبرز النماذج الانتحارية عمر أحمد عبد الله المهندس المصري في شركة بترول الإمارات ذو الثلاثين ربيعا والذي لم يمنعه من ارتكاب جريمته الشنعاء طفلاه وزوجته الفلسطينية والفيلا ذات الطابقين في أرقى أحياء الدوحة، ليتجرد من كل القيم الإنسانية والعواطف الأبوية ثم يقرر ، في غفلة عن الجميع ، تفخيخ نفسه وسيارته الفارهة وتفجيرهما ليلة 17 مارس 2005 مستهدفا الأطفال الذين جاءوا لمشاهدة مسرحية الليلة الثانية عشرة لشكسبير . طبعا لم يقدم المهندس إياه على العمل الإرهابي بدافع الفقر والبطالة ولا انتقاما من عدو غاصب أو محتل ناهب . بل كان تجسيدا لعقيدة لا تؤمن إلا بالقتل والتفجير . وهذه العقيدة الإرهابية لا تفرق بين العربي والأعجمي ؛ ومتى تشبع بها أحدهما أو كلاهما إلا وكانت النتيجة واحدة ، هي القتل والتفجير والانتحار . وهذا كان حال كل الإرهابيين عربا وعجما . ومن ضمن هؤلاء الإرهابيين العجم نذكر روبير إنطوان الذي كشفت تحريات أجهزة الأمن المغربية أنه أحد أمراء خلايا «السلفية الجهادية»المتورطة في التفجيرات الإرهابية التي هزت الدار البيضاء ليلة 16 مايو 2003 . إنه شاب فرنسي من أصل كاثوليكي اعتنق الإسلام الجهادي وصار لقبه «أبو عبد الرحمن» و«يعقوب» . واستطاعت عقيدة التكفير والتفجير أن تغير فكره وسلوكه . وجاء في محضر اعترافه للضابطة القضائية ( تلقيت دروسا دينية على يد أحد السلفيين يسمى «خالد»، الذي يتبنى أفكار الشيخ الألباني، وبحكم احتكاكي بالأتراك، تعرّفت كذلك على المسمى «برامار عبد الله»، الذي اقترح عليّ الانتقال إلى مدينة اسطنبول والاستقرار بها، وهو ما فعلته، حيث بقيت بهذه المدينة بمسجد «كان كورن»، الذي تابعت فيه دروسا دينية لمدة أربعة أسابيع.أثناء إقامتي باسطنبول، التقيت المسمى «عبد الله»، الذي وبعد أن لمس استعدادي للقيام بأي عمل جهادي، حثني عن الذهاب إلى الجزائر أو أفغانستان من أجل الجهاد، فاقتنعت بالتوجه إلى أفغانستان للخضوع لتدريب وتكوين شبه عسكري.من أجل تحقيق غايتي هذه ) . واستطاعت ثقافة الكراهية والتكفير أن تفعل فعلها في هذا الأعجمي الذي تربى ونشأ في ثقافة المواثيق ومجتمع التعاقد ليتجرد من ثقافته الأصلية ويعلن (وبتاريخ 2003.06.03، تزوجت من المسماة سعيدة أخت المسمى «خالد الحداد» المنتمي لتيار السلفية الجهادية، دون إنجاز عقد زواج، وذلك لكوني لا أعترف بالوثائق الصادرة عن السلطات المختصة باعتبارها «طاغوتا» ) .
أية عقيدة هذه التي جعلت شيوخا أميين ينتصرون على منتيسكيو وفولتير وروسو ويسرقون منهم الحفيد أنطوان الذي غدا ـ ضدا على قيم وثقافة حقوق الإنسان ـ يشارك ( مجموعة من الأشخاص في العديد من عمليات السطو والسرقات بفرنسا وبلجيكا، في إطار ما يسمى باستحلال الفيء وفقا لمبادئ التيار السلفي الجهادي الذي أتبناه) . إنها عقيدة الإرهاب التي غيرت عقلية أنطوان ودواخله كما غيرت نفسية مرافقيه ( ولدى سماع خبر العمليات الاستشهادية التي استهدفت مدينة الدار البيضاء بتاريخ 16مايو 2003، أبدى «أحمد برواين» فرحة عارمة، في حين أن «عبد السلام» قام بالسجود تعبيرا عن مدى مباركته لهذه العمليات، وقد استحسنتها أنا أيضا وحبّذت لو استهدفت الجنود أو أحد أتباع «الطاغوت»، حيث إنني كنت على أتمّ الاستعداد وباقي أفراد جماعتي، عاقدين العزم على القيام بعمليات استشهادية مماثلة بالمواقع السالفة الذكر، رغم خطورتها وما تخلفه من خسائر مادية وبشرية، وذلك باستعمال المتفجرات تطبيقا لمبدأ الجهاد على أرض الواقع، خصوصا بالمغرب.) إنها نفس العقيدة التي تشبع بها أمراء الدم الذين استحلوا دماء الأبرياء وممتلكاتهم وأعراضهم . وهذه نماذج من جرائمهم :

ـ خالد شيخ محمد، الذي أقرّ بمسؤوليته عن هجمات 11 سبتمبر ، وكذا اعترافه بجريمة "ذبح" الصحفي الأميركي دانيال بيرل عام 2002 في باكستان بقوله"لقد ذبحت بيدي اليمنى المباركة عنق الأميركي اليهودي دانيال بيرل في باكستان، ولمن يريد أن يتأكد، هناك صور على الانترنت لي وأنا امسك برأسه."

ـ محمد دومير أحد العناصر الإرهابية الخطيرة المنتمية للسلفية الجهادية ـ مجموعة يوسف فكري ـ والمحكوم بالإعدام ، صرح ، بكل سادية وبرودة دم ، أمام المحكمة ( أحيطكم علما أن الأفعال المنسوبة إلي اقترفتها وقمت بها عن علم من كتاب الله وسنة نبيه .. أنا مسرور .. أنا أسعد الناس في هذا الزمان لأنني أحاكَم بسبب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) .

ـ محمد العمري أحد الانتحاريين الناجين ليلة 16 مايو 2003 ، اعترف أمام المحكمة بالتالي ( حضرت درسا للشاذلي وكان يتعلق بالإيمان ..زيادة على الدروس التي كانت تقام بمنزلين ويحضرها ما بين 15 و 20 شخصا وتستغرق حوالي نصف ساعة . وكانوا يحثوننا على الجهاد في البلاد التي لا تطبق الشريعة الإسلامية ) . وعن سؤال للقاضي : ماذا يعتبرون القانون الوضعي ؟ أجاب : ( يعتبرونه كفرا ومن آمن به كافر ) .

ـ يوسف فكري الذي جعلت منه عقيدته إرهابيا "يتقرب" إلى الله بقتل الأبرياء ( وبعد شهرين رجعنا إلى مدينة اليوسفية لكي نترك للسلطة رسالة عملية مفادها أنكم بسبب اعتقالكم لأولئك الإخوة فإننا سنلجأ إلى عمل من نوع خاص والذي يعتمد على السرية التامة فكان المدعو عمر الفراك أول عدو أتقرب به إلى الله عز وجل ) .