عشاق الله

الإرهاب قبل أن يصير عبوات متفجرة كان معتقدات متطرفة1/3

 

الإرهاب قبل أن يصير عبوات متفجرة كان معتقدات متطرفة 1/3

المفكر المغربي سعيد الكحل

أمام تنامي الإرهاب وتناسل خلاياه واتساع خطره وتزايد مداه سيكون من باب السجال والجدل الاستمرار في تبرير الظاهرة بوجود الفقر واستفحاله . فالإرهاب الذي تمارسه الجماعات المتطرفة ــ سواء المرتبطة عضويا أو روحيا بتنظيم القاعدة ، أو تلك التي تنهل من نفس المعين المتطرف ــ على امتداد العالم ، لا يتوخى تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للفقراء والمهمشين ؛ بل لا يتخذها حتى شعارا . ومن يستحضر قدرا يسيرا من المعطيات عن الانتحاريين الفعليين أو المحتملين ، سيدرك أن ظروفهم الاجتماعية ليست واحدة ولا حتى متشابهة . ويمكن التذكير بالنماذج التالية :
ـ البلجيكية موريل ديغوك ، 38 عاما، التي تحولت من الكاثوليكية إلى الإسلام ثم سافرت إلى العراق حيث نفذت عملية انتحارية في نوفمبر2005. وهي لم تكن تسكن دور الصفيح ولا عانت من التهميش .بل تزوجت من المغربي عصام غوريس الذي لقنها ثقافة التطرف وعقيدة "الجهاد" فلقيا حتفهما معا بأرض العراق .
ـ نزار طرابلسي، الذي تحول من نجم كرة قدم أوروبي إلى "جهادي" بأرض أفغانستان بعد تلقيه التداريب بمعسكرات القاعدة .
ـ عبد الكريم المجاطي الذي كشفت زوجته أن (الأقدار شاءت أن أستمع لشريط للشيخ سعد البريك، الذي أثر فيَّ تأثيرا كبيرا جدا، وقلب حياتي رأسا على عقب ) . ومن ثم أثرت عليه وجعلت منه أخطر إرهابي .
ـ تحذير أجهزة الأمن ببلجيكا وهولندا من أن زوجات وخطيبات الإسلاميين المعتقلين في العديد من الدول الأوروبية بتهمة الإرهاب، يحاولن الاتصال ببعضهن البعض، والسعي لتشكيل رابطة أو اتحاد للانتحاريات . وأعترف الإرهابي محمد الرحا للشرطة المغربية أن زوجة رشيد أبا "أبلغتني بأنه يوجد في بلجيكا زوجات لمعتقلين إسلاميين في هذا البلد مستعدات للقيام بأي عملية جهادية".وأضاف " طلبت مني مساعدتهن بالعثور على شخص يقوم بتدريبهن على استخدام المتفجرات وتزويدهن بها للقيام بعمليات تدمير". . وفي دراسة بعنوان "المقاتلات المسلمات: اتجاه جديد" أبرزت فرهانة علي الباحثة في مجموعة راند كوربوريشن الأمريكية للأبحاث "أن هناك تزايدا في انضمام المسلمات إلى الجهاد الشامل بعضهن بدافع الاعتقاد الديني بضرورة تخفيف معاناة المسلمين تجندهن القاعدة أو جماعات إرهابية محلية أضعفتها الاعتقالات وموت رجالها".
ـ كشفت دراسة هولندية حول 242 من المتطرفين الإسلاميين المدانين أو المتهمين بالتخطيط لهجات إرهابية في أوروبا خلال الفترة من 2001 حتى 2006 أن معظمهم رجال من أصول عربية ولدوا ونشأوا في أوروبا وجاءوا من خلفيات الطبقة الدنيا أو الوسطى. وتتراوح أعمارهم بين 16 إلى 59 في وقت اعتقالهم، وكان متوسط العمر 27 عاما. وكان بينهم واحد من كل أربعة لديه سجل جنائي. وحاول مؤلف الدراسة ادوين باكر، وهو باحث في معهد كلينغندايل بلاهاي، أن يدرس ما يقرب من 20 حالة متغيرة تخص الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية للمتهمين. وعلى العموم توصل إلى أنه ليست هناك صورة يمكن الاعتماد عليها، فقد كانت مزاياهم انعكاسا دقيقا لعموم السكان المسلمين المهاجرين في أوروبا. وجاء في الدراسة انه «لا يوجد معيار للإرهابي الجهادي في أوروبا».
إزاء هذه المعطيات لا يملك المرء إلا موافقة مجدي خليل في استنتاجاته التالية (سقط الفرض الذي ينسب الإرهابي إلى الطبقات الفقيرة، فأصبحنا نرى جل الإرهابيين ينتمون إلى الطبقات المتوسطة والغنية بل والمترفة في الثراء.. وسقطت فرضية الأمية فنحن أمام إرهابيين حاصلين على أعلى الدرجات العلمية ومن جامعات عربية وغربية معروفة، فالكثير من الإرهابيين يعملون ويشاركون بمستويات مختلفة في العمل العام. وسقط فرض إنهم قادمون من دول مستبدة، فثلاثة من إرهابيي لندن الأربعة ولدوا وترعرعوا في ظل أعرق ديمقراطية في العالم. وسقط فرض أنهم قادمون من دول إسلامية فاتضح أن منهم مولودين في دول غربية. وسقط فرض أن أصولهم تنتمي إلى دول إسلامية، فهناك أوربيون وأميركيون تحولوا إلى الإسلام وتجندوا في قائمة الإرهابيين مثل جوني ووكر، وريتشارد ريد، وخوسيه باديلا. بل وحتى سقط الشكل القديم للإرهابي الملتحي الذي يرتدي الزي الباكستاني و«الشبشب»، فها هو محمد عطا وزياد الجراح وغيرهم يظهرون بمظهر الغربي في ملبسه وتصرفاته.) الشرق الأوسط 30/7/2005 .
إذن ما الذي يجعل الشباب المتعلم والأمي ، الغني والفقير على حد سواء يقبلون على الإرهاب ويتحولون إلى قنابل بشرية مدمرة ؟ قضية تتناولها المقالة القادمة بحول الله .