عشاق الله

روعة لقاء الأديان

 

روعة لقــاء الأديــان


بين عيد الأضحى المبارك وعيد الميلاد المجيد أقول للجميع " كل عام وأنتم بخير"


بقلم : ادوارد فيليبس جرجس


دائما في مناسبة الأعياد الإسلامية والمسيحية باختلاف مواعيدها أقدم تهنئتي للجميع ، إيماناً مني بأن فرحة المناسبة يجب أن تشمل الجميع ، أحدنا يفرح بالمناسبة والآخر يفرح لفرحه ، والتهنئة بالفرحة للجميع ، بصرف النظر إذا كانت هذه المناسبة تخصه من الناحية الدينية أم لا ، هذا هو قانون البشر الذين يؤمنون بأننا جميعا نشترك في عبادة إله واحد . كم أنا سعيد ، وأشعر بأنه رضاء من السماء لشعوري الصادق البعيد عن تزييف كلمات المجاملة الخلف قلبية ، أن تأتي الأعياد في هذا العام الجديد معا ، أسبوع واحد يختلط فيه عيد الأضحى المبارك ورأس السنة الميلادية وعيد الميلاد المجيد ، وتختلط معها كلمات التهنئة والشعور بفرحة الآخر ، تخرج من القلوب المؤمنة بحب الله ، منادية بأن الأعياد لنا جميعاً ، والفرحة لنا جميعاً ، وأن هذا هو قانون القلوب التي احتفظت بجدرانها البيضاء ، ولم يلطخها السواد ، والعيون الناظرة لجمال الله ،ولم يغشاها الظلام .

عيد الأضحى المبارك تتجسد فيه كلمة الفداء ، سيدنا إبراهيم ،الأب الذي نزف الدم من قلبه قبل أن ينزف  من عنق ابنه الواقع تحت نصل السكين ، ويالهول الموقف ، نصل السكين الممتد نحو العنق الرقيق للأبن مقبضه في يد الأب ، وهو المكلف بأن يحز عنق الأبن . طاعة الأب والأبن طاعة حب لا تشوبها أدنى شائبة ، طاعة الأب لربه ، وطاعة الأبن لأبيه ، وكلاهما طاعة حب بلا شروط أو قيود . عيد الميلاد هو عيد ميلاد السيد المسيح ، وضعه الآب في أحشاء السيدة العذراء مريم ، ليأتي به للعالم ، ليعده أيضا للفداء ، عملية من بدايتها لنهايتها غارقة بالكامل في بحر من الحب الآلهي الذي لا يدانيه أي حب آخر .عيد الأضحى فيه ترتد السكين في آخر لجظة عن عنق الأبن ليس بسبب تراجع الآب ، ولكن رحمة الله بعد أن تأكد من طاعة عبده إبراهيم ، فأرسل بالكبش ليكون فداء عن ابنه ، اختبار للطاعة ظاهره القسوة وباطنه الرحمة والحنان والحب الألهي.

عيد الميلاد يأتي فيه السيد المسيح للعالم ليخلصه من خطية وحكم بالموت على آدم وذريته ، رحمة وحنان وحب إلهي من الله للبشرية صنعة يديه . نعم هناك اختلاف في العقائد ، ولكن هناك سقف مشترك ، هو الأساس الديني للجميع ، الله بكل صفاته المتفق عليها من الجميع ، حبه لعباده الصالحين ورحمته الواسعة وحنانه الدافق الذي لا يدانيه حنان . هذا السقف المشترك يدعونا جميعا لأن نقف أسفله ، لتنتقل إلينا محبة الله بكل عظمتها ، ورحمته الواسعة ، وحنانه الدافق ، ليكونوا بيننا نحن البشر ، نشمل بهم بعضنا ، نغسل بهم نفوسنا ونطهرها من الأحقاد والبغضاء ، ونملأ بهم قلوبنا لتصبح أوعية من الحب تصب داخل بعضها ، نحول هذا العالم الملتهب إلى جنة أرضية فيحاء ، مظلته بردا وسلاما على جميعنا.

ماذا يلزمنا لنحقق هذا؟ لا شيء سوى أن ننظر نحو السماء ، وندعو بقلب واحد ، أللهم أنقل لقلوبنا اليسير من الحب والرحمة والحنان ،أللهم أنت الأله الواحد لنا جميعاً ، خلقتنا من طينة واحدة ، ولم تميز بين واحد وآخر ، أتيناإلى الدنيا بنفس الطريقة الأزلية ، ونغادرها بنفس الطريقة ، لا أحد يعلم إلى أين تذهب أرواحنا ، حتى نلقاك يوم الحساب ، ولا محاسب غيرك للبشر ، فكيف تجرأنا وأصبحنا نحاسب بعضنا ، ونحن لا نملك حق هذا الحساب ، رفعنا راية العصيان في وجهك ، لنجعل من أنفسنا آلهة وانبياء ، لنقع في الضلال بعيداً عن الحق ، لأنك أنت الحق ، والحق يقول أننا كلنا عبيد لك ، والعبد ليس من حقه أن يحاسب أخيه العبد ، وهذا لن يكون سوى لك أيها السيد ، فاعفو عن مروقنا ، وافتح اعيننا لنعيش في هذا العالم في حب وسلام ، حتى نغادره في أمان ، واثقين من عدلك وأنك أنت المحاسب الوحيد.  بين عيد الأضحى المبارك ، وعيد الميلاد المجيد ، وقد قدما متفقين على ميعاد واحد ، أهنيء الجميع ، وأطلب من الله أن تتفق قلوبنا وأرواحنا لنكون دائما في حب ووئام ، ننتظر فرحة هذه المناسبات لنقدم شعورنا الطيب كل نحو الآخر ، وكل عام ونحن جميعا بخيروسعادة .

عن الصحيفة المهجرية صوت العروبة