خرافة إنكار علاقة الإرهاب بالتعليم الديني
خرافة إنكار علاقة الإرهاب بالتعليم الدينيسعيد الكحل
نشر الدكتور شاكر النابلسي ، في عدد من المواقع الإلكترونية ، مقالة تحت عنوان " خُرافة علاقة الإرهاب بالتعليم الديني!" ، استهلها بتفنيد التحليلات التي تربط ظاهرة الإرهاب بالمناهج الدينية ، ومقررا ، في الآن نفسه (أن دور المناهج الدينية والظلامية منها، لم يكن دوراً رئيسياً في رفع وتيرة الإرهاب في الربع قرن الأخير وإلى الآن ) . وبهذا ينفي أي دور للمناهج الدينية وما استندت إليه من تأويلات متشددة للنصوص أو من مقولات أبرزها مقولة " الولاء والبراء" . ومقالة الدكتور تحمل تناقضها في ذاتها من حيث كونها أقرت بالدور الرئيسي للمناهج التعليمية في نشر الإرهاب قبل الثمانينات . وما دام الأمر كذلك ، فإن هذه المناهج شكلت منابع لا تنضب ومشاتل لا تقفر ، ُتنبِت يوميا وتربي أطفالا وشبابا لهم من الأعذار والمبررات والفتاوى ما يكفي لتحويلهم إلى قتلة وسفاحين حيثما وُجدوا ، وفي أي مجتمع تربوا . وعلل د. النابلسي تبرئة المناهج الدينية من نشر الإرهاب وتسريع وتيرته بالحجج التي نسردها مع الرد عليها كالآتي :
1 ـ( أن المناهج الدينية والظلامية منها، موجودة منذ القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر، وما قبل ذلك أيضاً.. ولكنها رغم ذلك لم تثمر موجات الإرهاب التي نراها في هذه الأيام. فهل كانت شجرة الإرهاب بحاجة إلى كل هذه السنوات لكي تطرح هذه الثمار المُرّة والقاتلة؟ ) كلام سليم لولا أن النصوص مثلها مثل أي أداة لا تحدد أوجه استعمالها في استقلال عن الجهة الفاعلة . فالسكين مثلا ليس مصدر أذى أو نفع في استقلال عن اليد التي تمسكه ، بل مرتبط باليد المستعمِلة لغاية محددَّة سلفا . وكذلك هو حال النصوص الدينية لها قابلية لأن تحمل المراد من المعاني التي تحددها الجهة القارئة والمتأوِّلة . فالنصوص لا تحمل معناها في ذاتها تلقائيا ، بل القارئ يُـلبسُ النصَّ معاني معينة تخدم المراد . وبهذا لا نكون أمام نص واحد وإنما أمام نصوص متعددة بتعدد الجهات القارئة . وهذا ما انتهى إليه د. خالص الجلبي في نقده الذاتي :( إن النص بذاته لا ينطق بل ينطقه الناس ،وهذا يعني بكلمة أخرى ليس النص بل فهم الشخص من هذا النص ،وهذا الفهم خاضع بدوره لمتحولات أو عوامل مختلفة منها اللغوية،والبيئية،والثقافية،والتاريخية ..الخ الشيء الهام أن النص بهذا الشكل يبقى واحدا يشع على الجميع ،والمفاهيم مختلفة .وهذا يعني شيئا هاما ،فالقرآن والسنة بهذه الطريقة تبقى لكل فريق أو اتجاه مفهوم خاص يتعلق بالتثقيف الخلفي الذي يحمله التيار أو الاتجاه ،والذي بموجب هذه الآلة يدرك ما وراء النص . أي أن السلفي له قرآنه وسنته ، والصوفي له قرآنه وسنته .. والوهابي له قرآنه وسنته ،والعضو في الإخوان المسلمين له قرآنه وسنته وهكذا)(في النقد الذاتي ص234). وليس غريبا ، بعد هذا ، أن نجد من يوظف النصوص الدينية لنشر الرحمة ، ومن يوظفها لنشر الرعب والدمار . فالذين أفتوا بقتل مناضلين ومثقفين وحتى مواطنين بسطاء ، لم يفعلوه كُرها لأمريكا وللغرب بسبب الاستعمار ومساندة إسرائيل ؛ إذ أكثريتهم تعيش في أحضان الغرب وتحتمي بقوانينه لنقض قرار الترحيل والطرد الذي اتخذته الحكومات الغربية في حقهم . إنما يقتلون ويدمرون " للتقرب إلى الله" تصديقا لفتاوى مشايخ الإرهاب . هذا ما نقرأه مثلا في الرسالة التي نشرها يوسف فكري ، أحد الإرهابيين المغاربة ، في أسبوعية الصحيفة بتاريخ 18/24 أبريل 2003 ، والتي جاء فيها ( وبعد شهرين رجعنا إلى مدينة اليوسفية لكي نترك للسلطة رسالة عملية مفادها أنكم بسبب اعتقالكم لأولئك الإخوة فإننا سنلجأ إلى عمل من نوع خاص والذي يعتمد على السرية التامة فكان المدعو عمر الفراك أول عدو أتقرب به إلى الله عز وجل ) . ولو المرحوم عمر الفراك جنرالا في المخابرات الأمريكية ، بل مجرد مواطن عادي ليس له في العير ولا في النفير . إن هؤلاء الإرهابيين ينطلقون من النصوص الدينية في تكفير الدولة والمجتمع والسعي إلى تدميرهما باسم " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" ، كما صرح الإرهابي المغربي محمد دومير أمام المحكمة ( أحيطكم علما أن الأفعال المنسوبة إلي اقترفتها وقمت بها عن علم من كتاب الله وسنة نبيه .. أنا مسرور .. أنا أسعد الناس في هذا الزمان لأنني أحاكم بسبب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) لقد صار قتل الأنفس قربة في دين هذه الجماعات . ولما كان القتل قربة إلى الله ، فإن كل عقاب ينزل بهذا القاتل ، وإن كان إعداما ، هو مصدر سعادة له ، لأنه أذىً في سبيل الله يضمن الفوز بالجنة ، ومن ثم التمتع بالحور العين ، وهو أيضا تعجيل بلقاء الله وشهادة في سبيله . هذا ما نقرأه في رسالة يوسف فكري وهو يتطلع إلى اللحظة التي ينفذ فيه حكم الإعدام ( وأنا قادم على لقاء الله عز وجل وقد يكرمني ربي بشهادة في سبيله على يد هؤلاء المرتدين ) . طبعا هؤلاء " المرتدين" ليسوا أمريكيين أو إسرائيليين ، بل هم مغاربة مسلمون .
2 ـ يقول د. النابلسي ( إن التعليم الديني في إسرائيل، مليء بالنصوص التي تعادي العرب، على سبيل المثال. ورغم ذلك لم تنتج هذه النصوص إرهابا إسرائيليا ضد العرب يماثل الإرهاب العربي ضد الآخرين ) . أولا أن إسرائيل مارست ولا تزال تمارس إرهابها ضد الشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة أو خارجها عبر القتل الجماعي ( صبرا وشاتيلا ، قانا ..) أو الاغتيالات . ثانيا : أن إسرائيل لم تكن في حاجة لأن تحول أبناءها إلى قنابل بشرية . بل كانت بحاجة إلى خلق تعاطف عالمي مع اليهود من خلال الاستغلال السياسي والإعلامي للهو لوكست . فالإسرائيلي يحرص على أن يقدم نفسه للعالم كضحية . بينما رعونة الإنسان العربي تخلق الأعداء ولا تكسب الأصدقاء . وها نحن نرى الحكومات الإسلامية في باكستان وتركيا وإندونيسيا ، فضلا عن الحكام العرب ، كما سبق وقال الراحل الملك الحسن الثاني ( تيسيلو ريوقهم = يسيل لعابهم ) لمصافحة مسئول إسرائيلي .
3 ـ ( من الباحثين من يركز على أثر الوهابية السلبي، وعلى دورها في رفع وتيرة الإرهاب على هذا النحو الذي نراه الآن. في حين الوهابية كانت موجودة منذ القرن الثامن والتاسع عشر، وكانت تعاليمها وخطابها الديني في ذلك الوقت متطابقاً مع واقع الجزيرة العربية البدائي خاصة والعالم العربي عامة، في ظل الحكم العثماني في ذلك الوقت، ورغم هذا لم يظهر الإرهاب على هذه الصورة الذي نراه الآن ) . إن الفرق بين وهابية القرن 19 ووهابية القرن 20 تجسده الاعتمادات المالية الهائلة التي ترصدها الحكومة السعودية ونظيراتها الخليجية ، إما مباشرة أو من خلال شبكة الجمعيات الخيرية وطوابير الدعاة . ولم يكن هذا ليحصل لولا الطفرة البترولية التي مكنت مثلا السعودية من رصد مليارات الدولارات لإنشاء عدد من المنظمات ، منها :
ـ رابطة العالم الإسلامي سنة 1962 إذ فتحت لها مكاتب في 120 دولة .
ـ دار المال الإسلامي حيث أنشأت شبكة من المؤسسات لتمويل نشر الوهابية أهمها :
= مصرف فيصل الإسلامي .
= الشركة الإسلامية للاستثمار بالخليج .
= شركة التكافل الإسلامي .
ـ منظمة الغوث الإسلامي حيث شيدت مئات من المساجد لهذا الغرض .
ـ منظمة الشبيبة الإسلامية التي تتولى تكوين حَمَلة الفكر الوهابي .
ـ البنك الإسلامي للتنمية والذي تمتلك السعودية 30 % من رأسماله .
بالإضافة إلى ملاحق للشئون الإسلامية بكل السفارات السعودية ، والتي يديرها حوالي 800 من الدعاة الوهابيين الذين يتمتعون بالحصانة الدبلوماسية . ويذكر السيد عادل جندي ( جريدة الأحداث المغربية 29 يناير 2004 ) أن السعودية ( مولت جزئيا أو كليا مشروعات إنشاء 210 مركزا إسلاميا و 1500 مسجدا و 200 كلية إسلامية و 2000 مدرسة في العالم ) كما ( قامت مؤسسة الحرمين في عام 2000 وحده بافتتاح 1100 مسجد ومدرسة ومركز إسلامي وطبعت 13 مليون كتاب إسلامي واستخدمت 3000 داعية ) . طبعا من يزرع التطرف يجني الإرهاب والدمار . وما تعانيه السعودية اليوم وما تخوضه من حرب ضد الإرهاب ، لم يكن سببه إسرائيل ولا غزو العراق . إنما السبب المباشر هو الفتاوى " الشيطانية" التي اعترف كثير من مشايخ التطرف أنهم أصروها .
4 ـ ( اختلف شكل وطبيعة ونوايا وتموضع الآخر في واقع الشباب العربي، عمّا درسوه وحفظوه في كتب مناهج الدين .. ولم تعد هناك "دار إسلام" و "دار حرب" كما كان يُدرّس للناشئة وإلى الآن. وأن هذا التقسيم موجود فقط في رؤوس رجال المؤسسات الدينية فقط وواضعي المناهج الدينية. وهؤلاء هم خارج الواقع، وخارج العصر، وخارج الحداثة ) . هذا أمر لا يسنده الواقع . بل صارت مقولة " دار الحرب" و "دار الإسلام" خبز الجماعات الإرهابية اليومي وعقيدتها الراسخة . والذين فجروا مترو الأنفاق في لندن لم تستهدف منازلهم جرافات إسرائيل ولا دمرت مدنَهم أو قتلت عائلاتهم طائرات الأباتشي أو صواريخ كروز أو قاذفات B52 . إنهم ولدوا وتربوا بعيدا عن مناطق الصراع ، لكنهم سقطوا ضحايا إيديولوجية الإرهاب التي تنتجها المدارس الدينية ويروج لها دعاة الكراهية والضغينة . ولا بد هنا من التركيز على الدور الخطير الذي تلعبه القنوات الفضائية والشبكة العنكبوتية في استقطاب الأتباع ونشر الإرهاب عقيدة وأسلوبا . إن الإرهابيين الذين اغتالوا المفكرين والسياسيين والفنانين لم يكونوا بحاجة إلى ذريعة غزو أفغانستان أو العراق ، لينفذوا إجرامهم . وإذا لم يكن من مبرر خارجي ، فإن ثقافة الإرهاب تنتج ما يكفي من مبررات وأعذار . وأورد هنا بعض تلك المبررات التي تضمنتها الوثيقة التي وزعها التيار التكفيري في المغرب قبيل أحداث 16 مايو 2003 الإرهابية . ومما جاء فيها :
ـ( أفراد هذا المجتمع وحكوماته مرتدون مارقون ، والمظاهر الإسلامية في هذا المجتمع مظاهر كاذبة مضللة منافقة ، فشيوخ الدين ممالئون للسلطان الكافر .
ـ الجهاد مفروض لتغيير هذا الواقع ، وإحلال شريعة الله مكان شريعة الكفر .
ـ الوسائل السلمية لا تجدي فتيلا ولا توصل للهدف السابق لأن كل عمل سلمي للدعوة يقابل بالدعاية الحكومية الكافرة .
ـ ما دام الحكام كفرة والجهاد واجبا ، فقد وجب الخروج عليهم وقتالهم بالسلاح .
ـ يجوز قتل كل من تترس به الكافر ولو كان من المسلمين .
ـ ليس للنساء والأطفال حرمة ، لأن أولاد الكفار من الكفار .
ـ يجوز قتل الكفار ـ وهم الحكام والشعوب الراضية ـ ليلا ونهارا ، وبغير إعلام وإشعار لهم ، ولو قتل في ذلك نساؤهم وأطفالهم .
ـ لأن النظام نظام كافر ، فالدار التي نعيش فيها دار حرب ، وبذلك تكون كل ديار المسلمين الآن ديار حرب ، يجوز فيها ما يجوز في دار الحرب ، من القتل والسلب والنهب والغصب والخطف ) .
ولنا أن نتساءل هل العرب والمسلمون وحدهم من وقع عليهم العدوان الأوروبي والأمريكي ؟ لماذا لم يسلك أبناء الشعوب الخاضعة للقهر العالمي نهج الإرهاب كما المسلمين ؟
ـ الدكتور النابلسي يدك حرثه ويعقر بيانه : كما سبقت الإشارة في المقالين السابقين ، فإن الدكتور النابلسي عدّ خرافةً الربط بين الإرهاب والتعليم الديني . ومن ثم أعلن تراجعه عن مواقفه السالفة ، بقوله ( ولقد كنتُ أنا في الماضي واحداً من معتنقي هذا الرأي لكي نبرر به أعمال الإرهاب الشريرة. وقد كتبت في كتابي (محامي الشيطان: دراسة في فكر العفيف الأخضر) الذي سيصدر في الشهر القادم، ما ملخصه أن الأبجدية العربية تبدأ بـ ( كَ فَ رَ : كَفَرَ ) . وقلتُ: لا شك، أن أنظمة التعليم المتخلفة في العالم العربي، وفي دول الخليج على وجه الخصوص، كانت من الأسباب الرئيسية لانطلاق الإرهاب، فهي التي ربّت الإرهابيين على تكفير الآخر، ومحاربة الآخر، وكراهية الآخر). إنه تراجع غير مؤسَّس ، سواء شرعيا حتى يكون توبة نصوحا أو إكراها عليها يرفع الحرج ، ولا علميا حتى يصير نقدا ذاتيا . فالدكتور النابلسي كان ثالث المفكرين الليبراليين ومنسقهم في صياغة البيان الموجه إلى الأمين العام للأمم المتحدة في فبراير الماضي ، وها هو يصير أول من يعقر البيان بعد أن أثمر قرارا أمميا قد تتلوه قرارات أخرى تحاصر شيوخ الإرهاب وأمراء الدم . إنه موقف يدعو إلى التأمل كما يدعو إلى التساؤل . إذ كيف ينفي صلة الإرهاب بالنصوص الدينية والفتاوى ، وفي نفس الوقت يُشِيد ويثنى على القرار الأممي في المقالة التي نشرها بتاريخ 17/9/2005 تحت عنوان "القرار 1626انتصار لبيان الليبراليين" ؟
كيف يفسر الدكتور النابلسي لقرائه ومؤيدي بيانه التناقض الصارخ الذي تعكسه الفقرات التالية :
أ ـ ( قرار مجلس الأمن 1626 الذي صدر بالأمس، والذي يحظر التحريض على الإرهاب، يعتبر انتصاراً دولياً كبيراً لبيان الليبراليين العرب الذي وقّع عليه أكثر من أربعة آلاف مثقف ورجل أعمال وقانوني وطبيب ومهندس وأكاديمي ومعلم وطالب ورجل دين ليبرالي عربي وكردي. والذي رفعه معدو البيان الثلاثة (العفيف الأخضر ،جواد هاشم، وشاكر النابلسي) للأمم المتحدة في فبراير 2005 من منطلق التحريض الديني على الإرهاب، حيث لم توجد عملية إرهابية تمت بعد 1980 إلا وكانت بفتوى دينية. مما ألحق الأذى بمعدي هذا البيان وعلى رأسهم العفيف الأخضر الذي أصدر راشد الغنوشي فتوى بقتله، ونسب إليه ظلماً وبهتاناً تأليف الكتاب المشين (المجهول في حياة الرسول)( مقالة 17/9/05).
ب ـ ( فلماذا اعتبرنا دور المناهج الدينية والظلامية منها على وجه الخصوص دوراً وهمياً و من الخرافات، في انتشار الإرهاب في الربع قرن الماضي (1981-2005) بدءاً من اغتيال الرئيس السادات 1981 إلى الآن ؟ وهل كان دور المناهج الدينية والظلامية منها، سبباً رئيسياً، أطلقناه نحن العرب المسلمين؟ .. في ظننا وزعمنا، أن دور المناهج الدينية والظلامية منها، لم يكن دوراً رئيسياً في رفع وتيرة الإرهاب في الربع قرن الأخير وإلى الآن )( مقالة 10/9/05 ) .
ج ـ (. لكن الفتاوى الدينية المُحرّضة على الإرهاب تلعب دوراً مباشراً وأساسياً في التحريض عليه. ومع ذلك فإن بعض الفتاوى الدينية تصبغ على الإرهاب الشرعية الدينية بتحويله من جريمة إلى تنفيذ حد من حدود الدين أو فريضة من الفرائض )( فقرة من البيان الذي وضعه النابلسي ورفيقيه ) .
د ـ ( إن قرار مجلس الأمن 1626 يأتي تتويجاً لجهود الليبرالية العربية/ الكردية المثمرة. وهو انتصار للثقافة العربية/الكردية والليبرالية العربية/الكردية في أكثر المعارك الواقعية التي تخوضها ضد الإرهاب والإرهابيين والمحرضين على الإرهاب والمباركين للإرهابيين. وهذا القرار دليل على مدى كيفية أن يكون المثقف مثقفاً عضوياً ملتصقاً بواقع مجتمعه ، مدافعاً عن قيمه الإنسانية، ومحارباً لغُربان الشيطان الناعقة بالخراب والدمار )( مقالة د. النابلسي 17/905 ) .
2 ـ النابلسي يبرئ الإرهابيين ويخذل الليبراليين : لا شك أن تراجع الدكتور النابلسي عن الربط بين الإرهاب والتعليم الديني وشيوخه ، لن يغتال بيان الليبراليين فقط ، بل يخذلهم وكلَّ الذين ناشدوا وصدحوا ( نحن المثقفين العرب والمسلمين الديمقراطيين والمسالمين الليبراليين الموقعين على هذه العريضة نود أن نلفت أنظاركم - وانتم تضعون التوصيات اللازمة لتنفيذ وتفعيل قراركم رقم 1566- إلى مصدر خطير للإرهاب. هذا المصدر الخطير هو الفتاوى المُحرّضة على جريمة الإرهاب التي صدرت وما زالت تصدر عن مجموعة من رجال الدين المتزمتين ) . كما أن قوله ( وهذا الحكم (= الربط بين الإرهاب والمناهج الدينية ) أطلقه أيضاً الغرب على مناهجنا الدينية، لكي يصيب أعداء الإسلام في الغرب (القس بات روبرتسون مثالاً) مقتلاً من الإسلام كدين من ناحية، ولكي يبرر الغرب لنفسه أسباب الإرهاب، ويُبعد سبب مظالمه السياسية والاقتصادية للعالم العربي على مدار القرن العشرين كواحد من أسباب الإرهاب المنتشر الآن بقوة، ومنذ ربع قرن مضى ) ، هذا القول ينفي التهمة عن الإرهابيين ويبرر إجرامهم ، فضلا عن كونه يحرج مجلس الأمن وكل الذين يطالبون بتشديد العقوبات والقيود على شيوخ الكراهية والعنف ومؤيدي الإرهاب . تناقض غير مبرر وتراجع مجاني من دون سند . لكن الاختلاف من د. النابلسي لا يفسد للاحترام قضية .