عشاق الله

المجيء الثاني لسيدنا عيسى في المسيحية والإسلام

نادر عبد الأمير

يؤمن المسيحيون أن سيدنا عيسى المسيح قد مات على الصليب ليفدي البشرية من الخطيئة، وأنه قام من الموت بعد ثلاثة أيام وأنه سيعود في آخر الزمان إيذانا بنهاية العالم وحلول يوم الدينونة حتى يكافأ كل إنسان على عمله في الدنبا، فإن فعل خيرا جوزي خيرا، وإن فعل شرا لقي جزاءه. كما يؤمنون أنه سيأتي في مجد عظيم وسط ملائكة يحفونه في جلال وقوة. نقرأ في الإنجيل حسب متى: “فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلاَئِكَتِهِ، وَحِينَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَمَلِهِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مِنَ الْقِيَامِ ههُنَا قَوْمًا لاَ يَذُوقُونَ الْمَوْتَ حَتَّى يَرَوُا ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا فِي مَلَكُوتِهِ”. (متى 27:16-28)

ونقرأ أيضا في نفس الإنجيل: ومتى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه، فحينئذ يجلس على كرسي مجده ويجتمع أمامه جميع الشعوب" (متى 25: 31، 32)

إن هذا المجيء المملوء مجدًا سيكون كما بينت الآيات السابقة مفرحًا للأبرار لأن به نجاتهم من الضيق العظيم، لكن سوف يكون مخيفًا ومهلكا للأشرار.

ويصف الرسول بولس كيفية المجيء بكل تفصيل في تسالونيكي الأولى 4: 15-17، وكورنثوس الأولى 15: 51-55 مبينا كيف أن سيدنا عيسى نفسه سينزل من السماء، وأن الأموات في المسيح سيقومون أولاً بأجساد روحانية ممجدة غير قابلة للموت أو الفساد. أما المؤمنون الذين يكونون أحياء على الأرض عند مجيئه فستتغير أجسادهم إلى صورة جسد مجده، ويكون كل ذلك في لحظة مصحوباً بهتاف رئيس ملائكة، وبوق الله.

ليس المسيحيون وحدهم من يؤمن بالمجيء الثاني لسيدنا عيسى المسيح بل المسلمون أيضا يؤمنون به أو بنزوله كما يقولون. وهو أيضا بالنسبة إليهم نزول محفوف بمجد الله، ومجسد لقمة الأخلاق الإلهية، حيث نقرأ في القرآن الكريم في سورة البقرة: "هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ ۚ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ" (سورة البقرة: 201). وقد وردت عن مجيء المسيح الثاني أحاديث نبوية كثيرة وعميقة الدلالة على أهمية هذا المجيء والمجد والقوة والجلال الذي سيصاحبه كما في الحديث النبوي التالي:

"حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ آدَمَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ دِينُهُمْ وَاحِدٌ وَأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ وَإِنَّهُ نَازِلٌ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ فَإِنَّهُ رَجُلٌ مَرْبُوعٌ إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ سَبْطٌ كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطُرُ وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ بَيْنَ مُمَصَّرَتَيْنِ" ثم بعد وصفه الأفعال التي سيقوم بها يخلص الحديث إلى روح السلام والعدل والرخاء التي ستعم الأرض بعد هذا المجيء المجيد وذلك في قوله: "وَتَقَعُ الْأَمَنَةُ فِي الْأَرْضِ حَتَّى تَرْتَعَ الْإِبِلُ مَعَ الْأُسْدِ جَمِيعًا وَالنُّمُورُ مَعَ الْبَقَرِ وَالذِّئَابُ مَعَ الْغَنَمِ وَيَلْعَبَ الصِّبْيَانُ وَالْغِلْمَانُ بِالْحَيَّاتِ لَا يَضُرُّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا"

لكن إذا كان السيد المسيح قد تكلم عن مجيئه الثاني، فإنه تكلم أيضا عن الاستعداد لهذا المجيء واستخدم هذا الاستعداد كوسيلة لدوام الأهبة والاستعداد في حياتنا الشخصية، ذلك أن العالم سينتهي بالنسبة لنا جميعا مع انتقالنا من هذا من هذا العالم. ولن يغير مجيء سيدنا عيسى المسيح الثاني الوضع كثيرًا من حيث استعدادنا الشخصي لملاقاة الرب..