عشاق الله

قوة السيد المسيح وسلطانه

فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلاً: «دُفِعَ إِليَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ فَاذْهَبُوا إِذَنْ، وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ، وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَعْمَلُوا بِكُلِّ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْتِهَاءِ الزَّمَانِ! »" متى 28: 18-20

 

هذا النص الكتابي من أقوى الشواهد التى تعبر عن قوة وسلطان اسم سيدنا عيسى المسيح. فبعدما انتهت حياته وخدمته بعد انتهاء تعاليمه ودعوته ومعجزاته وآلامه واضطهاداته وموته وقيامته مرة ثانية من أعماق الموت، بعد انتهاء كل هذه الأحداث انتقلت خدمة السيد المسيح إلى أيدى حوارييه الذين لم يكونوا سوى فئة قليلة جدا. مع ذلك أعطاهم مسؤولية حمل بشارة الإنجيل إلى كل العالم.

 

بعدما كلفهم بهذه المسؤولية وهى حمل الإنجيل لكل العالم- أعطاهم بعض التعليمات بخصوص المكوث فى مدينة القدس حتى ينالوا قوة من الأعالي.  وذاتَ مَرّةٍ وفيما هُم يَتناوَلونَ الطَّعامَ أوصاهُم قائلاً: «لا تُغادِروا مَدينةَ القُدس، بلِ انتَظِروا فيها حتّى حُلولِ رُوحِ اللهِ فيكُم، حَسَبَ وَعدِ اللهِ الأبِ الرَّحمنِ، الوَعدِ الّذي سَبَقَ أن أخبَرتُكُم بِهِ». سيرة الحَواريّين 1: 4 

بل عِندَ تَجَلّي رُوحِ اللهِ القُدّوسِ عليكُم، تَحظَونَ بِالقُوّةِ والسُّلطانِ، فتَكونونَ لي شُهودًا في القُدس، وفي مَناطقِ يَهوذا والسّامرةِ، وسائرِ أصقاعِ الأرضِ». سيرة الحَواريّين 1: 8
 

نرى هنا أن القوة فى خدمة السيد المسيح كانت هى قوة الروح القدس. نتذكر ن السيد المسيح لم يفعل أى شئ- ولا معجزة واحدة- قبل أن يحصل على معمودية الروح القدس فى نهر الأردن. لذلك كان على الحواريين إن كانوا سيضطلعون بهذه المسؤولية أن يحصلوا على نفس القوة وذات المسحة من نفس المصدر الذي نهل منه السيد المسيح. 

نتذكر ما فعله الحواريون بعد ذلك؟ يذكر الكتاب أنهم كان مجتمعين بانتظار يوم الخمسين عندما حلت عليهم ألسنة نيران الروح القدس. في ذلك اليوم انطلقوا من العلية لينشروا كلمة الله في كل أنحاء العالم. لقد بدؤوا منذئذ بالدعوة. ويا ما حدثت معهم أيات وعجائب وأعمال معجزية صاحبت دعوتهم تلك. لم يقف شىء أمامهم. لم يستطع شىء أن يعيقهم أو يوقفهم. لقد اضطهدوا وسُجنوا وجُلدوا وضُربوا- بل منهم من قُتل بحد السيف..... لقد فعل العدو كل ما في وسعه ليحبطهم، ولكن في كل مرة كانت نيران الروح القدس تشتعل. 

من بعد يوم الخمسين حصل التلاميذ على نفس القوة التى كانت للمسيح فى حياته وخدمته فذهبوا ليعلنوا كلمة الله بكل جرأه وشجاعة. ذهبوا ليعلنوها بين الرومان- وفى وجه الفريسيين- وفى وجه المتدينين- وفى وجه الاضطهاد والآلام. لم يرهبوا أي شئ. وعندما رُمي بهم في السجن لم يتراخوا بل كانوا يصلون لله لكي يعطيهم شجاعة أكثر حتى يعلنوا كلمته بكل جرأة. 

وهذا هو معنى الوصية العظمى التي أعطاها السيد المسيح للحواريين. إنها تعني ببساطة أن المسيح أعطى السلطان الذى كان يملكه للتلاميذ ليذهبوا ويصنعوا نفس الأمور التى صنعها.  "فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلاً: «دُفِعَ إِليَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ" (متى18:28) المسيح لم يقل سلطانا فقط أو بعضا من السلطان أو سلطانا محدودا بل "كل سلطان" فى السماء وعلى الأرض. كلمة سلطان فى الأصل اليوناني تعنى: القوة والسيادة المطلقة والقدرة العظيمة. تستطيع إذا أن تستبدل كل مرة كلمة سلطان بهذه المعاني لتدرك المعنى الذى كان يقصده السيد المسيح. 

هذا السلطان الذى أعطاه السيد المسيح لحوارييه لم يسترده بعد انتهاء عصر الرسل بل مازال قائما. أتباع السيد المسيح مازال لهم نفس السلطان الذى أعطاه السيد المسيح منذ ألفي عام. الحواريون عملوا بذلك السلطان. طبقوا ذلك السلطان بشكل عملي. وهذا هو السبب أنهم فعلوا أمورا عجيبة جدا ومعجزات. لقد شفوا المرضى وأقاموا الموتى وأخرجوا الشياطين. واليوم نحن أيضا نستطيع ذلك بالتأكيد.

نادر  عبد الأمير