عشاق الله

في معنى التغيير

في معنى التغيير

خلق الله الكون و احسن خلقه و ابدع تنسيقه و صنعه فجعل الساكن تابثا و المتحرك متغيرا

التغيير كلمة لا تتعدى اربعة احرف لكن معناها كبير و العمق.

فما معنى التغيير؟ و ما علاقته بالحركة؟ و بالمخلوقات؟ أسئلة يجب الوقوف عندها لحظة تأمل و تدبر لكشف قدرة  و عظمة الله عز و جل و رحمته.

نبدأ بجولة خارج الأرض. ذلك الفضاء العجيب الغريب……..قوى خفية…….انسجام متكامل……..حركية منتظمة مدروسة و دقيقة…….فنأخذ من الظواهر ما نتصوره تصور سطحي لا نتمعن فيه و لا نتعمق لكشف أسراره الخفية كظاهرة الخسوف و الكسوف.تعاقب الليل و النهار.المد و الجزر………ظواهر تبرز أهمية العلاقة الثلاثية

القمر——الأرض——-الشمس

فالرابط المهم و  المشترك بين  القمر و الأرض هو الحركة أي الدوران بمعنى أن كل منهما يغير موضعه بانتظام في المحور الثابت كعقارب الساعة

ناخذ مثلا ظاهرة المد و الجزر…….و نتخيل ان القمر لا يدور حول الأرض و الأرض لا تدور حول نفسها………فماذا سيحدث؟ سيظل القمر دائما على الخط العمودي لنفس المكان على الأرض، و في هذه الحالة يكون التغيير سكونيا = 0  وتكون القشرة الأرضية و المحيطات في حالة توازن….

إذا فان الحركة المقترنة للجاذبية و الدوران هي التي تخلق تعاقب المد و الجزر اي أن التغيير الحركي هو المسؤول عن تعاقب المد و الجزر

ما أروع وأجمل التدبر و التأمل في آيات الله و اكتشاف ماهية و حقيقة الأمور.

والان نذهب في جولة داخل الارض و نركز على كل ما هو حي……من انسان ونباتات….حيوانات…ميكروبات…حشرات………خلق الله هذه المخلوقات ووضع لكل منها غاية في الوجود و لتحقيقها يجب ان تمر بمراحل و دورات و بذلك تتغير. 

  فناخذ ابسط مثال الا وهو الانسان……..من نطفة———إلى جنين يشق الله فيه السمع و البصر والشم والفم والامعاء———يصير مولودا و تنفخ فيه الروح———-شابا——-شيخا

فهذا تغير فيزيولوجي خارجي ظاهر و جلي بينما التغير الباطني يكون بموازاة معه و فيه من الاسرار والخفايا لا يعلمها الا الله عز وجل ولم يصل العلم الحديث بعد الى تفسير اغلبها.

مادام الانسان يطمع في التفوق و الرقي فلابد له ان يتغير……..تغير نفساني : خوف . فرح . حزن . بكاء . ضحك……….تغير روحي : ايمان ضعيف . توبة . ايمان قوي . سمو روحي . إحسان

و هكذا فالتغيير أساس من أسس الحياة و الحياة بلا تغيير = سكون تام = استسلام و فشل

لذا فالسعي وراء التغيير الايجابي جد مهم فبه نرقى و نتطور و نكشف الحقيقة و نحقق الغاية المرجوة.

وكل أصناف التغيير الأخرى من سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية وغيرها لا تخرج عن هذا المنطق. فالتغيير هو سنة الحياة، وعلينا أن لا نتشاءم أو نحبط ونحن نشاهد الأنظمة والأنساق والعوالم تتغير من حولنا. علينا أن نسند ونشجع هذا التغيير نحو الأفضل، وننتقد انزلاقاته ومطباته ونصححها دائما حتى نحافظ على جوهره الإيجابي النقي.