عشاق الله

ثورات في الحق والحرية

لا نظن أن الثورات الشبابية الشعبية في العالم العربي ستقف عند خط نهاية. قد تتعثّر، وتتباطأ، وقد تتوقّف بشكل مؤقتً، وقد تصادف عراقيل كثيرة، ومتاريس عالية، لكنها في الأخير ستواصل طريقها إلى أجل غير مسمىً، بل نتصور أن وتيرتها ستتصاعد مهما حدث.


لقد قالوا إن ثورات الشباب كانت مفاجئة جدا، وهو قول فيه الكثير من الصدق. لكن إذا تأملنا الأمر أكثر فسوف نرى أن الحقيقة هي أن صبر الجماهير العربية على واقعها الرديء خلال عقود كثيرة، وعدم خروجها الى الميادين والساحات والشوارع هو الذي كان مفاجئاً جدا، بل خارج كل منطق..


إن ما يحدث الآن في البلاد العربية في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخها، كان ينبغي أن يحدث منذ زمن بعيد. لكن الجديد فيه حالياً أن الشعوب العربية كسرت جدار الخوف، الذي رفعته الأنظمة بالقمع والسجون والترهيب والتجويع والتهجير والموت.

 

ولا تحلمن جماعة انتهازية ما أن تركب قطار الثورة وتسطو على عربة قيادته، سواء في مصر أو تونس أو ليبيا أو اليمن، أو غيرها من البلدان العربية، فزمن انتهاز غفلة الجماهير ولى إلى غير رجعة، لأنه في تناقض تام مع العصر الرقمي الذي هو العصر الديمقراطي بامتياز. عصر انطلاق العقول والأفئدة والألسنة من عقالها. ومن يعتقد غير ذلك فهو واهم. إن نسقا جديدا في التفكير والسلوك والحياة يولد الآن. وعندي إحساس عظيم، بل كلي تفاؤل أن هذا النسق لن يكون متعارضا مع دعوة السيد المسيح إلى الحق الذي يحرر "تعرفون الحق، والحق يحرركم" (يوحنا 8: 32).فإما أن نتخلى عن لباسنا القديم ونكون في الموعد أو لا نكون أبدا.

 

نادر عبد الأمير