عشاق الله

بيل غيتس: ثراء لا يحد، وعطاء لا ينتهي

كثير هم الأشخاص الذين يتكلمون عن الالتزام بالمبادئ يلوكونها صباح مساء، ولكننا لن نحتاج إلى كثير عناء لنجد أن واقعهم يخالف مبادئهم. لقدا ألفنا هذا كثيرا وأصبح هو القاعدة البشرية المتوقعة إلى أن وصلنا إلى قناعة أن المبادئ لا تعدو أن تكون درجات ذلك السلم التي يدوس عليها الوصوليون في كل مرة تتهيأ لهم فرصة الصعود حتى إذا بلغوا القمة المقصودة لم يتبق من مبادئهم سوى مواطئ أقدامهم.

وسط ذلك الواقع الذي يتشابه فيه الذين يدعون القرب من الله والليبراليون يبرز أفراد يجعلون مبادئهم تقودهم إلى عالم أجمل وأروع مما كانوا ينادون به. فتشع نورا في عتمة المبادئ الزائفة وتبقي الأمل البشري قائما في وجه تجار المبادئ.

ويبرز السيد بيل غيتس، أغنى رجل في العالم، فمة من قمم العمل الإنساني من حيث أعمال البر والإحسان. بل قد يكون أكثر المعاصرين إنسانية على الإطلاق. فعلى سبيل المثال، وبعيدا عن الشعارات الزائفة قدم برضى منه 400 مليون دولار لمساعدة الدول الفقيرة في برنامج التلقيح ضد الأمراض المعدية. وهذا يعد أكبر تبرع من فرد على مر التاريخ البشري.

لاأحد ينكر دور مايكروسوفت في نقل الكمبيوتر من آلة تخص الشركات إلى صديق لكل عائلة بأسعار معقولة. والشركة في تطور مستمر ربما يفوق المتوقع لها، ولكن ماهو أعظم من الشركة وأبقى هي تلك الصفات الإنسانية التي يتمتع بها صاحبها.

كم هو جميل أن نرى بشراً ليس همه الوحيد البحث عن واد ثالث يصب في خزانته التي تتلاطم فيها الأمواج الخضراء.

بشر أصبح همه أن يمد اليباب من حوله بما يحتاجه ليكون مروجا وأنهاراً.

هكذا يضع بيل غيتس أهدافا جميلة يصعب على غيره أن يماثله في الوصول إليها.

فمن هو بيل غيتس هذا؟

إنه مواطن أمريكي ولد في سياتل، واشنطن في 28 أكتوبر 1955 من أصل إيرلندي-أسكتلندي (بريطاني)

ترعرع الطفل بيل في عائلة ذات تاريخ عريق بالاشتغال في السياسة والأعمال والخدمة الاجتماعية. عمل والد- جده محافظاً وعضواً في الهيئة التشريعية للولاية، وعمل جدّه نائبا ًلرئيس بنك وطني، وكان والده محامياً بارزاً. كما شغلت والدته منصباً إدارياً في جامعة واشنطن، وكانت عضواً بارزاً في مجالس لمنظمات محلية وبنوك. من أجل ذلك لم يكن مستغرباً أن يظهر الطفل بيل الذكاء والطموح وروح المنافسة في وقت مبكر، فقد تفوق على زملائه في المدرسة الابتدائية وخاصّة في الرياضيات والعلوم، وقد أدرك والداه ذكاءه المبكر مما حدا بهما لإلحاقه بمدرسة لايك سايد (Lakeside) الخاصّة والمعروفة ببيئتها الأكاديمية المتميزة، وكان لهذا القرار الأثر البالغ على حياة بيل ومستقبله، ففي هذه المدرسة تعرّف بيل على الحاسوب لأول مرّة.

كان بيل غيتس بارعا بالرياضيات والعلوم، وقد أدرك أهله قدراته المميزة ولذلك بعد انهاءه المرحلة الابتدائية أرسلاه إلى مدرسة ليك سايد الإعدادية رفيعة المستوى. وفي عام 1968 قررت المدرسة شراء جهاز كمبيوتر، هذا القرار غير مجرى حياة بيل غيتس البالغ من العمر حينها 13 عاماً.

كان أكثر الطلاب أهتماماً بالكمبيوتر ثلاثة :بيل غيتس، كانت ايفانس وبول ألن الذي كان اكبر من غيتس بسنتين وأسس معه بعد ذلك مايكروسوفت. كان الثلاثة يجلسون مسمرين أمام الكمبيوتر في أوقات فراغهم، حتى أنهم اصبحوا يفهمون بالكمبيوتر أكثر من اساتذتهم مما سبب لهم مشكلات عدة مع الاساتذة. وكانوا يهملون دراستهم بسبب هذه الآلة الجديدة.

بدأ بيل غيتس في سن الرابعة عشرة من عمره بكتابة برامج قصيرة، أول برامجه كانت ألعاباً محدودة، وكان يكتبها بلغة "البيسك" وكانت قدرته على كتابة البرامج نابعة من حبه للرياضيات وعلم المنطق. إذا أحب بيل غيتس ان يكون جيداً في مجال معين، فلا يرضى عن الأفضل بديلاً: وبدأ بقراءة المجالات التي تتعاطى مع شؤون التجارة.

في عام 1969، انشأ بيل غيتس وبول ألن شركة باسم" مجموعة مبرمجي ليك سايد للكمبيوتر"، وكان ذلك نقطة تحول تعرف الطالبان خلالها على الكثير من الأمور. وفي المرحله الثانوية استمر بيل في عمل البرمجيات حيث أسس مع صديقه بول Traf-O-Data شركة تبيع نظام حاسوب صغير يحوي برنامجهم للاطلاع على بيانات سير المرور للولايات في أمريكا. هذه الشركة لم تحقق نجاحا كبيرا ولكنهم حققوا من خلالها ربحا معقولا وخبرة

 

عد تخرجه من المدرسة كان متوقعاً من بــيـل غـيـتس ان يدخل إلى أفضل جامعة في الولايات المتحدة هارفرد، وهذا ما حصل فعلاً. ولكن بـيـل غـيـتس وجد أنه ليس الأفضل في هارفرد في مادة الرياضيات، وكانت قناعته: "إذا لم أكن الأفضل في الرياضيات فلماذا أتابع في هذا المجال؟".

نقطة تحول ثانية حدثت لبيل وكانت في شهر كانون الأول عام 1974 عندما كان بول ألن في طريقه لزيارة بـيـل غيـتس، رأى خلالها نسخة من مجلة Popular Electronics. وكانت على الغلاف صورة لكمبيوتر شخصي اسمه ALTAIR 8800 وأحضرها إلى غيتس، وأدرك ان عصر الكمبيوتر الشخصي سيبدأ وسيكون متوفراً للناس فبدأ بالتفكير في كتابة برامج لكل كمبيوتر.

اتصل الاثنان بالشركة التي صممت الكمبيوتر وكان اسمها MITS وصاحبها ED ROBERTS فطلب منهما برنامجاً سهلاً" للكمبيوتر، فأنكب الأثنان لمدة 8 أسابيع ومنحاه برنامجاً بلغة BASIC ويقول ROBERTS: "كان ذلك رائعاً وفعلاً كان هذا الأمر نقطة تحول بالنسبة إلى عالم الكمبيوتر الشخصي", وكان هذا السبب الرئيسي لولادة شركة MICROSOFT والتي انبثقت من MICROCOMPUTER SOFTWARE.

كان شعار مايكروسوفت: "أعمل بكد وجهد، طور في منتجاتك، واربح". ومن المفارقات المضحكة أن الجميع كان يعمل بجد ليلاً ونهاراً. الجميع يلبسون الجينز و"التي شيرت".

 

عرضت IBM على بـــيــل غــيــتس وألن العمل على إنتاج برنامج تشغيل وبرامج لها. وكان لدى IBM الاستعداد التام لدفع الملايين ليكون انتاجها أفضل. ولكن بيل غيتس لم يوافق على كافة شروطهم وذهب إلى شركة كان لديها برامج تشغيل اسمها منتجات ستيل للكمبيوتر واسمه QDOS – 86.

أشترت مايكروسوفت حقوق هذا البرنامج بمبلغ 25 الف دولار. طورته الشركة وصار اسمه MS-DOS وباعته لشركة IBM وكان هذا جواز سفر مايكروسوفت إلى النجوم.

وأحد المواقف الطريفة الذي يذكرها بيل غيتس أنه اكتشف وهو ذاهب إلى أهم اجتماع في حياته مع IBM لعقد صفقة البيع أنه من دون ربطة عنق، فذهب إلى السوق وتأخر عن الاجتماع، ويقول: "الأفضل ان أتأخر من أن أذهب من دون ربطة عنق".

عندما بدأت العلاقة بين IBM ومايكروسوفت كان لدى IBM ألف موظف و306 مليارات دولار كدخل سنوي، وفي المقابل كانت مايكروسوفت شركة صغيرة تحتوي على 32 موظفاً وربح خفيف، لكن IBM لم يكن لديها بـيل غيتس. توالت التطبيقات، وبدأ بــيــل غــيــتس بوضع برنامج معالج الكلمات WORD 1.0 وطوره وكلف الشركة 3.5 ملايين دولار للدعاية والتجربة المجانية.

 

جمع بــيــل غــيــتس 30 من أفضل المبرمجين وقضوا عامين، مع عمل ساعات اضافية، في محاولة لاختراع ويندوز - Windows. النتائج كانت مخيبة للآمال، ولكن اختراع "الماوس"كان أمراً فعالاً وعملياً في ذلك الوقت. وفقد غيتس صبره وصار يهدد كل من في الشركة بإنهاء خدماته إذا لم يتم الانتهاء من ويندوز، وكان شخصاً لايرحم في ذلك الوقت".

في 13 آذار 1986 دخلت مايكروسوفت سوق الأسهم، وأصبح بول ألن و بــيــل غيتس من أصحاب الملايين، وأصبح بــيــل غيتس من أغنى أغنياء أميركا، ولكنه ظل يعيش حياته بالطريقة نفسها. وفي آذار 1986 انتقلت مايكروسوفت مرة جديدة إلى مواقع جديدة لتستوعب ال 1200 موظف في بارك لاند.

نجاح بيل غيتس ولد لديه أعداء كثر حاولوا محاربته، وحصلت مشكلات عدة مع شركة Apple وصلت إلى المحاكم. ولكنه واصل إنتاج أفضل البرامج والتطبيقات التي تنتجها شركة مايكروسوفت.

في عام 1999 وضع غيتس كتابه "الأعمال وسرعة الفكر" وهو كتاب يوضح كيف يمكن لتقنية الحاسبات الآلية تذليل المشكلات المرتبطة بالأعمال بطرق جديدة مبتكرة. تم نشر الكتاب بـ 25 لغة مختلفة وهو متوفر في ما يزيد عن 60 بلداً.

وحظي كتاب "الأعمال وسرعة الفكر" بتقدير واسع، وحصل على مكان له بين قائمة أفضل الكتب مبيعاً لـ "نيويورك تايمز"، "يو.اس.ايه. توداي"، "وول ستريت جورنال" وشركة "أمازون".

وكان كتاب غيتس السابق "الطريق إلى الأمام" الذي نشر في عام 1995 قد احتل صدارة أفضل الكتب مبيعا في قائمة "نيويورك تايمز" لسبعة أسابيع. وقد قام غيتس بالتبرع بعائد كتابيه الاثنين لمنظمات غير ربحية تعمل على تشجيع استخدام التقنية في التعليم وتطوير المهارات .

 

تزوج بيل جيتس من مليندا فرنسيو دالاس في 1/1/1994 وانجبا ثلاثة أطفال جينيفر كاثرين جايتس (1996)، روري جون جايتس (1999) وفويب أيدل جايتس (2002).

ويمتلك جيتس احد أغلى البيوت في العالم حيث يشرف البيت على بحيرة واشنطن في العاصمة الأمريكية وفي عام 2002 قيم سعر البيت والأرض 113 مليون دولار ويدفع جيتس ضريبة سنوية للبيت والارض مليون دولار. وبين مقتنيات جيتس مجموعة من الكتابات الخاصة بليوناردو ديفنشي اشتراها جيتس بقيمة 30.8 مليون دولار في مزاد عام 1994.

بيل غيتس: "هل عالم الاثرياء واع كيف يعيش 4 أو 6 مليادرات من البشر؟ ان كان واعيا، فعلى الاغنياء التدخل وتقديم المساعدة لهم" وقد ترجم بيل غيتس قوله عام 1994 عندما أسس جيتس"مؤسسة بيل ومليندا الخيرية" وقدمت المؤسسة المساعدات للأقليات في العالم وشعوب العالم الثالث في مكافحة الأمراض مثل الايدز.

في عام 2000 منحت المؤسسة جامعة كامبردج مبلغ 210 مليون دولار لمنحة جيتس السنوية للطلاب، وأنفقت المؤسسة ما يزيد عن 7 بليون دولار أي 7000 مليون دولار في مساعدات أخرى.

وحسب تقرير نشرته مجلة فوربز عام 2005 صرف جيتس أكثر من 28.4 بليون دولار على المشاريع والمؤسسات الخيرية، ليكون بذلك قد انفق ثلث الثروة على الأعمال الخيرية.

مع هذا لم يصرف جيتس مبالغا على مظهره ورفاهيته ماعدا منزله الفخم بالمقارنه مع صديقه جيتس بول الين الذي انفق الملايين على شراء أندية رياضية وطائرات وبيوت متعددة.

 

بتصرف عن موقعي الرياض وويكبيديا