حرق المصحف: من المستفيد
من أخطر ردود الأفعال على كارثة تفجيرات 11 سبتمبر، هو ظهور تطرف مسيحي في الغرب، سواءً في أوربا، أو أمريكا، مثل نشر الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة إلى مشاعر المسلمين، أو ما يعانيه المسلمون في المجتمعات الغربية على أيدي المنظمات الفاشية، وما يتعرض له أي شخص من ذوي الملامح الشرقية من مضايقات وإهانات في المطارات والطائرات، حيث تحوم حولهم الشكوك. وكذلك توسع شعبية الأحزاب السياسية العنصرية في أوربا، والمعادية للمسلمين المقيمين في الغرب. وأخطر ظاهرة برزت في أمريكا في الآونة الأخيرة هو قرار المبشر المسيحي في كنيسة فلوريدا، بحرق القرآن وعلى رؤوس الأشهاد بحلول الذكرى التاسعة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر.
في الحقيقة إن هذا القرار هو عمل صبياني وعدواني متطرف، إن دل على شيء فإنما يدل على غباء وتطرف أعمى من قبل هذا القس ومن يقف وراءه، فهو يسيء لمشاعر مليار ونصف المليار من المسلمين في العالم، وهو دعوة لتصعيد صراع دموي بين أتباع أكبر ديانتين، الإسلام والمسيحية، يذهب ضحيتها الأبرياء. ولا شك أن أكثر من يستفيد من هذه الجريمة هو منظمة "القاعدة" وأئمة المساجد الوهابية التي ستستغل هذه المناسبات لصب الزيت على نار الفتنة المشتعلة أصلاً، وإقناع المزيد من الشباب المسلمين المتعصبين للانضمام إلى منظمات الإرهاب.
ولولا تراجع القس عن قراره لكان لهذه الجريمة رد فعل مشابه لما حصل بعد نشر الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة قبل سنوات، حيث كان أكثر المتضررين منها هم المسيحيون المقيمون في البلدان ذات الأغلبية المسلمة، والمسلمون المقيمون في البلدان ذات الأغلبية المسيحية. فهؤلاء هم عبارة رهائن لدى العناصر المتطرفة يتم الانتقام منهم في هذه المناسبات.
عبد الخالق الحسين