عشاق الله

كيف أصوم

 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ، ورُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَر}. فهذه حالة الصائمين بلا صيام والقائمين بلا قيام، وما ذلك إلا لأنهم أدَّوِا الأعمال وضيعوا  مقاصدها وثمارها.

 

فتحقيق التقوى من خلال  الصيام، لا تتم فقط من خلال كبح شهوات البطن والفرج، وإنما تتم أيضا من خلال كبح الشهوات والنزعات النفسية. وهو ما نبه عليه ووجه إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (وإذا كان يومُ صوم أحدكم، فلا يرفُث ولا يصخَب، وإن سابـه أحد أو قاتله، فليقل إني امرؤ صائم)

 

ويقول السيد المسيح:" عندما تصومون لا تكونوا عابسين الوجوه كما يفعل المراءون الذين يقطبون وجوههم لكي يظهروا للناس صائمين الحق أقول لكم أنهم قد نالوا مكافآتهم أما أنت فعندما تصوم فاغسل وجهك,وعطر رأسك,لكي لا تظهر صائماً للناس,بل لأبيك الذي يرى في الخفاء,وأبوك الذي يرى في الخفاء هو يكافئك"(متى 6 :16 -18 ) 

فيعلمنا السيد المسيح أن لا نصوم على طريقة الفريسيين المرائين لأجل نيل المديح من الناس,بل نصوم في الخفاء لوجه الله فنرى أننا لسنا ملزمين بالصيام بل مخيرين ولكنه يكون مناسباً في أوقات الشدة و الحزن وعلى الخصوص في أوقات الحزن على خطايانا أو على فتورنا في الإيمان ونعلم أن الصيام يقهر الجسد ويبين أفضلية الروح عليه ومن مزاياه أيضا أنه يجعل الإنسان متواضعاً ويستميله إلى الصلاة والرياضة الروحية. 

ونرى في العهد الجديد أن المسيحيين صاموا وصام بولس الرسول نفسه(أعمال الرسل 13:2-3)و(2كورنثوس 11:27 ) وبعد عهد الرسل لم ينقطع الصيام من بين المسيحيين الأتقياء ولكنهم كانوا يصومون في أحوال خصوصيه لأجل تقوية الخدمة المسيحية,ويقرنون صيامهم بالصلوات الحارة.
فالصيام الذي يكون خالصاً لوجه الله لا لمديح الناس ولا لطلب الثواب,يكون مثل هذا الصيام مقبولاً عند الله ولا يخلو من عظيم الفائدة.

ويقول النبي أشعيا في الفصل 58 من كتابه:

"نَادِ بِأَعْلَى صَوْتِكَ، لاَ تَصْمُتْ. اهْتُفْ بِصَوْتِكَ كَنَفِيرِ بُوقٍ، وَأَخْبِرْ شَعْبِي بِإِثْمِهِمْ، وَذُرِّيَّةَ يَعْقُوبَ بِخَطَايَاهُمْ. 2وَمَعَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُمْ يَلْتَمِسُونَنِي يَوْمِيّاً، وَيُسَرُّونَ بِمَعْرِفَةِ طُرُقِي وَكَأَنَّهُمْ أُمَّةٌ تَصْنَعُ بِرّاً، وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يُهْمِلُوا أَحْكَامَ إِلَهِهِمْ، يَطْلُبُونَ مِنِّي أَحْكَامَ بِرٍّ، وَيَغْتَبِطُونَ بِالتَّقَرُّبِ مِنَ اللهِ. 3وَيَسْأَلُونَ: مَا بَالُنَا صُمْنَا وَأَنْتَ لَمْ تُلاَحِظْ، وَتَذَلَّلْنَا وَلَمْ تَحْفِلْ بِذَلِكَ؟. إِنَّكُمْ فِي يَوْمِ صَوْمِكُمْ تَلْتَمِسُونَ مَسَرَّةَ أَنْفُسِكُمْ وَتُسَخِّرُونَ جَمِيعَ عُمَّالِكُمْ. 4وَهَا أَنْتُمْ تَصُومُونَ لِكَيْ تَتَخَاصَمُوا وَتَتَشَاجَرُوا فَقَطْ، وَتَتَضَارَبُوا بِكَلِمَاتٍ أَثِيمَةٍ. إِنَّ مِثْلَ صَوْمِكُمُ الْيَوْمَ لاَ يَجْعَلُ أَصْوَاتَكُمْ مَسْمُوعَةً فِي الْعَلاَءِ. 5أَيَكُونُ الصَّوْمُ الَّذِي أَخْتَارُهُ فِي إِذْلاَلِ الْمَرْءِ نَفْسَهُ يَوْماً، أَوْ فِي إِحْنَاءِ رَأْسِهِ كَالْقَصَبَةِ، أَوِ افْتِرَاشِ الْمِسْحِ وَالرَّمَادِ؟ أَتَدْعُو هَذَا صَوْماً مَقْبُولاً لَدَى الرَّبِّ؟ 6أَلَيْسَ الصَّوْمُ الَّذِي أَخْتَارُهُ يَكُونُ فِي فَكِّ قُيُودِ الشَّرِّ، وَحَلِّ عُقَدِ النِّيرِ، وَإِطْلاَقِ سَرَاحِ الْمُتَضَايِقِينَ، وَتَحْطِيمِ كُلِّ نِيرٍ؟ 7أَلاَ يَكُونُ فِي مُشَاطَرَةِ خُبْزِكَ مَعَ الْجَائِعِ، وَإِيْوَاءِ الْفَقِيرِ الْمُتَشَرِّدِ فِي بَيْتِكَ. وَكُسْوَةِ الْعُرْيَانِ الَّذِي تَلْتَقِيهِ، وَعَدَمِ التَّغَاضِي عَنْ قَرِيبِكَ الْبَائِسِ؟ عِنْدَئِذٍ يَشِعُّ نُورُكَ كَالصَّبَاحِ، وَتُزْهِرُ عَافِيَتُكَ سَرِيعاً، وَيَتَقَدَّمُكَ بِرُّكَ، وَيَحْرُسُ مَجْدُ الرَّبِّ مُؤَخَّرَةَ سَاقَتِكَ. 9عِنْدَئِذٍ تَدْعُو فَيَسْتَجِيبُ الرَّبُّ. تَسْتَغِيثُ فَيَقُولُ هَا أَنَا."