أبو بكر الرازي
أبو بكر الرازي
أبـو بكر محمد بن زكريا الرازي (251-313هـ / 865-926م) طبيب وكيميائي وصيدلاني وفيلسوف مسلم،اشتهر في القرن الثالث والرابع الهجريين / التاسـع المـيلادي، وقـد بلغ مرتبة رفيعة في الطب حتى لقب بـ "جالينوس العرب". ولد في مدينة الري في خراسان شرقي مدينة طهران حاليا.
عـاش الـرازي طفولـة عادية فلم يختلف في صغره عن رفقائه في شيء ثم اهتم كغيره ممن عاشوا في ذلك الوقت بالدراسات الفلسـفية واللغويـة والرياضيـة، ثـم تعلم الموسيقى فبرع فيها، وحقق فيه شهرة محلية في بلده كمغن وعازف، وظل على هذه الحالة حتى الثلاثين من عمره، حين عزم على تغيير حياته تغييرا جذريا.
ومـن أجـل تحـقيق هـذا التغيـير رحـل الـرازي إلـى مدينة بغداد حيث بدأ في دراسة الطب بكل عزم وإصرار، فتعلم فن العلاج الإغـريقي والفارسـي والهندي والعربي حتى برع فيه. وبدأ العمل في المستشفى المقتدري، في بغداد، ثم عاد راجعا إلى بلده، حيث شـغل منصـب رئـيس الأطباء في البيمارستان الملكي في الري. وكان لذلك يتنقل كثيرا بين بغداد والري، مما أتاح له خبرة عملية كبيرة.
وفـي فترة زمنية قصيرة ذاعت شهرة الرازي في طول البلاد وعرضها
حيث
أصبح أشهر من عرف بممارسة الطب السريري فـي وقتـه. فرحـل إليه طلاب العلم من كل أقطار الدولة الإسلامية
فازدحمت قاعات التدريس بالأطباء وتلاميذهم الذين تناقلوا مأثوراته في الطب وقصصه في العلاج بعد وفاته بـ 200 سنة.
ولقـد تمثـل إسـهام الـرازي العلمـي فـي عـدد كبـير الابتكـارات والاختراعات التي سجلت باسمه في مجال الطب والصيدلة والكيميـاء بمـا يـدل على نبوغه وتفوقه في تلك العلوم.
ففي مجال الطب
قام الرازي بتجربة الأدوية الجديدة على الحيوانات قبل وضعها للتداول الطبي لمعرفة فعاليتها وآثارها الجانبية.
وفـي مجـال الجراحـة
اسـتخدم مـادة الأفيون كمخدر في العمليات الجراحية وأمراض الجهاز التنفسي.
ومن ابتكاراته أيضا
صناعـة خـيوط الجراحـة مـن أمعـاء القطـط، واستعمال فتيلة الجرح
وتركيب مراهم الزئبق
ومعالجة السل بالتغذية بالحليب المحـلى بالسـكر .
اهتـم أيضـا اهتماما كبيرا باختبار مواقع بناء المستشفيات،وضرورة توفر الشروط الصحية والطبيعية في تلك المواقع
وكان منهجه في علاج مرضاه يعتمد على الملاحظات السريرية وربطها بالسن والوضع الاجتماعي والنفسي للمريض.
كما كـان يتعـرف عـلى طبيعـة الألـم
بقيـاس النبض
وسرعة التنفس
وأحوال البول والبراز.
وإلى جانب نبوغه في الطب فقد كان أيضا طبيبا متميزا في العلاج النفسي فكان يعالج مرضاه بالموسيقى، كما عني عناية فائقة بالمجانين. وقد وضع الإرشادات والنصائح الطبية للأطباء ولعامة الناس ، وله العديد من الأقوال المأثورة في ذلك. ؟
وفـي مجـالي الصيدلـة والكيميـاء
كان الرازي أول من نادى بفصل الصيدلية عن الطب
وكذلك أول من جعل الكيمياء في خدمـة الطـب بعيـدا عـن الشـعوذة التـي صاحبتهـا فـي ذلـك الـوقت
كمـا تـوصل إلـى تحضير عدد غير مسبوق من المواد الكيميائية، وأدخل العديد منها في المعالجة الدوائية ففتح بذلك باب الصيدلة الكيميائية.
فهو مثلا
أول من حضر مادة الكحول بعـد تخمير بعض المحاليل السكرية
كما حضر زيت الزاج بتقطير الزاج الأخضر .
وعلى الرغم من ابتكاراته الكيميائية الدوائية إلا أنه كان يفضل العلاج بالأعشاب.
كما نسب إليه ابتكار قرابة عشرين أداة استخدمها في الكيمياء.
كـان الـرازي محبا للفقراء يعطيهم العلاج مجانا ،ويعطيهم أيضا مالا بينما كان هو يعيش في بساطة وتواضع فأحبه العامة ،كمـا أن نبوغـه وتفوقـه العلمـي قربـه مـن الملوك والأمراء.
كان كل ذلك سببا في حقد زملائه عليه وضيقهم به وبشهرته وبكرمـه، فـزوَّروا التهـم ضـده حـتى أبعـده الخليفـة مـن بغداد إلى مدينته الري وحرمه من كل المناصب التي كان يشغلها بكفاءة واقتدار.
وأقـام الـرازي فـي فـترة العزلـة في منزل شقيقته خديجة بعد أن فقد بصره، وذلك بسبب ما عرف عنه من أنه كان من العلماء الـذين يكـثرون القراءة ليلا، وخاصة عند النوم.
فكان ينام على ظهره حتى إذا أخذته سنة من النوم وهو يقرأ، سقط الكتاب عـلى وجهـه، واسـتيقظ ليـواصل القراءة.
فكان ذلك سببا في ضعف بصره، بالإضافة إلى أعماله وتجاربه الكيميائية.
ولكم كـان يومـا حزينـا فـي حيـاة الـرازي، عندما جاءه طبيب يجري له عملية في عينيه لإنقاذ بصره. وقبل أن يشرع الطبيب في عمليتـه سأله الرازي
"عن عدد طبقات أنسجة العين"
فاضطرب الطبيب وصمت. عندئذ قال الرازي:
"إن من يجهل جواب هذا السؤال عليه أن لا يمسك بأية آلة يعبث بها في عيني".
تـوفي الـرازي عام 311هـ / 923م، مخلفا وراءه كتبا عديدة
وصلت وفق بعض الروايات إلى(230) عملا بين مؤلفات كتبها بيـده أو ترجمـات قـام بهـا مـن لغات أخرى تبحث في الفلسفة والعلوم الدينية والفلك والفيزياء والرياضيات، فضلا عن كتب أخـرى تبحـث فـي فـن الطبـخ والشـعر الغنائي.
ومن أشهر الكتب التي تركها الرازي وتعتبر علامات بارزة في تاريخ العلوم
***
كتاب الحاوي في التداوي وهو أشمل ما ألف في العلوم الطبية
*** كتاب المنصوري في الطب وهو مختصر للحاوي
*** كتاب الجـدري والحصبـة وبيـن فيه لأول مرة الفرق بين أعراضهما
*** كتاب برء الساعة وتناول فيه الأمراض التي تشفى في ساعة لبيان احتيال الأطباء في إطالة فترة العلاج
*** كتاب من لا يحضره طبيب وهو مرشد للمسافر أو من لم يجد طبيبا في محيطه.
أمـا أشـهر مؤلفاتـه فـي الكيمياء فتشمل كتاب
*** سر الأسرار ويشرح فيه كيفية تحويل المواد الرخيصة إلى ذهب
*** كتاب التدبير ويشرح فيه تحضير المواد الكيمياوية وأهم الأدوات المستخدمة في ذلك.