الذين اجتازوا الامتحان
إن الأحداث الجارية حالياً، والتي ستجري في عالم اليوم، لهي امتحان للناس ومناسبة لكي يظهر كل منهم بجوهر عمله فيما آمن به واعتقده. فمن هم الذين تمكنوا من اجتياز الامتحان؟ إنهم المسيحيون الصادقون، والمسلمون الصادقون، والتوراتيون الصادقون، والبوذيون الصادقون، والهندوسيون الصادقون والبهائيون الصادقون والصابئة الصادقون والحنفيون الصادقون ، إنهم باختصار أحباب الله الحقيقيون، إنهم المؤمنون الموحدون الذين حملوا شعلة الحقيقة في أنفسهم، وفي صدورهم، وحافظوا عليها وراعوها في أفكارهم وكلامهم وأفعالهم.
والعاقل من تنبه وتيقظ ونظر بعين عقله، وصفاء فكره لما أعطاه الله من أسرار كنوز جواهر الآيات، في نعمة الإيمان والأديان المتعددة التي تجمع الخلق على مائدة معرفة الحقيقة الواحدة، حقيقة الكلمة السواء المليئة بالمحبة والصفاء والنقاء. إنها الكلمة التي كانت منذ البدء وستعود بإرادة العزة الإلهية، وتضع حداً فاصلاً وتحدث فرقاً حاسماً، وتملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد امتلائها جوراً وظلما.
وهذه حقيقة أنوار تلك الكلمة التوحيدية الأزلية بذرة الحقيقة وخميرة الحق في لا نفرق بين أحد من)وحدة العائلة الآدمية الإنسانية، ووحدة منطق الآيات النورانية . فلا بد من يقظة العقول ومعرفة الحق والحقيقة الواحدة الموحدة في جوهر منطق(رسله كل الكتب السماوية، والديانات الناطقة بالألسن العبرانية والسريانية والعربية، وغيرها من الديانات القديمة والحديثة عبر العصور والدهور، ليست في جوهرها سوى مظاهر لمطالع الشموس الأحدية للعزة الكونية في الهياكل القدسية، تعددت مظاهرها وتوحد جوهرها في مرايا القلوب النقية، والنفوس الزكية، والعقول النورانية. وهذا ما يجعل عائلة أهل الإيمان، المتجذرين في كل الأمم والشعوب والأديان، مترفعين عن التعصب والانغلاق الديني، وعن الغرق في مستنقعات الجدل والجدال و الجهل لحقائق نعمة الإيمان التي تجمع العائلة الإنسانية كما يريدها خالقها.
إذا لم تستيقظ جميع فئات البشر من مرقدها الذي أرقدتها فيه شياطين العقائد والمذاهب والأديان ، وما لم تكسر قيدها، وما لم تبصر حقيقة وجودها ومنتهاها، وما لم تعد إلى ظلال الله مادة يدها إليه مرة أخرى، صالحة مصلحة آخذة بيد الناس إلى حيث يجب أن يكون الإنسان، فلا أمل حينئذ في العثور على الإنسانية ولا أمل حينئذ في الرقي إلى سمو الآدمية، وهنيئا للبشرية بحياة الغابة، وعبثا يفعل من يبحث عن حل في غير الإنسان.
تحياتي للجميعفرج المطري