دعوة إلى احترام حرية الاعتقاد
الشاب مصطفى فتحي هو صحفي مصري من خيرة شباب مصر والوطن العربي. ولد مسكون بسؤال الحرية والحقيقة، مفعم بمحبة الناس والحياة، شاعر، وناشط اجتماعي، ومفكر شاب، وعضو فاعل في موقع عشاق الله. أطلق هذه الأيام حملة تحسيسية إلكترونية يدعو من خلالها إلى احترام حرية الاعتقاد. نتركه اليوم يتحدث بنفسه عن هذه الحملة، على أن نطلقها قريبا كاملة على موقع عشاق الله.
كتب مصطفى فتحي:ومن بدل دينه فاحترموه .. الحملة وما خلفها!
الفكرة باختصار هي انني قررت القيام بحملة إنترنتية أنادي من خلالها بحرية الاعتقاد ..الحملة تهدف إلى عدم نبذ من يغير دينه..الحمله تهدف إلى عدم قتل من يغير دينه..الحملة تهدف إلى بقاء من يغير دينه بيننا وليس الهروب إلى بلاد أخرى تحترم حريته..الحملة تهدف إلى أن يعيش من يغير دينه بيننا بسلام وليس بخوف من عنف او قتل..
ولكن السؤال الآن هل الحملة تتعارض والاسلام؟
عندما فكرت في هذه الحملة كان أكثر ما أفكر فيه هو الا اقوم بحملة ضد الاسلام، ربما تكون الحملة ضد الأفكار المتعفنة في عقول المسلمين لكنها بالتأكيد ليست ضد الإسلام .. وسنتحدث في هذا الموضوع بالتفصيل..
اختلافهم رحمة!
بالنسبة لفكرة الحملة فهناك فريق فريق من علماء الأزهر يؤيدها مؤكدين أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن طبق حد الردة على الذين تحولوا عن الإسلام واعتنقوا دينا آخر، مؤكدين أن موضوع الردة أمر تجاوزته المتغيرات وأنه يجب التركيز الآن على صورة الإسلام السمحة التي تعلي من شأن حرية الفكر والاختيار.
بينما رفضها فريق آخر مؤكدا أن الإسلام أعطى حرية العقيدة والاختيار بين الإيمان والكفر، ولكنه يرفض أن يعتنق أحد الإسلام ويرضى به دينا ثم يرتد عنه ويعتنق عقيدة أخرى لأن الدين ـ على حد قولهم ـ ليس ألعوبة وبالتالي وجب تطبيق "حد الردة" على من يفعل هذا في الشريعة الإسلامية، مؤكدين أن النبي صلى الله عليه وسلم طبق "حد الردة" على بعض المرتدين في حياته.
هيا نقتل المرتد !
منذ فترة قامت جريدة "الشرق الأوسط" باستطلاع آراء عدد من العلماء الذين هم "مع" أو"ضد" حكم المرتد في الشريعة الإسلامية وحرية الاعتقاد التي كفلها الإسلام. يقول الدكتور محمد عبد المنعم البري أستاذ التفسير والحديث بجامعة الأزهر بالقاهرة، رئيس جبهة علماء الأزهر السابق: "إن الإسلام أباح حرية الاعتقاد ولكن الذي يختار الإسلام دينا بمحض إرادته لا يجوز له أن يرتد عنه، وأن حكم الإسلام في الردة واضح لا يحتاج إلى تعقيب أو تشكيك، والثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد طبقه في حياته على شخص يدعى عبد الله بن الأخطل وكان قد تعلق بأستار الكعبة حماية لنفسه من عقوبة الردة، فأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بقتله فقتلوه، وقال لهم صلى الله عليه وسلم:"حتى لو تعلق بأستار الكعبة"، فضلا عن تطبيق حد الردة على آخرين حدث أن ارتدوا عن الإسلام، مشيرا إلى أن الذين يتعللون بأن حد الردة لم يأت به نص قرآني بل جاء في السنة فقط هذا لأن السنة شارحة وموضحة للأحكام التي جاءت في القرآن".وأضاف البري: «إن حد الردة في الإسلام ثابت بنص صريح صحيح لقول النبي صلى الله عليه وسلم «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة (يعنى المرتد)».
أما الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر السابق عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر فيقول: «يمتاز الإسلام بأنه دين كفل حرية الاعتقاد وجعل الإنسان مختارا بين الكفر والإيمان لقول الله تعالى: «لا إكراه في الدين» وقوله سبحانه «من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» وهذه الآيات نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في بداية الدعوة الإسلامية. وهذه النصوص القرآنية موجهة إلى من هو ليس بمؤمن، فالإنسان غير المؤمن قبل إيمانه له حرية الإيمان من عدمه، وأنه طالما كان لهذا الإنسان حرية الاختيار بين الإيمان والكفر فسيكون محاسبا على اختياره، فمن كان مؤمنا فانه اختار الإيمان بحريته، وبالتالي فان خرج من الإيمان أو الإسلام فسيعاقب بحد الردة وهو معروف في الإسلام لان الدين ليس ألعوبة». وأضاف الشيخ عاشور: «إن حد الردة ثابت بالقرآن والسنة وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد طبقه، لكنه قبل تطبيق الحد على المسلم الذي يرتد يجب أن يستتاب لمدة ثلاثة أيام فإن تاب فلا يطبق عليه الحد».
ولكن الإسلام مع الحرية!
وعلى العكس من الآراء السابقة يؤكد الدكتور عبد الحي عزب، أستاذ الفقه المقارن عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقم حد الردة على أحد لأنه لم يثبت أن أحدا من الناس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم قد بدل دينه، مشيرا إلى اتفاق بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين كفار مكة وبما له من شروط مجحفة، كان من ضمنها مثلا شرط أساسي بأن من يأتي من الكفار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيرده إليهم ولا يدخله في الإسلام، أما من يرتد من المسلمين إلى الكفر فيقبله الكفار ولا يردونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وبرغم هذا لم يرتد أحد عن الإسلام، كما أن هذه الاتفاقية لم تدم طويلا لأنه بعد فترة قصيرة تم فتح مكة. ويوضح الدكتور عزب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد رضي بهذه الشروط المجحفة في تلك الفترة وهي فترة تأسيس الدولة من منطلق القرار السياسي الحكيم الذي يستلزمه بناء الدولة في مهدها، فالله عز وجل كان قد بشر رسوله صلى الله عليه وسلم بأن مكة ستفتح له، ولهذا فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم بأن قرار قبوله بالشروط المجحفة لا يعود بالسلب على المسلمين ومن ثم رضي به صلى الله عليه وسلم.
ويرى الدكتور عزب انه يجب التفريق بين الردة الفردية والردة الجماعية، وان لا صحة لما يتردد بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد طبق حد الردة لأن حد الردة مبني على اجتهاد من الحاكم فإذا رأت الدولة تطبيقه على واقعة اتهم فيها إنسان بالخيانة والإضرار بأمن الوطن، لأنه قام بأعمال من شأنها الإضرار بأمن المجتمع بسسب ردته، فيتم تطبيق الحد عليه، مؤكدا أن الذين يطالبون بتطبيق حد الردة وقتل من يرتد عن الإسلام يعطون الفرصة للمتربصين بالإسلام لاتهامه بأنه دين قتل وعنف وليس فيه حرية بالرغم من انه لم يوجد مسلم يؤمن إيمانا صحيحا وولد في بيت مسلم ثبت انه ارتد عن الإسلام ورضي عنه بديلا وتحول عن فطرته لان الإسلام دين الفطرة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه». ويضيف الدكتور عزب قائلا: «إن الدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطبق حد الردة في حياته أنه وجد في زمنه جماعة من المنافقين فلم يقم عليهم الحد أو يحاربهم ولكن قاطعهم، ومعروف أن الردة هي أخطر من الكفر».
ويخلص الدكتور عزب الى أن حكم الإسلام في إنسان غير مسلم أعلن إسلامه ثم ارتد عن الإسلام فلا يعاقب، فالإسلام ليس بحاجة لإنسان أتى من الكفر ودخل في الإسلام ثم عاد للكفر مرة أخرى لان مثل هذا الإنسان المتخبط في قراراته العقائدية من الواضح انه اعتنق الإسلام دون اقتناع ودراسة ومعرفة كافية، فلما ارتد عنه لعدم وعيه وإدراكه الصحيح بالإسلام فلا يعاقب، فضلا عن أن هناك من يعتنقون الإسلام لكي يتخذون منه وسيلة للاتجار ومطية للكسب المادي، ومثل هذا يكون إيمانه ناقصا، وعموما فان الإسلام كفل حرية العقيدة للجميع. وحول حكم الخليفة أبو بكر الصديق بقتال مانعي الزكاة واعتبارهم مرتدين عن الإسلام يقول الدكتور عزب إن كل الذي ثبت في حرب مانعي الزكاة في عهد أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه أنهم لم يرتدوا عن الإسلام ولكنهم اعتقدوا خطأ أن الزكاة كانت تؤدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وظنوا أنه بموت النبي صلى الله عليه وسلم لن يأخذ أحد الزكاة منهم غير النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر عنه قولته الشهيرة: «والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأقاتلهم عليه» فأراد أبو بكر بهذا أن يبين لهم الإسلام الصحيح، كما أن هذا الركن «الزكاة» يمس المال.
ومن جهته يقول الكاتب الإسلامي جمال البنا: «في هذه المرحلة التي يتعرض فيها الإسلام لهجوم شديد يجب علينا أن نقدم الإسلام الصحيح للعالم، الإسلام السمح الذي يبشر ولا ينفر، فضلا عن أن الاختلاف في العقائد بين البشر مما أراده الله تعالى وما يفصل فيه يوم القيامة وبالتالي فلا يوجد حد دنيوي للردة».
وماذا قال الأزهر؟!
لو تركنا آراء العلماء وانتقلنا لكيان علمي هو "الأزهر الشريف" سنجد أن "الأزهر" على موقعه الرسمي على الإنترنت اتفق على إجابة رائعة لهذا السؤال: هل صحيح أن الإسلام ضد حرية الاعتقاد ؟ وإجابة الأزهر كانت كالتالي: 1 ـ لقد كفل الإسلام للإنسان حرية الاعتقاد. وجاء ذلك فى وضوح تام فى القرآن الكريم: (لا إكراه فى الدين ) (1). فلا يجوز إرغام أحد على ترك دينه واعتناق دين آخر. فحرية الإنسان فى اختيار دينه هى أساس الاعتقاد. ومن هنا كان تأكيد القرآن على ذلك تأكيدًا لا يقبل التأويل فى قوله: (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ).2 ـ وقد أقر النبى صلى الله عليه وسلم الحرية الدينية فى أول دستور للمدينة حينما اعترف لليهود بأنهم يشكلون مع المسلمين أمة واحدة.
خارج النص: يمكنك أن تقرأ أيضاً موضوع عن حقوق الإنسان وحرية الاعتقاد بالضغط هنا