عشاق الله

زيد بن عمرو بن نفيل

  زيد بن عمرو بن نفيل (620م)

هو زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب وأمه جيداء بنت خالد بن جابر بن أبي حبيب بن فهم. وكان زيد بن عمرو أحد من اعتزل عبادة الأوثان وامتنع من أكل ذبائحهم وكان يقول: يا معشر قريش أيرسل الله قطر السماء وينبت بقل الأرض ويخلق السائمة فترعى فيه وتذبحوها لغير الله. والله ما أعلم على ظهر الأرض أحداً على دين إبراهيم غيري.

وحدث محمد بن الضحاك عن أبيه قالا كان الخطاب بن نفيل قد أخرج زيد بن عمرو من مكة وجماعة من قريش ومنعوه أن يدخلها حين فارق أهل الأوثان وكان أشدهم عليه الخطاب بن نفيل وكان زيد بن عمرو إذا خلص إلى البيت استقبله ثم قال: يا مولاي لبيك حقاً حقاً تعبداً ورقاً البر أرجو لا الخال. وهل مهجن كمن قال (من الرجز):

عذت بمن عاذ به إبراهـم

مستقبل الكعبة وهو قائم

يقول ابقى لك عان راغـم

مهما تجشمني فإني جاشم

ثم يسجد. قال محمد بن الضحاك عن أبيه هو الذي يقول (من الرجز):

لا هم إني حـرم لا حـلـه

وإن داري أوسط المحلـه

عند الصفا ليست بها مضله

قال ابن اسحاق: واجتمعت قريش يوماً في عيد لهم عند صنم من أصنامهم كانوا يعظمونه وينحرون له ويعتكفون عنده ويدورون به. وكان ذلك عيداً لهم كل سنة يوماً فخلص منهم أربعة نجياً. ثم قال بعضهم لبعض: تصادقوا وليكتم بعضكم على بعض. قالوا: أجل وهم ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى، وعبيد الله بن جحش، وعثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزى، وزيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى. فقال بعضهم لبعض: اعلموا والله ما قومكم على شيء لقد أخطأوا دين أبيهم إبراهيم ما حجر نطيف به لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع يا قوم التمسوا لأنفسكم ديناً فإنكم والله ما أنتم على شيء. فتفرقوا في البلدان يلتمسون الحنيفية دين إبراهيم. فأما ورقة بن نوفل فاستحكم في النصرانية واتبع الكتب من أهلها حتى علم علماً من أهل الكتاب. وأما عبيد الله بن جحش فأقام على ما هو عليه من الالتباس حتى أسلم ثم هاجر مع المسلمين إلى الحبشة ومعه امرأته أمحبيبة ابنة أبي سفيان مسلمة. فلما قدماها تنصر وفارق الإسلام حتى هلك هنالك نصرانياً.
قال ابن إسحاق: وكان زيد بن عمرو قد أجمع الخروج من مكة ليضرب في الأرض يطلب الحنيفية دين إبراهيم فكانت صفية بنت الحضرمي كلما رأته تهيأ للخروج وأراده آذنت به الخطاب بن نفيل. وكان الخطاب بن نفيل عمه وأخاه لأمه وكان يعاتبه على فراق دين قومه وكان الخطاب قد وكل صفية به. وقال: إذا رأيته قد هم بأمر فآذنيني به. فقال عند ذلك زيد بن عمرو (من مجزوء الكامل):

 

لا تحبسيني في الـهـوا

 

ن صفي ما دأبي ودأبه

إني إذا خفـت الـهـو

 

ن مشيع ذلل ركـابـه

دعموص أبواب الملـو

 

ك وجائب للخرق نابه

قطـاع أسـبـاب تــذ

 

ل بغير أقران صعابه

وإنـمـا أخـذ الـهـوا

 

ن العير إذ يوهى إهابه

ويقـول إنـــي لا أذل

 

بصك جنبيه صـلابـه

وأخـي ابـن أمـي ثـم

 

عمي لا يواتيني خطابه

وإذا يعاتبـنـي بـسـوء

 

قلت أعيانـي جـوابـه

ولو أشاء لـقـلـت مـا

 

عندي مفاتحه وبـابـه

 

ثم خرج زيد سائحاً وقيل أنه قتل بالشام قتله أهل منيقعة. وزعم ابن هشام: أنه قتل في بلاد لخم. وقالوا غير ذلك ومن شعره قوله روته له أسماء بنت أبي بكر (من الوافر):

عزلت الجن والجنان عيني

 

كذلك يفعل الجلد الصبور

فلا العزى أدين ولا أبنتيهـا

 

ولا صنمي بني طسم أدير

ولا عتـمـاً أدين وكـان ربـاً

 

لنا في الدهر إذ حلمي صغير

 

أربـاً واحـداً أم ألــف رب

 

أدين إذا تقسـمـت الأمـور

 

ألم تعلم بـأن الـلـه أفـنـى

 

رجالاً كان شأنهم الفـجـور

 

وأبقـى آخـرين بـبـر قـوم

 

فيربو منهم الطفل الصغـير

 

رأينا المـرء يعـثـر ذات يوم

 

كما يتروح الغصن النضـير

 

ولكن اعبد الرحـمـن ربـي

 

ليغفر ذنبي الرب الغـفـور

 

فتقوى الله ربكم احفـظـوهـا

 

متى ما تحفظوها لا تبـوروا

 

ترى الأبرار دارهـم جـنـان

 

وللكفار حـامـية سـعـير

 

وخزي في الحياة وإن يموتـوا

 

يلاقوا ما تضيق به الصدور

 

 

 

وقال زيد بن عمرو (من المتقارب):

 

أسلمت وجهي لمن أسلـمـت

 

له الأرض تحمل صخراً ثقالا

دحاها فلمـا رآهـا اسـتـوت

 

على الماء أرسى عليها الجبالا

وأسلمت وجهي لمن أسلـمـت

 

له المزن تحمل عذبـاً زلالا

إذا هي سيقـت إلـى بـلـدة

 

أطاعت فصبت عليها سجـالا

 

وكان موت زيد بن عمرو قبل ظهور الإسلام بقليل قال ابن دريد: ومن رجال عدي بن كعب زيد بن عمرو بن نفيل وكان قد تأله ورفض الأوثان ولم يأكل من ذبائحهم وفي زيد قال الشاعر:

رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما

 

تجنبت تنوراً من النار حامـيا