إسحاق بن حُنين: الطب، الحكمة، الترجمة
أصله ودينه
هو أبو يعقوب اسحق بن أبي زيد حنين بن اسحق العبادي(215-298 هـ/830-910 م). كان أبوه حنين من أشهر أطباء عصره وأجلهم خدم هارون الرشيد والخلفاء بعده. ونقل إلى العربية كتباً عديدة من تآليف اليونان. وكان عبادياً والعباد قبائل شتى من بطون العرب اجتمعوا على النصرانية بالحيرة كما ورد في المعاجم العربية وغيرها. والنسبة إليهم عبادي قال الشاعر يصف عبادياً ساقي الخمرة:
يسقيكها من بني العباد رشاً
منتسب عيده إلى الأحـد
أخباره
قال ابن العبري في تاريخ الدول (ص 352): (وكان لحنين ولدان داؤود واسحق فأما اسحق فخدم على الترجمة وتولاها وأتقنها وأحسن فيها وكانت نفسه أميل إلى الفلسفة وأما داوود فكان طبيباً للعامة. وقال ابن أبي أصيبعة في طبقات الأطباء (188:1): ( كان لحنين ولدان داود واسحق وصنف لهما كتباً طبية في المبادئ والتعليم ونقل لهما كتباً كثيرة من كتب جالينيوس. فأما داؤود فاني لم أجد له شهرةً بنفسه بين الأطباء ولا يوجد له من الكتب ما يدل على براعته وعلمه وأن كان الذي يوجد له إنما هو كناش واحد. وأما اسحق فإنه اشتهر وتميز في صناعة الطب وله تصانيف كثيرة ونقل من الكتب اليونانية إلى العربية كتباً كثيرة إلا أن جل عنايته كانت مصروفة إلى نقل كتب الحكمة مثل كتب أرسطوطاليس وغير من الحكماء) وقال جمال الدين القفطي في تاريخ الحكماء (ص 80): (وكان اسحق قد خدم من خدم أبوه من الخلفاء والرؤساء وكان منقطعاً إلى القاسم بن عبيد الله (وزير المعتضد بالله) وخصيصاً به ومتقدماً عنده يفشي إليه أسراره) وقال ابن أبي صيبعة (201:1) ولحق اسحق في آخر عمره الفالج وبه مات وتوفي ببغداد في أيام المقتدر بالله وذلك في شهر ربيع الآخر سنة 298 (910-911 م).
آدابه وشعره
قال ابن النديم في الفهرست (ص 285): (كان إسحاق في نجار أبيه في الفضل وصحة النقل من اللغة اليونانية والسريانية وكان فصحياً بالعربية يزيد على أبيه في ذلك... وله من الكتب سوى ما نقل من الكتب القديمة كتاب الأدوية المفردة على الحروف. كتاب كناش الخف. وكتاب تاريخ الأطباء) وقال ابن أبي أصيبعة (200:1-201) (ولإسحاق حكايات وأشعار مستظرفة ونوادر) ورد هذا في نسخة برلين وذكر من كلامه قوله (قليل الراح صديق الروح وكثيرها عدو الجسم) ثم قال: ومن شعره يذكر كبار الأطباء ويفتخر بالطبابة (من الطويل):
أنا ابن الذين استودع الطب فيهـم
وسمي به طفل وكهـل ويافـع
يبصرني آرستطالـيس بـارعـاً
يقوم مني منـطـق لا يدافـع
وبقراط في تفصيل ما أثبت الألى
لنا الضر والأسقام طب مضارع
وما زال جالينوس يشفي صدورنا
لما اختلفت فيه علينا الطـبـائع
ويحيى بن ماسويه وأهرن قبلـه
لهم كتب للناس فيها مـنـافـع
رأى أنه في الطب نيلت فلم يكن
لنا راحة من حفظها وأصابـع
(قال) ونقلت من خط بن بطلان في رسالته المعروفة بدعوة الأطباء أن القاسم ابن عبيد الله وزير المعتضد بلغه أن أبا يعقوب اسحق قد شرب دواءً مسهلاً فأحب مداعبته وكان صديقاً له فكتب إليه (من الهزج):
أبن لي كيف أمسيت
وكم كان من الحال
وكم سارت بك الناقة
نحو المنزل الخالي
فكتب إليه اسحق بن حنين (الهزج):
بخير كنت مسروراً
رخي الحال والبال
فأما السير والنـاقة
والمرتبع الخالـي
فإجلالك أنسـانـيه
يا غاية آمـالـي
ثم ذكر له تآليف غير السابقة منها كتاب فيه ابتداء صناعة الطب وأسماء جماعة من الحكماء والأطباء. وكتاب الأدوية الموجودة في كل مكان. وكتاب إصلاح الأدوية المسهلة واختصار كتاب إقليدس وكتاب المقولات وكتاب ايساغوجي وهو المدخل إلى صناعة المنطق وإصلاح جوامع الإسكندرانيين وشرح جالينوس لكتاب الفصول لأبقراط ومقالة في الأشياء التي تفيد الصحة والحفظ ويمنع من النسيان ألفها لعبد الله ابن جمعون وكتاب الأدوية المفردة ومختصر كتاب صنعة العلاج بالحديد وكتاب آداب الفلسفة ومقالة في التوحيد.