عشاق الله

زمن الخوف

 

في الوقت الذي يتم فيه الصراع بين رموز العولمة والإرهاب، هناك تيار إنساني صادق يؤمن بالإنسان المنفتح على التنوع الثقافي والفكري والاجتماعي والديني، بروحانية ثابتة متسامحة، ضد الضياع الإنساني وفقدان الهوية، والعنصرية.. متجاوزاً الطقوس والطائفية والمحورية إلى ما بعد مفهوم القبيلة والكنيسة والأمة.

.ليس من السهل اكتشاف جمال التعددية والتنوع في زمن الخوف من الآخر.. الخوف الذي دخل بيوتنا وعلاقاتنا. فالجار الذي بدأ يربّي لحيته منذ أشهر يمكن أن يكون قد انضم إلى جماعة إرهابية قد تفجر بيتي وعملي وأولادي، وكذلك قد يكون ذلك العالمُ المستشرقُ المهتمُّ بدينٍ آخر عميلاً لدول غربية ستحتل بلدي باسم الحرية.

الوضع مخيف لأن الموت قد يأتيك وأنت تسير في أمان الله من قنبلة أو سيارة مفخخة، وقد يأتيك وأنت في ناطحة سحاب أو طائرة، وإذا لم تخرج من بيتك مخافة الموت فقد يأتيك على شكل هدية في علبة البريد. إذن أين الأمان.

إن تحول مفهوم الدين في خدمة الإنسان إلى الإنسان في خدمة الدين قد غيّر القيم الفاضلة للمؤمن. وبسبب التقينات والتحولات التكنولوجية الهائلة، حدثت أزمة هوية.. إذ ليس هناك وقت لمراجعة الذات، وليس هناك حالياً أية أيديولوجية تملأ الفكر الإنساني غير مفهوم الاستهلاك والسوق، والغنى المادي الفارغ من الهدف الأبعد. وفي لحظات الضياع ليس أمام البشر سوى العودة إلى أديان تطلب منهم خدمتها من أجل غايتها الأفقية. وينعدم البعد الإلهي – الإنساني في العلاقة داخل الأديان نتيجة صراعها من أجل السيطرة على أكبر عدد ممكن من البشر وأغنى بقاع الأرض وأقوى أسلحة العالم!!

هنا يبرز دور المسلم الأوروبي والمسيحي الشرقي كحاملي ثقافتين وجسري عبور لحضارتين مختلفتين!!

لكن السؤال هل هناك وجود حقيقي وحضور ثابت لهؤلاء الغرباء في الأمكنة الغريبة!!

كيف يمكن لأوروبا المسيحية أن تقود العالم وهي ذات بعد واحد؟!

وكيف يمكن للعالم الإسلامي أن يؤسس إمبراطورية كونية ويقدم الإسلام كحل إذا كان كله فكرة واحدة وشعباً ذا لون ودين وثقافة واحدة؟!

هناك الأمل البشري مقابل الرجاء الإلهي، وهناك التمنّي المؤدّب أمام السعي الخلاق، وهناك التفكير العميق المتأمل وعلى الطرف الآخر التحقيقُ المؤلمُ المكلف، وهناك المطالبة بالحقوق إزاء طرح الأهداف، وهناك الذات والخروج من الذات إلى الأخر..

هذه هي صراعات الإنسان الحقيقية وكل شيء آخر هو عَرَضي !!   *  *  *

 

 

لطفي حداد