الأب كريستيان فان نسبن: مراحل اكتشاف الإسلام
الأب كريستيان فان نسبن: مراحل اكتشاف الإسلام
مجدي سعيد
الأب كريستيان فان نسبن Christian Van Nispen راهب كاثوليكي يسوعي هولندي، وهو في ذات الوقت أستاذ للفلسفة يعيش في مصر منذ عام 1962، في الجزء الأول من كتابه الذي يحمل اسم: "حكاية خبرة لقاء.. مراحل اكتشاف الإسلام"، يحكي كيف خرج بجسده وعقله من شرنقة الذات؛ حيث إنه "قادم من إقليم كان في ذلك الزمان في مجمله كاثوليكيا"، حيث كانت معرفة الآخر والاحتكاك به تكاد تكون معدومة اللهم إلا من خلال الكتابات، وقد اشتاقت نفسه إلى العمل ألإرسالي، وكان حلمه أن يكون ذلك في إندونيسيا، ومن ثم دخل إلى حياة الرهبانية عام 1955، وعمل في الوقت ذاته على دراسة الفلسفة.
وفي عام 1958 طلب منهم معاونة زملائهم في الشرق الأدنى، ومن ثم فبعد انتهائه من ليسانس الفلسفة عام 1960 توجه إلى لبنان أولا لتعلم اللغة العربية في المركز الرهباني للدراسات العربية، حيث تعلم اللغة العربية على يد الأب أندريه دالفرني.
وفي عام 1962 أرسل إلى مصر للتخصص في الفلسفة العربية والإسلامية بقسم الفلسفة بكلية آداب عين شمس، حيث تعرف على زميله المصري "محمود رجب" الذي استضافته أسرته لديها، وكان أبوه شيخا أزهريا.
وفي عام 1966 رحل إلى فرنسا لدراسة علم اللاهوت في ليون، وهناك عرّفه البروفيسور "روجيه أرنالديز" على تفسير المنار للشيخين محمد عبده، ورشيد رضا، والذي جعله مادة للدراسة في الدكتوراه بداية من عام 1968، والتي تعرضت لانقطاعات كثيرة، وهو ما أجل الحصول عليها إلى عام 1987.
وبداية من عام 1975 شارك في إعادة الروح إلى جماعة الإخاء الديني، والتي تعرف خلالها على عدد من علماء المسلمين، كما شارك في أنشطة اللجنة المصرية للعدالة والسلام منذ عام 1987، وهي لجنة نابعة من الكنيسة الكاثوليكية كانت قد دعت إلى حلقات من الحوار الوطني عام 1994 دعي إليها مشاركون من الطوائف المسيحية المختلفة إضافة إلى إسلاميين ويساريين، وصدرت أعمالها في كتاب "الحوار الوطني".وشارك في إعداد تقرير "الحالة الدينية في مصر" الذي صدر لأول مرة عام 1997، كما شارك منذ عام 1995 في تأسيس "الفريق العربي للحوار الإسلامي المسيحي" وفي اجتماعاته، كما شارك في إعداد الميثاق الإسلامي المسيحي، والذي صدر في ديسمبر 2001 باسم "الحوار والحياة المشتركة"، ومنذ بدايات وجوده في مصر شارك الأب كريستيان في الكتابة حول الفلسفة الإسلامية في مجلة: المعهد الدومينيكاني للدراسات الشرقية، كما شارك في أنشطة الجمعية الفلسفية المصرية.
خلاصات المسيرة
على هامش مسيرة الأب كريستيان استخلص عددا من الدروس التي اتخذ منها دليلا له في تصوراته حول شروط الحوار وأصوله، ومن تلك الدروس:
- مع الزمن أدركت كم يمثل الاتصال الشخصي والصداقة الحقيقية والمخلصة بابا واسعا لاكتشاف دين آخر، وبدون هذا تظل المعرفة النظرية مهما كانت كبيرة تنطوي على خلل، فالدين بالفعل هو واقع يشكله الأشخاص المتدينون قبل أن يكون نظاما دينيا.
- علي النظر وعلي الفهم من أجل محاولة فهم الآخر، وفهمه بالصورة التي أحب أنا نفسي أن ينظر إلي بها من يفهمني.
- وعن خبرة الإخاء الديني يقول: كنا نسعى للتقارب على أساس إيمان كل فرد منا بالله، ليس للتقريب بين الأديان، ولكن للتقارب بيننا أتباع هذه الأديان.- إن المسلمين والمسيحيين في مصر قريبون من بعضهم أحيانا، وبعيدون في آن، فمن جانب هم يعرفون بعضهم جيدا، ويشتركون في نفس الثقافة ونفس الحساسية، ومن جانب آخر يجهلون بعضهم على مستوى أعمق، ويحذر بعضهم بعضا.
- يساعدنا "إخاؤنا الديني" على أن نعيش اختلافنا بطريقة أفضل من خلال الاحترام المتبادل والصداقة ومعاناة ما يفصل بيننا، ومن خلال وفائنا لله الذي نسعى جميعا لخدمته.- كل مساري في العلاقات الإسلامية المسيحية يجعلني أومن أن الله موجود في داخلها، لقد أتيح لنا حقا أن نكون سويا أمام الله، ومن ثم نكون سويا لندافع عن الإنسان.