عشاق الله

الله نور

  أومن إيمانا قاطعا بالتعايش بين الديانات و الطوائف شرط التحلي بالصدق مع الله و الآخر و النفس، و أيضا التحلي بالمحبة، و عشق الوطن. و كل هذه الأمور تؤدي إلى شيء هام جدا هو حسن الجوار و كرم المعاملة بين الناس قاطبة على اختلاف اللون و المعتقد و اللسان. هذه الفكرة ليست شطحة من شطحات القلم أو الفكر، و  لكنها تعبير عن واقع قائم منذ آلاف السنين. فالنصارى و اليهود و المسلمون عاشوا عبر العصور في انسجام  اجتماعي مشهود في العديد من البلدان العربية الإسلامية سواء في مصر أو الشام أو العراق أو المغرب الشقيق الذي طالما قدم في باب التعايش و التسامح الديني دروسا لا تُنسى. و قبل ذلك تألقت الأندلس كفضاء حضاري تساكنت فيه الديانات بشكل غير مسبوق.

فما هو يا ترى مصدر هذا الحقد العقدي و الطائفي الدفين في قلوب البعض و المؤدي إلى كل هذا العنف الديني و الطائفي الذي نشهده يوميا؟. لقد كان مشهد التشفي الطائفي في صدام حسين و حبل المشنقة على عنقه لحظة مركزة تركيزا شديدا عما يمكن أن يصل إليه الحقد الطائفي. إذ لم يكتف بعض أولئك الحاضرين بموته بذلك الشكل الرهيب صبيحة العيد، بل كالوا له الشتائم المغرضة. يا لها من وصمة عار في جبين الإنسان المتبجح بالحضارة و التمدن. أيضا، غريب هذا التعارض الرهيب بين حضور الهاتف النقال المتطور في المشهد كعنوان على قمة الرقي الحضاري التكنولوجي، و هذا التشفي الجدير بأي بدائي يعيش في الأدغال.

كل الأديان تدين مثل ذلك التصرف، و تتنصل من مرتكب مثل تلك الأفعال. لكن علينا أن نفهم أن ذلك الحدث هو أحد وجوهنا البشعة في المرآة. و هو تركيز رمزي لما يحدث أيضا من تنكيل بين الإخوة في العراق، و بين الإنسان و أخيه الإنسان في مختلف بقاع العالم. قلت ما هو مصدر هذا الحقد العقدي و الطائفي؟ كل ما أعرفه أنه آت من خارج نطاق الدين السمح، و لو ألبسوه عنوة لبوس الدين، لأن القلب الذي يشرق فيه نور الله لا يعرف ظلمة الحقد و الضغينة و الغضب. كما أن النور الذي يهب الحياة لا يمكن أن يزرع الموت. لذلك أخاطب دائما نفسي قائلا لها: كلما شاهدت يا نفسي القتل و التنكيل، ثقي أن ذلك ليس من الله في شيء بل من الشرير.

ألسنا نقرا في الإنجيل الشريف:

"هذه هي الدينونة أن النور قد جاء إلى العالم و أحب الناس الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم كانت شريرة، لأن كل من يعمل السيئات يبغض النور و لا ياتي إلى النور لئلا توبخ اعماله، و أما من يفعل الحق فيقبل الى النور لكي تظهر أعماله أنها بالله معمولة." (يوحنا 19:3-21)

و نقرأ في القرآن الكريم:

"الله نور السماوات والارض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كانها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء" (سورة النور، آية 35)

نادر عبد الأمير