عشاق الله

لا يغلبنّك الشر

  لا يغلبن ّ ك الشر

يعيش العراق الشقيق تصعيدا في موجة العنف الطائفي، و انتشار أعمال الخطف والتعذيب والقتل والقصف العشوائي. فالأخبار تتكلم عن قتلى بالمئات، و عن قضاء العراقيين الخائفين ليال بلا نوم وهم يحرسون منازلهم ويتساءلون عمن سيكون عليه الدور بعد كل هجوم سواء من هذا الطرف أو ذاك. إنها حالة حرب لم يعرف لها التاريخ المعاصر مثيلا. كيف للأخ أن يقتل أخاه ببرودة الدم تلك. كيف يجيز مؤمن لنفسه أن يهد بيت الله على رأس أخيه المؤمن.

مهما قلبنا المسألة و بحثناها من جميع جوانبها السياسية و الطائفية و العقدية، فستتبدى بصمة إبليس في الأخيربارزة للعيان. قد يبدو هذا القول بلاهة و جهلا في نظر البعض، خصوصا أولئك المحللين السياسيين المتحذلقين الساهرين على صناعة الخبر و توجيه الرأي العام. لكننا نؤمن بأن الأشقاء العراقيين سيدركون آجلا أم عاجلا أن القتل و القصف و التخريب لا يصنع الكرامة و لا الحياة. و أن كتائب الرعب و الفتك ستصطدم بالإصرار العراقي على وحدة البلد التي هي ضمانة السلام في المنطقة بل و العالم.

إن كل الشرائع تشجب ما يقع في العراق ما عدا شريعة واحدة هي شريعة الشر. كل الشرائع هي ضد قتل الأبرياء العزّل الذين لا ذنب لهم سوى وجودهم صدفة في مكان ما تم التخطيط لقصفه أو تفجيره. نقرا في سورة الإسراء من القرآن الكريم: "ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق" (الإسراء:33)، و في سورة المائدة: "من اجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الارض فكانما قتل الناس جميعا ومن احياها فكانما احيا الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم ان كثيرا منهم بعد ذلك في الارض لمسرفون"

كما أن السيد المسيح قد رفض الطائفية و التعصب، و كل أشكال تمجيد الذات و التقوقع عليها، و ذهب في ذلك أبعد مما تصور إنسان حين نادى بمحبة الأعداء: "أحبوا أعدائكم، باركوا لاعنيكم، احسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم، لكى تكونوا أبناء ابيكم الذى فى السموات، فإنه يشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويمطر على الأبرار والظالمين" (مت 44:5،45).
"معتنين بأمور حسنة قدام جميع الناس.. سالموا جميع الناس... لا تنتقموا لأنفسكم... إن جاع عدوك فأطعمه.. وإن عطش فأسقه، لأنك إن فعلت هذا تجمع جمر نار على رأسه، لا يغلبنك الشر، بل أغلب الشر بالخير" (رو 17:12،19،20،21). هذه هي روح المحبة التي نؤمن انها سوف تنبثق لا محالة في قلوب العراقيين، و تجمعهم كالحملان و كالبنيان المرصوص تحت سماء الوطن الواحد، لأن هزيمة إبليس و دحره إلى بركة ناره هي مسالة وقت فقط. فلنصل لأجل السلام، و نثبت في الإيمان و الرجاء و المحبة.

نادر عبد الأمير