عشاق الله

الفلسفة و الإيمان: بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة

 

الفلسفة و الإيمان: بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة

احتفل العالم يوم 18 من هذا الشهر، تشرين الثاني (نوفمبر)، باليوم العالمي للفلسفة و ذلك بناء على دعوة منظمة اليونسكو. و قد أفردت عدة عواصم عربية احتفالات و أنشطة لهذا اليوم الذي اعتبره الكثير من المثقفين العرب مناسبة لطرح بعض الأسئلة الجوهرية من قبيل: هل هناك فلسفة عربية، الفلسفة العربية و السياسة، الخ.

نحن بدورنا نثمن هذه المبادرة، و نعتبرها مناسبة هامة لإعادة طرح مجموعة من الأسئلة الجوهرية التي بتنا نلاحظ منذ أمد غيابها عن ساحة النقاش، خصوصا ما يتعلق بمسألة الإيمان و العقل. فلا تخفى على أحد من المهتمين العلاقة التاريخية بين الفلسفة و الدين، و كيف بزغ نجم العديد من رجال الدين الفلاسفة الذين أثروا الفكر المسيحي بأطروحات نظرية أطرت السياق الفكري للعديد من المفاهيم المسيحية، نذكر على سبيل المثال لا الحصر توما الأكويني و توما الكمبيسي، من القدماء و كنيث كراغ Kenneth Gragg و دالاس و يلارد Dallas Willard من المحدثين. كما لا يخفى على أحد دور العديد من الفلاسفة المسلمين في تقعيد كثير من المفاهيم الإسلامية نظريا، و توفير الخلفية النظرية لمناقشة قضايا عدة تدخل في باب علم الكلام أو حتى علم المقاصد، و أحيانا علوم القرآن، أو غيرها من العلوم الإسلامية. نذكر في هذا السياق أبا نصر الفارابي، و يحيى بن عدي، و ابن رشد، و غيرهم من القدامى، و عبد الرحمن بدوي، و حسن حنفي، و محمد أركون، و عابد الجابري، و غيرهم من المحدثين.

السؤال اليوم بهذه المناسبة هو كيف نستفيد من الفلسفة لتحرير العقل من الإكراهات الدوغمائية سواء كانت مسيحية أو إسلامية، و نفتح أمام المسيحي و المسلم على السواء آفاق السؤال الفسيحة. كيف نستعين بالفلسفة على كسر طوق التعصب الذي يجعلنا رهينة للاعتقاد الأعمى في فرضيات لا تكاد تصمد لحظة أمام سؤال البحث و التمحيص. تطرح مقالة الأخ هاشم صالح المنشورة في هذا العدد كثرا من القضايا الجوهرية التي تهم علاقة الفلسفة بالإيمان، و تزيح الغموض و الالتباس عن الفهم الخاطئ لدور الفلسفة كما يروج له أعداء التنوير الذين يجعلون من الفلسفة نقيضا للإيمان، بينما هي الطريق الذهبي للتعرف على الإيمان النقي و تعميق العلاقة مع الخالق و خليقته.

نادر عبد الأمير