عشاق الله

دعوة للصلاة و الصوم

 

دعوة للصلاة و الصوم

نقرأ في القرآن الكريم آية عجيبة تحث على الدعاء، و تعد الداعي باستجابة الله لدعوته. و يزيد هذه الآية أهمية أنها موجودة مباشرة بعد آيات الصيام من سورة البقرة، مما يدل على ارتباط وثيق بين الدعاء و الصوم. تقول الآية{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ[186]}[سورة البقرة]. لذلك لا عجب أن يدعى شهر رمضان لدى المسلمين بشهر الدعاء.

هذا الارتباط بين الصوم و الدعاء(من يقول الدعاء يقول الصلاة أيضا) ذكرني بقصة مذكورة في  إنجيل متّى 14:17-21، و التي تتكلم عن عجز الحواريين إخراج أحد الشياطين العاتية من جسد صبي، و كيف أن سيدنا عيسى تقدم و زجر الشيطان فخرج لا يلوي على شيء و شفي الصبي، ثم كيف أن السيد المسيح وبخ الحواريين قائلا: "لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ بِزْرَةِ خَرْدَلٍ، لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهَذَا الْجَبَلِ: اِنْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ، فَيَنْتَقِلُ، وَلاَ يَسْتَحِيلُ عَلَيْكُمْ شَيْءٌ". لكنه أضاف شيئا ذا أهمية بالغة حين قال: "أَمَّا هَذَا النَّوْعُ مِنَ الشَّيَاطِينِ، فَلاَ يُطْرَدُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ".

لقد ربط السيد المسيح بين الإيمان من جهة، حين وبخ الحواريين على قلة إيمانهم، و بين الصوم و الصلاة و الدعاء من جهة أخرى ملمحا بذلك إلى أن الحواريين قصروا في الصلاة و الصوم، و لم يفعلوا ذلك بالقدر الذي يجعلهم أكفاء لزجر الشيطان فيخرج اللعين لا يلوي على شيء.

لذلك أدعو إخوتي المسيحيين بمناسبة هذا الشهر المتميز أن يختاروا خلاله يوما على الأقل يصومون فيه، أو أياما، و يكثروا من الصلاة و الدعاء تضامنا مع إخوانهم المسلمين، متضرعين إلى الله العلي رب إبراهيم و إسحاق و يعقوب أن يعم السلام في الشرق الأوسط، و يرتفع العذاب و المعاناة عن هذه الجزء المبارك من الأرض، و تبوء كل الشياطين التي تعيث هناك دمارا و قتلا للأبرياء بالخزي و الخسران. و لتكن صلاة حارة قوية كصلاة النبي إيليا لأجل المطر، ليتمجد اسم الرب، و تعلم كل الأرض أن العقد و الحل ليس بيد سياسي، أو زعيم جماعة، أو دولة مهما بلغت من القوة، بل بيد الله العلي. فلنصم لله العلي صادقين له الصوم، و لندعه صادقين له الدعاء. إنه المجيب الذي استجابته آتية لاريب، و مواعده صادقة لا تخلف.

نادر عبد الأمير