عشاق الله

في اللاعنف

 

في اللاعنف

هذه النبوءة العظيمة عن السيد المسيح في إشعياء 1:42-4

  "هوذا عبدي الذي اعضده مختاري الذي سرّت به نفسي.وضعت روحي عليه فيخرج الحق للامم. لا يصيح ولا يرفع ولا يسمع في الشارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة خامدة لا يطفئ.بأمانة يخرج الحق. لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الارض وتنتظر الجزائر شريعته 5 هكذا يقول الله الرب خالق السموات وناشرها باسط الارض ونتائجها معطي الشعب عليها نسمة والساكنين فيها روحا."

و هي النبوءة المذكورة أيضا في متى 19:12- 20

لا يملك المرء حقا إلا أن يقف مندهشا أمام هذا الترابط العجيب بين منتهى القوة الممنوحة من قبل الله، و منتهى الوداعة. و هو ترابط لم يتحقق أبدا بشكل مطلق في أحد من بني البشر. الشخص الوحيد الذي تحقق فيه هذا الترابط هو السيد المسيح. ففي أوج الشقاق بينه و بين رؤساء إسرائيل قرر هؤلاء التخلص منه بقتله. لكنه لم يعبأ بتهديداتهم، هو الذي كان بوسعه أن يقيم جيشا عرمرما من بين الجموع التي كانت تتبعه أينما حل و ارتحل. لكنه عوض أن يواجه العنف بالعنف، أي السلبية بالسلبية، أي الموت بالموت، واجه العنف بإعلان السلام هو القائل: "سلاماً أترك لكم، وسلامي أعطيكم، لا كما يعطيه العالم أعطيكم أنا. فلا تضطرب قلوبكم ولا تفزع." (يو 14: 27). لقد واجه التهديد و الموت بشفاء المزيد من الناس عوض تجنيدهم للدفاع عنه كما يفعل أي زعيم دنيوي. و بذلك انتصر على رؤساء إسرائيل، فعمت رسالته أرجاء المعمورة بشكل لم يسبق له مثيل.

و عندما أرسل تلاميذه الإثنى عشر ليبشروا الناس بكلمة الله لم يامرهم بحمل سلاح و لا أي أداة يدافعون بها عن أنفسهم، بل كانوا عزلا بكل ما في الكلمة من معنى: "أرسلهم ليبشروا بملكوت الله ويشفوا المرضى، وقال لهم لاتحملوا للطريق شيئا؛ لا عصا، ولا كيساً، ولا خبزاً، ولا مالاً، ولا يكن لأحد منكم ثوبان. وأي بيت دخلتم، ففيه أقيموا و منه إرحلوا. وكل مدينة لا يقبلكم أهلها، فأخرجوا منها وانفضوا الغُبار عن أقدامكم نذيراً لهم." (لو9: 2-5). و فعل نفس الشيء مع اثنين وسبعين آخرين حين قال لهم:"... إذهبوا، ها أنا أرسلكم مثل الخراف بين الذئاب. لا تحملوا محفظة، ولا كيساً، ولا حذاء،... وأي بيت دخلتم، فقولوا أولاً: السلام على هذا البيت، فان كان فيه من يحب السلام فسلامكم يحلُ به، وإلا رجع إليكم..." (لو 10: 1- 6). لقد أرسلهم رسل حياة و سلام، فقاموا برسالته و وصاياه خير قيام. فكان ذلك و لا زال سر قوة رسالة السيد المسيح. أما ما قام به الاستعمار و لا زال يقوم به الفكر الإمبريالي من استخدام لرسالة المسيح كذريعة لاستعباد الشعوب فلا علاقة له بتعاليم السيد المسيح السامية الناهضة لكل فكر استعبادي و المبشرة بملكوت الله الأبدي.

كما أن الكثيرين من القادة و الزعماء السياسيين مثل المهاتما غاندي و الزعيم الزنجي مارتن لوثر كينغ أسسوا حركاتهم التحررية على روح رسالة السيد المسيح فأعطت ثمارا عظيمة لم يكونوا ليحلموا بجنيها دون سلوك ذلك الطريق. و اليوم لا يزال أمام العالم حركات و شعوبا و دولا فرص كثيرة لاستلهام روح السيد المسيح في حل العديد من نقط التوتر و التعايش و محبة الآخر. لا زال متسع لنبدع في سبل السلام لا خطط الحرب، في المحبة لا أساليب الإقصاء و المراوغة. لا زال هناك متسع لنتعلم وداعة الذهاب نحو العالم.

نادر عبد الأمير