عشاق الله

يحيى بن عدي

الفيلسوف الإسلامي المسيحي

هو أبو زكريا يحيى بن عدي بن حميد بن زكريا  التكريتي. من أهم أعلام التراث العربي المسيحي، ولد في تكريت سنة 893م، وكان ينتمي الى الكنيسة السريانية اليعقوبية. غادر تكريت الى بغداد، و هناك تتلمذ على أبرز فلاسفة العصر، ونخص منهم بشر متى بن يونس وأبي نصر الفارابي والرازي الكبير.

انتهت الرئاسة في الفلسفة العربية الإسلامية إلى هذا الفيلسوف المسيحي. و قد كان ابن النديم أول من أطلق عليه صفة الرئيس و ذلك في "كتاب الفهرست" الذي لم يستعمل فيه هذه العبارة "إلا أربع مرات : بخصوص بقراط الطبيب اليوناني، وجالينوس الطبيب ، وأبي بشر متى بن يونس ، ويحيى بن عدي."

فقد كان الفارابي قد غادر بغداد منذ مدة ، وجال في سوريا ومصر طالبا العلم ، ثم استوطن حلب لدى الأمير سيف الدولة ، وتوفي في دمشق في رجب سنة 339 ﻫ (=14/12/950م إلى 12/1/951 م) . فأصبح يحيى رئيس المدرسة الأرسطوطالية في العالم العربي . فيه قال المسعودي: "لا أعلم في هذا الوقت أحدا يرجع إليه في ذلك ، إلا رجلا واحدا ، من النصارى ، بمدينة السلام ، يعرف بأبي زكريا بن عدي".

وقال عنه ابن النديم ، وهو أيضا من معاصريه ، بل من أصدقائه : "وكان أوحد دهره!" هكذا، منذ وفاة أبي بشر متى (سنة 940 م) وأبي نصر الفارابي (سنة 950 م) ، وحتى وفاة يحيى (سنة 974 م) أي خلال ربع قرن ، لم يكن من يضاهيه أو يقترب من مرتبته في الفلسفة ، في العالم الإسلامي كله ، وبالتالي في العالم أجمع ، إذ كانت الفلسفة اليونانية محصورة آنذاك في العالم الإسلامي.توفي سنة 974م و عمره واحد و ثمانون سنة، كتب خلالها ما يزيد على مئة خمسين مؤلفاً بين كتاب ومقالة في منها ترجمات فلسفية، و تفاسير لأرسطو ومفسريه، و مقالات في المنطق، و مقالات علمية، كما ألف في علم الكلام والأخلاق، و صدق الإنجيل وتفسير بعض آياته، و التوحيد والتثليث و التأنس، و اللاهوتيات.

من اهم مقالاته في صدق الإنجيل و تفسير بعض آياته:

- مقالة في إثبات صدق الإنجيل ، على طريق القياس 

- قول في اختلاف لفظ الأناجيل ومعانيها 

- قول في ذكر الأسباب الموجبة لاختلاف الإنجيليين ، فيما أتوا به في الأناجيل . 

- تأويل لجواب السيد المسيح للكاتب الذي سأله فقال : "ماذا أعمل لأرث الحياة ؟" في إنجيل لوقا 

- المسألة التي أنفذها إلى أبي الحسن زرعة بن سقراطيس ، وفيها حل الشك في قول السيد المسيح عن اليوم والساعة(18) 

- حل الشك في قول السيد المسيح ، إذ كان مصلوبا : "يا أبي ، إن أمكن ، فتتجاوزني هذه الكأس"

- مسألة سأل عنها الجهيني في قول الإنجيل : "إنه لن يصعد> إلى السماء ، إلا الذي نزل من السماء" 

- مسألة سأل عنها الجهيني أيضا ، في هذا المجلس ، في أنه مكتوب في التوراة : "إنّ كل مصلوب ملعون"

- تفسير قول الرب في الإنجيل : "إن الأصحاء لا يحتاجون إلى طبيب" 

- مسألة في معنى العذارى الحكيمات والجاهلات ، وتناقض القول في أن "بني العالم أحكم من بني النور في جيلهم" 

- مسألة في قول الإنجيل : "لا تبذلوا القدس للكلاب ، ولا تلقوا جواهركم قدام الخنازير" 

- تفسير قول الإنجيل الطاهر : "إن شككتك عينك ، فاقلعها ، أو رجلك ... وكل واحد يملح بالنار"

عن وفاته قال أبو العباس أحمد بن أبي "صيبعة (ت/1270م) في "عيون الأخبار:"وقال الأمير أبو الوفاء المبشر بن فاتك77: حدثني شيخي أبو الحسين ، المعروف بابن الآمدي ، أنه سمع من أبي علي إسحق78 بن زرعة79 يقول إن أبا زكريا يحيى بن عدي وصى إليه أن يكتب على قبره ، حين حضرته الوفاة ، وهو في بيعة مر80 توما بقطيعة الرقيق81 ، هذين البيتين:

رُبَّ مَيْتٍ قد صار بالعلم حيَّـا

ومُبَقّى قـد مات جهلا وعَيَّا

فاقتنوا العلم ، كي تنالوا خلودا

لا تَعُدّوا الحياة في الجهل شيَّا.

عن مجموعة التراث العربي المسيحي بتصرف.