عشاق الله

الإسلام و إرهاصات الثورة الإصلاحية

 

الإسلام و إرهاصات الثورة الإصلاحية

 

شكلت الفتاوى الأخيرة للزعيم الإسلامي السوداني الدكتور حسن الترابي حديث الساعة في أغلب المحافل الإسلامية. فقد أجاز د. حسن الترابي زواج المرأة المسلمة من الرجل الكتابي «مسيحيا كان أو يهوديا». و قال أن شهادة المرأة تساوي شهادة الرجل تماما وتوازيه، بل أحيانا تكون أفضل منه، وأعلم وأقوى منه. كما فند الحكم المعمول به من أن شهادة امرأتين تساوي شهادة رجل واحد. و زاد فأفتى بجواز إمامة المرأة في الصلاة المختلطة. كما قال أن الحجاب لا يعني ستر المرأة لكل جسدها و رأسها بل ستر الصدر فقط و بعضا من محاسنها. و قد أثارت هذه الفتاوى زوبعة من ردود الفعل بين العلماء المسلمين الذين وصفوا الترابي بالجهل بأمور الدين، و الهزيمة النفسية، و العمولة للغرب، إلى غير ذلك.

و قبل ذلك بسنة، و بالضبط في 18 مارس 2005 تجرأت المفكرة الإسلامية أمينة ودود على خرق الإجماع الإسلامي بإمامتها لصلاة الجمعة حيث اصطف خلفها المصلون رجالا و نساء. لكن علماء المسلمين ممثلين في مجمع الفقه الإسلامي بجدة استنكروا هذا الفعل، و اعتبروه فتنة مضلة و بدعة قائمة.

أظن أنه من السذاجة بل من الجنون نعت الزعيم الإسلامي حسن الترابي أو المفكرة الإسلامية أمينة ودود بالجهل بأمور الدين، و هما اللذان تشهد لهما سيرهما العلمية، و باعهما الثقافي الإسلامي الطويل، و كتاباتهما المتميزة بالإحاطة الدقيقة بأمور الإسلام، و بالدراية و الدراسة و التدبر قبل الإدلاء بأي رأي. كما أن دعوى العمولة للغرب واهية جدا لأن هاتين الشخصيتين بلغتا من الشأن ما يجعلهما غنيين عن محاباة الغرب أو أية جهة. بل هما واعيان أن ما يخسرانه من مواقع بمواقفهما تلك أهم بكثير مما قد يربحانه.

إن للزعيم حسن الترابي و للمفكرة أمينة ودود بحكم مركزهما المتميز داخل الحقل الثقافي الإسلامي كل الحق في أن يطالبا بإعادة النظر في مجموعة من الأحكام التي أصبحت ثوابت مقدسة دون أي سند نصي صريح سواء داخل القرآن الكريم أو السنة. و هي المسألة الذي بات يطالب بها اليوم العديد من المفكرين الإسلاميين المتنورين الذين لم تفتأ تتهددهم بسبب ذلك آلة الموت الرهيب التي يشهرها في وجوههم دعاة الجمود، مما يجعلنا نقول بكثير من التفاؤل أن الإسلام اليوم في بداية ثورة إصلاحية عميقة ستعيد للإسلام دوره الريادي و منعته الحضارية، و ترسي أسس الإشعاع الإسلامي الحقيقي المفتقد منذ عصور الانحطاط.

  نادر عبد الأمير