عشاق الله

تأملات في الاختلاف

مشعل عبد الحي

كثيرا ما أجبرتني الظروف بسبب عملي على المكوث في أماكن غير مألوفة لدي. لكن كان هذا دائما يمنحني الفرصة للتأمل في الكثير من الأشياء حولي، وفي علاقتي بهذه الأشياء وكيف تتناسب جميعها مع مشيئة الله في خلقه ومع خطته. فعلى سبيل المثال، ساعدتني ظروف عملي الأول في أوزبكستان أن أتأمل كثيرا في كيفية العيش والتعامل مع الناس في بلد حيث الفصول حادة المناخ، وحيث يقل التسامح مع أي معتقد ديني آخر من أي نوع، ناهيك عن تشجيعه. لكنني نشأت على فضول التعرف على الآخرين وثقافاتهم ومعتقداتهم، وأحببت كل فرصة تتيح لي ذلك، لأنه يبدو لي أنه لا أحد منا يحتكر الحقيقة.

أعتقد أن التواضع لله وخليقته قد يكون أعظم درس تعلمته خلال هذه التجارب. وكان التحدي الكبير دائما على أي حال بالنسبة لي هو معرفة أي من آرائي ومعتقداتي هي نتاج تربيتي وأيها هو جزء لا يتجزأ من الحقيقة الكونية. النوع الأول من المعتقدات والآراء لا يمكن انتقاله بسهولة من بلدي الأصلي إلى مكان آخر مثل أوزبكستان - ولن يكون هناك فائدة تذكر من مشاركته مع الناس هناك. لكن على النقيض من ذلك، فإن الحقائق الجوهرية والأساسية عن الله تبقى دائما وثيقة الصلة بأي بلد في العالم قابلة للتداول فيه.

هل الأرض قاحلة لأننا نحن الذين جعلناها كذلك؟ إننا نعرف بوضوح أن جزءا كبيرا من المشكلة في أوزبكستان ناتج عن الزراعة الأحادية (وفي هذه الحالة زراعة القطن) التي فرضها الاتحاد السوفيتي السابق على المنطقة كما يلاحظ أي زائر لمنطقة بحر الآرال. هل الناس غير متسامحين لأن التواضع في عالمنا الحديث لا يعتبر فضيلة؟ يبدو لي حقا أن الناس الأقل تواضعًا وأكثرهم غطرسة يكونون غالبا الأقل تسامحًا. مع ذلك أتساءل، إذا كنا حقًا خلقنا جميعا على صورة الله، فأي أساس لهذا التعصب؟ التشارك والتقاسم هما عمليتا أخذ وعطاء، ذلك انني لا أشعر أبدا بالتهديد من قبل شخص قد تختلف معتقداته عن معتقداتي ولا أسعى لتغييرها لأن أعظم شيء جربته في العمل على المستوى الدولي هو القدرة على مشاركة الناس: فعندما يحترم شخصان من ثقافتين مختلفتين بعضهما البعض بشكل يجعلهما يعتبران اختلافاتهما نعمة لا نقمة، فإن مكانة الاثنين على مستوى الخليقة تصبح أوضح.